لاشك أن الصيام يعتبر مربي الإرادة، وكابح لجماح الأهواء فهو يربي في النفس البشرية الصبر وقوة الإرادة، ذلك أن الصوم مدرسة عظيمة تربي الإنسان بكل مكوناته ومقوماته النفسية والروحية والعاطفية والخلقية والاجتماعية التربية المتوازنة، ولو تتبعنا أسرار الصيام وآثاره لوجدناها كثيرة ولا يمكن عبر هذه الأسطر القليلة تناولها بإسهاب.. ومنها الأثر الروحاني والأثر النفسي والأثر الصحي والأثر الاجتماعي والأثر التربوي والأثر الأخلاقي.. ولذلك سنتناول الأثرين النفسي، والاجتماعي للصيام في شهر رمضان المبارك، ومعروف أن الصيام مدرسة إيمانية عظيمة تزكي النفس وتمدها بطاقة نفسية كبيرة.. إذ تقوي صلة وعلاقة الصائم بربه سبحانه وتعالى وتصفي روحه من وراسب الشر ومثالبه، وبالتالي تجعله طائعاً محباً للخير ومبتعداً عن الشر كما يقوم الصيام على تدريب النفس وتربيتها وتهذيبها وتقويم السلوك الإنساني ومعالجة الانحرافات، وقد أمر الله جل شأنه بتزكية النفس في قوله تعالى: (قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها)، كما يقوم الصيام في شهر القرآن والغفران في حفظ التوازن النفسي والعاطفي والانفعالي والعصبي والوجداني للفرد فيدفعه بالتالي إلى ضبط النفس والحلم والعفو والصفح والتنازل ليس على سبيل الجبن والخوف والضعف ولكن من فضائل رمضان وثمرات الصوم أن يربي الفرد نفسه على هذه القيم والأخلاق والفضيلة، أما عن الأثر الاجتماعي لعبادة الصوم في رمضان تحديداً، فهو يتمثل في تعميق صلة الرحم وزيارة الأقارب والعطف على الفقراء والمساكين، والمسارعة إلى الإحسان والتسابق إلى الخيرات وإيجاد عاطفة الرحمة وتنمية روابط الألفة وتحقيق التكافل الاجتماعي. وأيضاً من الأثر الاجتماعي انخفاض معدلات الجريمة وتقلص الجرائم الاجتماعية من سرقات وحالات الاعتداء على العرض في المجتمع وغيرها من الجرائم، ومن الآثار الاجتماعية للصيام حصول المساواة فيه بين الأغنياء والفقراء والأقوياء والضعفاء حيث يفطرون في وقت واحد ويمسكون في وقت واحد في البلد الواحد، ومشاعر الجميع في هاذين الوقتين واحدة، وهو - لا مناص - أمر إيماني يربي الأمة الإسلامية على الوحدة والتساوي في المشاعر والأحاسيس، وعلى تقدير أهمية الوقت وأثره في الحياة الاجتماعية، لكن مع الأسف الشديد لا يخلو يوماً من مشاهد الخصام والنزاعات بين بعض الصائمين في مجتمعنا بسبب خلافات بسيطة، فالبعض فهمه للصيام مغلوط فسلوكه المروري وتعامله الأخلاقي يتنافى مع قواعد الضبط الديني والأخلاقي والاجتماعي، مع أنه ينبغي للصائم الاتصاف بالحلم والتسامح فحقيقة الصيام هي تربية نفسية وعاطفية وأخلاقية واجتماعية وروحية. Your browser does not support the video tag.