«على الرغم من الغموض الذي تتميز به البحوث في هذه البرامج، إلا أن النتائج الإجمالية تظهر أدلة واضحة على قدرة الإنسان على تلمس أشياء بعيدة زماناً ومكاناً بأساليب فوق حسية»، تلكم كلمات هارولد بوتهوف الخبير الروسي في أبحاث القدرات البشرية فوق الحسية في عصور الاتحاد السوفيتي. مقالة اليوم تناقش حروب ما وراء الطبيعة والقدرات فوق الحسية لدى بني البشر. ننطلق بداية من السؤال: ما هو علم القدرات فوق الحسية؟ يمكن تعريفها ببساطة بأنها الدراسات الخاصة بحدوث حالات إدراك عقلي أو حالات تأثير على الأجسام المادية دون تلامس مباشر معها أو اتصال بوسائل معروفة. ويطلق على هذا المجال مسمى «الخارقية» أيضا. وتجدر الإشارة إلى أن الكثير من العلماء لا يقر بهذه القدرات ويعتبر هذه الدراسات نوعاً من الدجل والخرافة. وبالمقابل أوضحت تجارب العلماء في هذا التخصص بأن هنالك أفراداً يمتلكون قدرات فوق حسية. ما الفوائد المرتجاة من هذه القدرات؟ تجيب على هذا السؤال أجهزة استخبارات المعسكر الشرقي أيام الحرب الباردة حيث خرجت تقارير تشير إلى أن الاتحاد السوفيتي كان يجري تجارباً على القدرات فوق الحسية لاستغلالها في حروب الجاسوسية. هذا الأمر دفع أميركا إلى إطلاق برامج بحثية في الفترة من 1970 إلى 1994م لدراسة القدرات فوق الحسية لدى البشر للأغراض العسكرية والأمنية. ومن أشهر الأسماء الحركية لأحد هذه المشروعات ما أطلق عليه مسمى (بوابة النجوم Stargate Project) والتي عملت أبحاثها في معهد ستانفورد للأبحاث وغيره. ولكن تم الإعلان عن إنهاء تلك المشروعات البحثية بناء على توصية من وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية العام 1995م كما هو معلن. ما هي القدرات التي شملتها هذه الدراسات؟ هنالك ما يطلق عليه الرؤية من بعد كرؤية الأحداث والأشخاص من على مسافات بعيدة. ومن القدرات ما يعرف باسم التخاطر العقلي (التيليباثي) دون استخدام الحواس الخمس. أضف لذلك القدرة على تحريك الأشياء من على بعد باستخدام القدرات العقلية والقدرة على التنبؤ بالأحداث قبل وقوعها. هل لدينا في تاريخنا حادثة ذات علاقة بالقدرات فوق الحسية؟ الإجابة هي نعم. ننتقل إلى عصر الخلفاء الراشدين وتحديداً العام 23ه الموافق 645م في عهد الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- والذي بعث الجيوش لفتح بلاد فارس وكان في قيادة إحدى السرايا سارية بن زنيم. وبينما الفاروق يخطب في الناس يوم الجمعة على المنبر رأى تلك السرية بقيادة سارية على بعد آلاف الكيلومترات وقد حاصرته جنود الفرس فما كان منه إلا أن صاح «يا سارية الجبل!» وأهل المدينة مستغربون. وتدور الايام ويأتي الرسول من بلاد فارس ليطلع عمر أن سارية ومن معه سمعوا صوت عمر الفاروق وأخذوا بنصحه في الالتجاء بالجبل وتمكنوا من دحر جنود الفرس. وفي الوقت الذي تنظر إليه كتب التاريخ لدينا إلى هذه الحادثة أنها من كرامات الأولياء فعلماء القدرات فوق الحسية قد ينظرون لها كمثال حي وواقعي على القدرة على رؤية المواقع البعيدة والتخاطب من على بعد في زمن سبق تقنيات الاتصالات والمعلومات بقرون. ولكن هل مازالت أجهزة الاستخبارات العالمية تواصل أبحاثها على القدرات فوق الحسية؟ لا أدري حقيقة. لكن الشيء الأكيد أن قدرات مثل هذه تحلم بها وتتطلع لامتلاكها كل دولة تسعى لتعزيز قدراتها الأمنية والاستخباراتية.. ورغم كل هذا التقدم التكنولوجي في علوم الفضاء والاتصالات وغيرها، فستظل الصراعات بين الدول على المصالح والنفوذ بما في ذلك في عالم القدرات فوق الحسية حتى وإن لم يعلن عنها.. Your browser does not support the video tag.