عاد كثير من الشباب المبتعث بعد أن درسوا الإعلام والسينما بفكر ورؤية جديدين، ولا سيما في الإخراج وتوظيف الأجهرة والمعدات بشكل صحيح، وشاهدت عديدا من الأفلام التي أهنئ مخرجيها على إبداعهم في إظهار صور مميزة ورائعة، وبرزت عديد من الأسماء في هذا المجال؛ حيث لم يعد الوضع كما كان في السابق من حيث ندرة المخرجين المميزين، فأذكر قبل 20 عاماً تقريباً لم يكن هناك سوى أسماء قليلة ممن يتميزون برؤية إخراجية محترفة، وفي الغالب كنا نستورد المخرج من مصر أو سورية أو العراق، ولم يكن موضوع الإخراج قضية كبيرة تعيق المنتج، فإن لم يوجد المخرج المحلي، فيمكن الاستعانة بمخرج عربي، ولكن القضية الكبرى في مجال الصناعة التلفزيونية أو السينمائية هي النص "الورق". لا شك أن نجاح أي عمل مرئيا كان أو مسموعا مرهون بجودة القصة والسيناريو والحوار، نشاهد أحياناً أعمالاً سينمائية أو تلفزيونية بلغات أخرى، ونستمتع بالعمل دون أن نعرف الممثلين أو المخرج، ولكن ما جعلنا نتابع هو جودة القصة والسيناريو. اليوم نشاهد أعمالا سينمائية وتلفزيونية عديدة، قام بها أبناء وبنات الوطن، ولكن جل تركيزهم على الإخراج وجودة الصورة، وأهملوا أهم عنصر وهو "النص"، وقد لا يلام هؤلاء الشباب، فعلى أرض الواقع لو بحثنا عن نصوص مميزة، فلن نجد نصاً مكتوبا باحترافية عالية إلا ما ندر، وغالبية النصوص تخلو من الحبكات والتصاعد الدرامي والعمق في الموضوع، وهذا ما ينقصنا اليوم كصناعة تلفزيونية وسينمائية، وليست الكتابة كالإخراج يمكن استيرادها من الخارج، وإلا لم يكن هناك إشكال، فالمحتوى الفكري وكتابة سيناريو وحوار عن موضوع محلي يحتاج إلى كاتب من أبناء البلد، أو على أقل تقدير ممن عاشوا على أرضه؛ لأن التفاصيل الدقيقة التي من شأنها إنجاح العمل لن يستطيع فهمَها الكاتبُ المستوردُ، حتى إن تم شرحها له، لا بد من معايشتها والتغلغل في أسرارها، لكي تظهر بشكل مقنع على الشاشة. قرأت أخيراً كثيرا من السيناريوهات التلفزيونية والسينمائية المتنوعة في الكوميديا والإثارة والتراجيديا.. إلخ، لا شك هناك أعمال مكتوبة متميزة، ولكنها تعد على أصابع اليد الواحدة، والغالبية تقريباً تخلو من التصاعد والحبكة والمفاجأة وعمق الفكرة والإسقاط، والغالبية أيضاً تتميز بالسطحية وبالمشاهد الزائدة، التي لو حذفناها فلن يتأثر العمل، وهذا هو أسوأ أمر قد يسبب سقوط العمل، فالمشهد إذا لم يكن سبباً في تصاعد القصة، أو يفسر شيئاً داخل القصة، أو يربط بين مفاصلها، فهو مشهد لا قيمة له، ويسبب الملل للمشاهد، وهذا ما تتميز به غالبية أعمالنا. التطويل غير المبرر لزيادة وقت الحلقة أو الفيلم. نحن اليوم حققنا نجاحات عديدة في الإخراج والصورة بشكل عام، ولكن ما زلنا نخطو الخطوات الأولى في أهم عنصر من عناصر نجاح الصناعة التلفزيونية والسينمائية وهو "الورق". Your browser does not support the video tag.