تشهد المملكة نهضة حقيقية في صناعة البتروكيماويات، فمنذ إنشاء سابك في أواخر سبعينات القرن الماضي تتوالى الإنجازات بتحويل الغاز الطبيعي والسوائل البترولية إلى بتروكيماويات، تضيف الكثير إلى اقتصادنا الوطني، وتساهم في توظيف الشباب السعودي في وظائف مجدية مادياً. وفي هذا الإطار أشار وزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي النعيمي خلال افتتاح فعاليات المؤتمر السعودي الدولي الثالث لتقنيات البتروكيمياويات، قبل أيام في مدينة الرياض، إلى أنه من المتوقع أن تبلغ الاستثمارات الإجمالية في المصانع البتروكيماوية منذ إنشائها حتى عام 2016م 150 بليون دولار، وقد أدى ذلك إلى ظهور عشرات الشركات البتروكيماوية في المملكة، منها 14 شركة مطروحة في سوق الأسهم السعودية، والمزيد منها في الطريق، من أهمها: شركة سابك التي تعد ثالث أكبر شركة بتروكيماوية في العالم. وتقوم المملكة حالياً بالتركيز على إنشاء المصافي المتكاملة التي لا تقتصر على إنتاج الجازولين والديزل والكيروسين، بل تتعدى ذلك إلى إنتاج اللقائم البتروكيماوية من ايثيلين وبروبيلين وبنزين عطرى. وهذا سوف يؤدي إلى تعظيم المردود الاقتصادي من تشييد المصافي في المملكة. ومن هذا المنطلق، تعتبر مصفاة بترورابغ ومصفاة ساتورب في الجبيل أمثلة حاضرة على تكامل صناعة التكرير والبتروكيماويات في المملكة، والتي تهدف إلى تعزيز الفائدة من مواردنا الهيدروكربونية الناضبة. وتقوم الإستراتيجية السعودية الحالية على عدم الاكتفاء بتصنيع المواد البتروكيماوية الأساسية من ميثانول ومواد بلاستيكية مختلفة وتصديرها إلى آسيا وأوروبا. بل تسعى جاهدة إلى التقدم خطوة إلى الامام وتصنيع هذه المواد البتروكيماوية الأساسية الى مواد نهائية استهلاكية. وتقوم وزارة البترول -مشكورة- بالعمل الجاد؛ لجذب القطاع الخاص السعودي والعالمي للدخول في عمليات تصنيع المنتجات النهائية. ويوجد حالياً أربعة مشاريع رئيسة في هذا المجال، وهي: شركة بترورابغ بين أرامكو السعودية وشركة سوميتومو اليابانية، وشركة ساتورب في الجبيل بين أرامكو السعودية وشركة توتال الفرنسية، وشركة صدارة للكيميائيات بين أرامكو السعودية وشركة داو الأمريكية في الجبيل، ومصفاة جازان والمجمع الصناعي التابع لها. ومن جهة أخرى، أكد صاحب السمو الأمير الدكتور تركي بن سعود بن محمد رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، أن المملكة سترفع طاقتها الإنتاجية في مجال البتروكيماويات إلى نحو 100 مليون طن متري سنوياً، بما يعادل 10% من الإنتاج العالمي، بحلول هذا العام، لتصبح ثالث أكبر مصدر للبتروكيماويات على المستوى العالمي. وأوضح سموه أن المملكة تعمل بجد لبناء وتشييد المجمعات الصناعية البتروكيميائية الضخمة في مدينتي الجبيل وينبع الصناعيتين، اللتين تعدان الأكبر من نوعهما في العالم لتشجيع القطاع الخاص بتسهيلات غير مسبوقة ليحقق قطاع البتروكيماويات قيمة مضافة، تسهم في تنويع مصادر الدخل الوطني. وأشاد سموه بمساهمة أرامكو السعودية ودورها الحيوي في ترسيه قواعد الصناعات البتروكيماوية المتقدمة في المملكة، من خلال تأسيس شركة صدارة أكبر مجمع صناعي عالمي لإنتاج كميات كبيرة من البتروكيماويات المختلفة، مشيراً إلى المنافسة الشرسة بين دول العالم وفي مقدمتها الولاياتالمتحدة لإنتاج البتروكيماويات القائمة على الغاز الصخري والطبيعي الحر والمصاحب. لا شك أن إستراتيجية المملكة تتضمن الاستخدام الأمثل للطاقة وتعظيم الفوائد من استغلال المواد الهيدروكربونية والمعدنية، وتحقيق أعلى قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، من تخصيص الوقود واللقيم للشركات والجهات المعنية، مما يسهم في زيادة النمو والتنوع الاقتصادي، وتوفير فرص عمل مجدية للمواطنين. إن الصناعات البتروكيماوية ركيزة أساسية للصناعات السعودية، ولقد بلغت قيمة الاستثمارات في هذه الصناعات مبالغ خيالية لتوطين هذه الصناعة المرتبطة بالاحتياطيات النفط والغاز الطبيعي في المملكة. ولكن يبقى الالمام بالتقنيات المختلفة جواز عبور إلى المرحلة القادمة من الصناعات المتخصصة والتي تعتمد على القدرات البحثية أكثر من غيرها. ولذلك فإن امتلاك مفاتيح التقنية للمنتجات المتخصصة المبتكرة والتي تتم من خلال دعم البحث العلمي والتطوير، يعتبر من أهم ما نواجه به مستقبل هذه الصناعات التي تتغير سريعًا يومًا بعد يوم.