نعم، لابد من سفر. الروح تتعب والجسد يُنهك وأوراق حياتنا لابد لها من ترتيب وإعادة تنظيم كي نجدد الهمم ونستعيد النشاط. حزمت أمتعتي وعزمت أن أسافر لأداء العمرة؛ تقرباً لله سبحانة وتعالى، وجددت نيتي وتوكلت على خالقي؛ لكي يكون العون واليد التي تهون عليّ وعثاء السفر وكآبة المنظر وكما يُقال "الرفيق قبل الطريق" فيا رفيق اركب معي إلى حيث تجديد الروح وتنظيفيها من غبار الدنيا وأتربتها. وكما أسلفت "الرفيق قبل الطريق" فقد وقع الاختيار على أطيب الرفقاء (كما كنت أظن) وأكثرهم علماً وفهماً للحياة، رفيق يشار له بالبنان وغالباً ما يشار له بالبنان. وانطلقنا، وبينما نحن في الطريق نتجاذب أطراف الحديث موضوع هنا وآخر هناك تطرقنا إلى العديد من الموضوعات لكن حدث شيء لم أكن أحسب له، ولم أتوقعه مطلقاً وذلك حسب ما قيل لي عن الرجل وعلمه وفهمه وكنت أتأمل أن تكون هذه الرحلة ذات طابع خاص، ونكهة مختلفة لكن ضحالة الفكر وفقر وسطحية التفكير والمعرفة أصابني الذهول وتعجبت، وازداد تعجبي كلما تحدث وتكلم سألت نفسي مرة وأخرى، أهذا هو الذي قيل عنه إنه الحكمة والفطنة والمعرفة؟! وما كان مني إلا أن بدأت أسأل وأُكثر في الأسئلة وأشدد فيها، وأُركز عليها وإذا بالرجل يعدّل من جلسته تارة ويدعي التعب تارة ويسعى في تغيير الموضوع تارة أخرى، لم أقصد أبداً الإهانة والاستصغار وأنا لست بصاحب معرفة مطلقة، وإنما أنا باحث عنهما وقصدت الرجل للاستزادة والاستنارة بمعرفته وعلمه، لكن ما دفعني إلى ذلك أردت أن أُؤكد له أنه فقط يعيش في جلباب رجل آخر، ويتقمص دور شخص مختلف عن الذي أتحدث معه الآن. صمتُّ ودون أن أشعر ذهبت إلى نفسي تتحسر على رجال رسموا صورة لأنفسهم وجمّلوها بمفردات وعبارات وقليل من الآي الكريم، وأقوال حكماء ومفكرين فقط لكي يظهروا للناس بمظهر مشرف وصورة لامعة براقة من أجل الوجاهة الاجتماعية الزائفة التي بنيت على مفردات وتراكيب لكي يقال: فلان ممثل بارع ويستحق جائزة الأوسكار العالمية في التمثيل، ولهذا إذا أردت أن تكون ممن يشار لهم بالبنان فعليك بإجادة تقمص الأدوار. Your browser does not support the video tag.