التشرط والتحلوي والعيدية والحوامة مظاهر فرح لأطفالنا بالأمس لكنها تبقى لصيقة بالأمس قد لا ينفع إعادتها في زمن الرفاهية. عندما نعود بالذاكرة سنوات وسنوات وعدد من العقود تقترب من مخيلتنا صورة مجتمعنا بالأمس، وبالأخص أطفال كلهم براءة وفي بيئة بسيطة، كل شيء يفرحهم وقد تمتعوا بصفاء حياة الهدوء بأجوائها غير المتكلفة. وبلا مبالغة كل شيء بالفعل يسعدهم ويفرحهم ويدخل في نفوسهم السرور ويضفي على أجوائهم الابتهاج. من هذا المفهوم والجانب السهل للحياة والتفاعل تعامل المجتمع مع الصغار بكل يسر وسهولة، والأطفال أقبلوا وقبلوا كل مبادرة وكل هدية حتى إن صاحب المحل يعطي الطفل بعض السكر في جمع يده أو يضعه في جيبه فيشرق محياه فرحاً وسروراً، وأهل البيوت يدخرون قليلاً من القروش أو بعض الحلوى فيناولون كل طفل زارهم قطعة فينظر لها بفرح وشكر. إن أطفال زمان مضى ، سعادتهم في بساطة مجتمعهم، لا يتطلعون إلى أشياء بعيدة المنال، فصارت فرحتهم قريبة التناول، وبهجتهم في التفافهم حول بعضهم، تقاربت بيوت أسرهم وتواصلت فتجاذبت قلوبهم وتحابت. إنهم في زمانهم عالم مستقل بذاته، منفرد في ألعابه وعاداته، له ميدانه الطبيعي دون تصنع، أعطاهم الكبار انطلاقة وملكوا حرية تامة في التعبير عن فرحتهم، ولم تكن خطواتهم بعيدة عن سمع أهلهم وبصرهم فكانت الساحات والطرقات وفضاءات مابين الدور مسرح تنفسهم ولعبهم. قبل العيد تظهر في عالم الطفولة مصطلحات كانت معروفة في زمنهم، هي العيدية والتحلوي والتشرط، والحوامة، والبطاط، والقرقيعان، والحقاق. ليست ألعاباً ولكنها مظاهر تواصل وعادات تصاحب أيام العيد وما قبله، وكانت للأطفال فقط لا علاقة للكبار بها ولا شأن لهم بتنظيمها ولا مراقبتها، ولا يرتبون لها تنظيماً ولا يتدخلون في شيء منها، ولكنهم يعينون على استمرار الفرحة في نفوس أطفالهم بتوفير ما يمكن توفيره. فالتشرط مأخوذة تلك الكلمة من الشرط وهو في مفهوم قرى نجد الهدية للطفل خاصة، نظير قيامه بخدمة لأهله أو لغيرهم فهم يكافئونه بشيء مما يفرح به الطفل عادة، كالحلوى أو قليل من السكر أو القريض (الحمص ) وهي في الواقع أجرة، وتشجيع له لكي يكون خفيف النفس سريع الاستجابة لما يؤمر به مستقبلاً، وحتى لا تمل نفسه من الأمر والخدمة، وهي إحساس من الكبار بالرحمة والوفاء لهذا الصبي الذي خدمهم بجهده فلا يريدون بخسه. وكأن الشرط اتفاق مشروط، لكن بالطبع الجود من الموجود، وهو دائم طول العام لا يختص بالعيد، لكن ما يعنينا هو ما يأتي قبل أيام العيد، فهو شرط وهدية بلا مقابل. أما التحلوي فمأخوذ من تقديم الحلوى، وهو ما يحصل في أيام العيد من تقديم ما يسعد به الصغار الذي هم أشد ما يكون لشيء يقدم لهم مع الابتسام والرضا. هي ذكريات نريد لها أن تعود ولكن لا يبدو أنها تتناسب مع أطفال لديهم الكثير من الحلوى اليوم وكل أنواع الهدايا، فمثل أولئك لن تفرحهم قطعة صغيرة من الحلوى أو حفنة من السكن كما كان بالأمس. وإن قدمنا صورة مصطنعة فإنها لن تتعدى كونها مظهر لا عمق له. وقد تشوه بالفعل طبيعتها الأولى، وقد تخالطها وتختلط معها فوضوية تضر بتلك التراثية القديمة، سيارات تسير في الشارع وتنافس أهل البيوت في المظهر أيضاً، وبالتالي نحن نضر جداً بتلك العادات الجميلة البسيطة وذكراها أكثر من إحيائها وإبقاء طابعها جميلاً في الذكريات. وما كل ما زال وقته ومناسبته يمكن إحياؤه، ولا ما غاب أمكن استعادته، لذا تبقى تلك الأصالة في مكانها للذكرى ولعل الأطفال اليوم ينظر لهم طريقة تدخل عليهم البهجة تناسبهم وتناسب المجتمع المعاصر، ولا يكون فيها تقليد للأمس لأنه كان بجمال لا يمكن تقليده بسهولة. يقول الشاعر فيصل الرياحي رحمه الله: سلام ومن العايدين الفايزين أعمكم بالتهنئة حتى الطفل عيد علينا بالسعد دايم يعود والفضل للي مالحد غيره فضل أخيرا يقول الشاعر: جيت أشوف العيد في ضحكة طفل لابتسم فرحان بالثوب الجديد فرحة العيد في ضحكة طفل من الألعاب الشعبية فرحة بالعيد قديماً Your browser does not support the video tag.