اليوم وقد مضى ثلث رمضان تقريباً، نستطيع أن نلقي نظرة واعية وشفافة على الدراما الرمضانية ونعطي نظرة أولية نقدية عنها، وإن كانت الدراما قابلة للتقسيم إلى فئات، فأكثر فئة يجب التوقف عندها هي فئة الأعمال التي صُنعت ب «استهتار»!. هناك أعمال تشاهدها فتعتقد أن صنعها تم بارتجال، اجتماع بسيط بين عدة أشخاص قرروا فيه تصوير مسلسل، دون أي ثوابت يقفون عليها، ومن ثم وُضعت فكرة، واختيرت أسماء الأبطال، وتم توقيع العقد، وبدأ التنفيذ فوراً.. هكذا، دون ورش كتابة، دون رؤية، دون عصف ذهني، ودون اهتمام. «عوض أباً عن جد» ينتمي لهذه الفئة من المسلسلات، فهو عمل صُنع على عجل، وكأنه قيل نريد «فانتازيا» فخرجت معهم هذه الأفكار بأقل من نصف ساعة، أحدهم قال «نريدها سداسية» وآخر قال «فلتكن كوميدية»، فقام الأخير بعمل نظرة سريعة على أسماء الممثلين المتفرغين الذين لا تربطهم أي التزامات مع أعمال أخرى، ليقع الاختيار على أسعد الزهراني وحبيب الحبيب.. وهكذا كان. مسلسل ليس له هوية، لا يقوم على فكرة، وليست هناك رؤية فنية تقوده، ورق مكتوب لتعبئة ساعة من الهواء بمسلسل يُقال إنه «للجمهور السعودي» حتى تتمكن MBC من عرضه في الفترة الذهبية بعد صلاة المغرب مباشرة وتحافظ على تواجدها بعمل يشبه ما اعتاد السعوديون على مشاهدته في هذا التوقيت كل يوم برمضان، ولكنه خذل ثقة القناة التي خذلت مشاهديها بطبيعة الحال بسبب هذا العمل غير المدروس! عمل آخر صُنع باستهتار ولا يوجد أي مبرر لخروجه بهذا الشكل، وهو مسلسل «مع حصة قلم» الذي تلعب بطولته نجمة قديرة بحجم حياة الفهد، التي تحمل كل العتب بشأن هذا العمل الضعيف كونها نجمة صاحبة تاريخ، شاركت في أهم الأعمال الدرامية على مر عشرات السنوات، تكتب وتؤلف وتنتج أيضاً.. يتساءل الجميع كيف وافقت على نص مليء بالخلل بهذا الشكل، وكيف شاركت ببطولته. مسلسل «مع حصة قلم» يقدم العائلة الخليجية في أسوأ أشكالها، والممثل الخليجي في أضعف حالاته، فظاظة في الحوار والتعبير يعتمد عليها جميع الأبطال في أدائهم الذي تسرب تأثيره للممثلين الصغار أيضاً، أصوات عالية وتنمر.. دون مبرر أو توقف!. «شير شات» الذي يعود به فايز المالكي، راشد الشمراني، وحسن عسيري، كثلاثية فنية للشاشة من جديد، هو عمل آخر صُنع باستهتار يجعلك تتساءل، كيف لأي جهة إنتاجية أن تقتنع بأن عملا ضعيفا مماثلا سيدر عليها أي أرباح! العمل عبارة عن مجموعة أفكار في ظاهرها جديدة ومختلفة عن الأفكار التي تدور حولها كل الدراما المنفصلة المتصلة طوال السنوات السابقة، ولكن وعلى أرض الواقع فالتنفيذ يُذكّر بأعمال التسعينات، كل شيء به متوقف هناك، وكأن العمل يخاطب مجتمع التسعينات الطموح للتغيير والذي يفتقد للفكرة والمعطيات والذي لم يكن يعرف شكل الدراما الكوميديا المحترفة فكان يوافق على ما يشاهده ويصفق له حتى وإن لم يكن مُرضياً بنسبة كبيرة! هذه عينة من أعمال صُنعت باستهتار للمشاهد الخليجي ولكن هناك غيرها الكثير، وكنا نتمنى لو أن كل قائم على تلك الأعمال ينظر للمشاهد بعين مختلفة، فمشاهد الأمس ليس هو نفسه مشاهد اليوم، لأن مشاهد اليوم تحول إلى ناقد، ناقد قاسي اللهجة ذو كلمة وتأثير، لديه ساحاته الواسعة التي تضع نقده على الملأ وتقوم بإيصاله للجميع، وهو ما جعل قاعدة «تواجد وفقط» التي كان كل النجوم في الخليج يعتمدونها سابقاً تصبح ملغية، لتحل محلها قاعدة جديدة مهمة تقول «احترم رؤية المشاهد وتطلعاته». فايز وراشد وحسن.. وعودة ليست بمستوى المأمول من مسلسل «مع حصة قلم» لحياة الفهد Your browser does not support the video tag.