عندما تصل كلمة كتابة إلى مسامعك ينتقل انتباهك إلى الكتب والمقالات وإلى الكتاب المحترفين وأصحاب الصنعة، لا يتحدث الكثير عن الكتابة خارج هذا التصور. الكتابة في الأصل هي عملية تواصل كما هي الحال مع الكلام، تبادل أفكار ومشاعر ومعلومات وتتقدم على الكلام بحفظ أفكار التواصل للرجوع إليها في أي وقت في المستقبل، عندما بدأت البشرية الكتابة بدأت في تسجيل المصالح، العقود وتوثيق الشراء والبيع ونشر التعليمات، وما زالت حتى اليوم جزء أساسي من الأعمال. أقرأ بعض الملاحظات والتقارير في كثير من الدوائر والأنشطة فأشعر بالأسى، قيادات ومديرون وأصحاب مناصب رفيعة يخطئون في الكتابة بشكل مثير للاستغراب، بعضهم يخطئ حتى في صياغة الجملة العربية، كأن اللغة العربية ليست لغته الأم، معظمهم خريج جامعة عربية وتعلم في مدارس عربية ومع ذلك يرتكبون أخطاء في الكتابة لا تغتفر. الكتابة مهارة يجب أن يمتلكها الجميع، لا تكتمل مهارات الإنسان العملية دون أن يتمكن من أدوات التواصل المختلفة، أتذكر عندما كنت أعمل في التدريب يجري تدريب المديرين على فن الإلقاء والتخاطب وفن التفاوض وغيرها مع إهمال كامل لتطوير مهارة الكتابة. ثمة دورات كثيرة تعلم المديرين كتابة التقرير من الناحية التنظيمية دون الدخول في فن الكتابة نفسها، الكتابة مقرونة بالإبداع ولكنها أيضاً مقرونة بالأعمال والأعمال مثلها مثل الإبداع تحتاج إلى فصاحة، ثمة شيء واحد يجمع كل أنواع الكتابة المهنية والإبداعية: البناء الصحيح للجملة وقواعد اللغة والإملاء. يتعلم الطالب السعودي اللغة الإنجليزية في المدارس السعودية منذ طفولته حتى التخرج من الثانوية العامة ومع ذلك يتخرج لا يستطيع أن يصف كلمتين باللغة الإنجليزية ولا يعرف كيف ينطق أبسط الكلمات، هذا بالضبط ما يحدث مع نتائج تعليم قواعد اللغة العربية والتعبير والإملاء في المدارس، تشعر أن بعض خريجي المدارس السعودية لم يسمع بالموضوع. الخطأ الإملائي في الكتابة العربية غير مبرر، معظم الكلمات العربية تكتب كما تنطق، بخلاف اللغة الإنجليزية حيث تصادف مئات من الكلمات التي يتوجب عليك حفظ طريقة كتابتها بمعزل عن نطقها، يواجه الكاتب باللغة العربية ثلاث مسائل يحتاج أن يتعلمها، الهمزات والفرق بين حرف (ظ) وحرف (ض) وبعض الكلمات الأخرى مثل (لكن)، قضية الإملاء في العربية غير معقدة، قد يواجه الكاتب بعض الكلمات المرتبطة بإعراب الكلمة لكن هذي حالات قليلة يمكن حلها بإعطاء دروس مبسطة في قواعد اللغة. نتجه في هذه المرحلة إلى الاحتراف، لم تعد الأعمال في المملكة قائمة على الارتجال والهواية، من دون الكتابة السليمة لا يمكن أن يتشكل مديرون جادون. Your browser does not support the video tag.