منذ أن صدر الأمر السامي الكريم بفصل الثقافة عن الإعلام، بحيث تكونان وزارتين مستقلتين، وفتحت شهية كثير من المحللين والكتاب والمثقفين حول احتمالية فصل وزارات أخرى، أو إنشاء هيئات جديدة، الأمر الذي - من وجهة نظري - ليس بالسهولة التي يعتقدها هؤلاء المحللون والمثقفون؛ حيث لا بد أن يكون هناك عديد من الأمور؛ دراسات وتحليلات وغيرهما، للوصول إلى الحلول والنموذج الأجدر، سواء بالدمج أو الفصل أو إنشاء هيئة جديدة أو إعادة توزيع اختصاصات. وبالنظر إلى الأوامر الملكية الكريمة السابقة بدمج عديد من الوزارات، نرى أنه لم يكن الهدف الأساسي من وراء ذلك الدمج هو تقليص المصروفات فحسب، بل كان الهدف تحقيق التناغم والتفاعل المطلوبين بين تلك التخصصات والأفرع المختلفة، عن طريق وجودها في وزارة واحدة، وبحيث يكون مسؤولاً عنها شخص واحد، وبالتالي تستطيع هذه الوزارة تحسين الخدمات المقدمة للوطن والمواطنين، عن طريق تنفيذ تطلعات القيادة وخطتها الاستراتيجية، وخصوصاً فيما يتعلق برؤية المملكة 2030، إلا أنه في هذه الحالة من فصل الثقافة عن الإعلام، نستطيع إدراك مدى أهمية الطموحات والآمال لهذين القطاعين في الوقت الحالي، خصوصاً فيما يتعلق برؤية المملكة 2030، ما يترتب عليه ضرورة أن يتم فصل هاتين الوزارتين إحداهما عن الأخرى، للنهوض أكثر بهذين القطاعين وتحقيق تطلعات وآمال القيادة حفظها الله. إن مسألة إنشاء وزارة أو هيئة مستقلة أو دمجها له عديد من الأبعاد القانونية/التشريعية والاقتصادية والمالية قبل البت فيه والبدء في تنفيذه. فلا بد بداية من الإجابة عن السؤال المهم في هذه المعادلة: ما العائد من إنشاء أو دمج وزارة أو هيئة، أو إعادة توزيع الاختصاصات والمهمات؟ وقد يعتقد البعض أن المقصود بالعائد هنا هو ما يتعلق بالأمور المالية فقط، بل هو في الأساس العائد المعنوي من خدمات جديدة مقدمة للمجتمع أو لتحسين جودة الخدمات ونوعيتها؛ لتحقيق رفاهية المواطن، والوصول إلى نتائج أفضل مما هي عليه قبل هذا الدمج أو الفصل أو التوزيع. وفي حال كانت هناك إجابة واضحة عن هذا التساؤل المهم، يتم الانتقال إلى الأبعاد الأخرى المختلفة ذات العلاقة. فلا بد أن يكون هناك تشريع قانوني من أنظمة ولوائح واضحة لهذه الوزارة أو الهيئة، لكي تعطي لها التأصيل القانوني داخل المنظومة الإدارية، وبحيث يقوم على تنظيم العلاقة بينها وبين الوزارت والهيئات الأخرى؛ حتى لا يكون هناك أي تداخل في الاختصاصات، بعدها يتم الاطلاع على الدراسات المالية والاقتصادية الكاملة لهذا الفصل أو الإنشاء أو الدمج، وذلك لتحديد الوقت المناسب لبدء التنفيذ. وبعد هذا التوضيح المبسط، وبالنظر إلى الأوامر الملكية الكريمة السابقة بدمج عديد من الوزارات المختلفة، وإعادة توزيع الخريطة الإدارية والتشريعية، أعتقد أنه لن يكون خلال الفترة المقبلة أي فصل لوزارات أو هيئات، بل سيكون هناك عديد من عمليات الدمج على مستوى الهيئات. فقد تكون هناك حاجة إلى النظر في أداء واختصاصات عديد من الهيئات الحالية، وبحيث يتم دمجها مع هيئات أخرى حالية، وكذلك هناك عديد من الوكالات والتخصصات لدى وزارات تحتاج إلى الضم مع هيئات حالية قائمة، ما يتطلب فريق عمل يقوم بالمراجعة الكاملة (الاقتصادية والقانونية وغيرهما) للوصول إلى النموذج الأفضل للدمج أو الفصل. * محام ومستشار قانوني Your browser does not support the video tag.