إن الدين هو الطريق إلى بقاء ودوام القيم الإنسانية والقيم الأخلاقية التي تعتبر إطار مرجعية لسلوك الفرد وأسلوب حياته. والأخلاق المستمدة من الدين تنظم سلوك الإنسان وتجعل في شخصيته ضميرا حيا يهديه إلى الصراط المستقيم ويحاسبه إن هو أخطأ أو انحرف وقد وصف الله رسوله بقوله "وإنك لعلى خلق عظيم" ويهل علينا في هذه الأيام شهرا عزيزا كرمه الله بعبادة الصيام ونزول القرآن وهو شهر رمضان. وتأتي فريضة الصيام بمعاني وفوائد كثيرة ذات جوانب نفسية ولها تأثيرات عديدة منها نمو الشخصية ونضوجها وأن تكون قادرة على تحمل المسؤولية حيث تتيح للإنسان أن يتفكر في ذاته ويتفهم قدراته ويقوى إرادته في التحكم بنوازعه ورغبات الدنيا لتكون تحت سيطرته فيكبح جماح نفسه ويترك العادات السيئة مثل التدخين وشرب الشاي والقهوة بكثرة والابتعاد عن المحرمات كي يحافظ على السلوك المستقيم الذي ينفعه وينعكس إيجابا على مجتمعه حيث أثبتت الدراسات أن معدل الجريمة ينخفض في مثل هذه الأيام مما يؤكد نمو القدرة على الامتناع عن العدوان والشهوات وميول الشر. وبذلك يخضع الصيام الملذات لإرادة الإنسان وفي الصيام يشعر الإنسان ببعض الضعف الجسدي والوهن نتيجة انخفاض السكر بالدم مما يجعله في حالة فتور وسكينة فيكون أكثر قابلية للإيحاء والخشوع والتوجه إلى الله والشعور بالتعاطف مع مشاعر الفقراء مما يؤدي إلى نمو أخلاق التراحم والتكافل الاجتماعي بين القادر والمحتاج وفي ذلك تعزيز لإيمانه بعقيدته ومبادئ دينه. وكلمة إني صائم في مواجهة الغضب والوقوع في المعاصي خلال هذا الشهر تجسد مدى تأثير هذه الفريضة في تحكم الصائم بانفعالاته وتقوية الإرادة. وفي هذا الشهر يزداد قرب الصائم من ربه وهذا يدعم في النفس شعورا بالثقة والقوة ورضا النفس بأداء فرائض دينها وطاعتها لله وذلك بسبب إحساسه أنه في معية الله فهل يوجد ما هو أعظم من ذلك، حتى أن بعض الدراسات تثبت أن اجتهاد المسلم في الصلاة وقيام الليل يتوافق مع بعض وسائل العلاج النفسي في علاج الاكتئاب فقد وجد أن استيقاظ المتهجد في الجزء الأخير من الليل يوازي وسائل العلاج بالحرمان من النوم في حالات الاكتئاب وتتحسن معها الحالة النفسية للإنسان. وسوف نكتشف باستمرار العديد من الفوائد النفسية في شهر رمضان كلما تفكرنا أكثر في فضائل فريضة الصوم ونتمنى أن يبلغنا الله هذا الشهر الكريم وبرزقنا بخيراته ويجنبنا نواهيه.