يتصدر المنتخب الفرنسي المجموعة الثالثة، لمنتخبات كأس العالم 2018 في موسكو الصيف المقبل، وفرنسا اسم الدولة مشتق من "فرانك" بمعنى "فرنجه"، وهو شعب "جرماني" استقر في فرنسا، وظلت هذه الكلمة تستعمل في العصور الوسطى، للدلالة على البلاد التي فيها فرنسا حالياً، وفي عهد فيليبوس الثاني تغير الاسم إلى فرنسا ليبقى هو الشائع حتى عصرنا الحاضر، وكان قبلها هذا الاسم هو فرانسيا بناء على تسمية ملك الفرنجة هيو كابيت. كانت لعبة الركبي قد فرضت حضورها في فرنسا، لكن كرة القدم استطاعت أن تنافسها وتتفوق عليها، ولم تكن فرنسا منفتحة لاستقبال هذه اللعبة الصغيرة بحجمها، والكبيرة في تأثيرها وفاعليتها، لكن مرور الوقت جعلها تصبح واحدة من أهم الرياضات التي تستهوي الشعب الفرنسي الذي بات يتعرف عليها مع مرور السنين حتى أصبح يمتلك منتخباً مميزاً. وكانت كرة القدم تلعب في فرنسا لكن بشكل غير رسمي، وتقتصر المباريات على الحواري والمدارس، حتى جاء عام 1863م وهو التاريخ الذي شهد تأسيس أول الأندية فيها، وينسب فضل تأسيس النادي إلى مجموعة من البريطانيين المهاجرين والعاملين في فرنسا، لكن النادي الذي لا يبدو اسمه واضح المعالم اندثر فيما بعد وأصبح نسياً منسياً، وفي عام 1899م تأسس نادي مارسيليا أحد الأندية الشهيرة فيها، وأبصر نور الكرة في البلاد وشق طريقه نحو كتابة التاريخ، ويعتبر هو أحد أقدم الأندية حول العالم، ومن أوائل الأندية تأسيساً، ويحل نادي رين في المرتبة الثانية في التأسيس عام 1901م ، ويحتل نادي نيس المرتبة الثالثة باعتبار الأقدمية بالتأسيس عام 1904، ويأتي في المرتبة الرابعة غانغون عام 1912، وعلى الرغم من شهرته الواسعة في العصر الحديث، إلا أن تأسيس نادي باريس سان جيرمان متأخراً، واكتملت عملية التأسيس عام 1970م، وقبله تأسس ليون أحد أكثر الأندية الفرنسية تتويجاً بالألقاب المحلية. تأسيس أول اتحاد في ظل شيوع لعبة كرة القدم حول فرنسا، بات من الضروري أن يجتمع الفرنسيون تحت مظلة اتحاد كروي يكون مرجعاً لهم في تطوير هذه اللعبة، وفي عام 1919م ولدت فكرة إنشاء الاتحاد، وكان امتلاك فرنسا لعقلية إدارية بإمكانات الفرنسي جول ريميه محفزاً في نجاح فكرة تأسيس الاتحاد الرياضي، لا سيما وأن ريميه استطاع أن يؤسس لكرة القدم واحدة من أقوى البطولات العالمية لها، والتي استمرت حتى عصرنا الحاضر تماماً مثلما استمر الاتحاد الفرنسي في عالم الكرة المستديرة. وتأخرت بداية الدوري الفرنسي كثيراً، فعلى الرغم من أن اتحاد الكرة ولد في عام 1919م، وكان يفترض أن يعقبه إنشاء دوري كروي لأندية فرنسا، إلا أن ذلك لم يحدث وظلت الرياضة الفرنسية من دون وجود دوري تنافسي فيها حتى عام 1932 الذي شهد إقامة أول دوري فرنسي، وظفر به نادي ليل الفرنسي وهي البطولة الوحيدة التي في خزانة هذا النادي، وحقق سيت لقب النسخة الثانية من الدوري الفرنسي، فيما جاءت النسخة الثالثة من نصيب سوشو الفرنسي، ويحتفظ سانت إيتيان بأكثر الأندية تتويجاً للدوري، (عشر مرات) على الرغم من أنه أمضى وقتاً طويلاً على تحقيقه آخر بطولة دوري والتي تعود إلى عام 1980، ويحتل مارسيليا المرتبة الثانية بعدد تسع بطولات، فيما جاء موناكو ثالثاً بتحقيقه ثمانية ألقاب دوري فقط، وعلى الرغم من أن ليون لم يكن في خزانته أي لقب في عام 2001 إلا أنه استطاع من خلال فرض سطوته وسيطرته على الدوري الفرنسي، أن يجمع برصيده سبعة ألقاب للدوري بعد تحقيق اللقب سبعة أعوام متتالية بدءاً من عام 2001 وانتهى بعام 2008 . حضور مخجل أوروبياً على الرغم من أن أندية فرنسا تسجل تواجدها في بطولتي دوري أبطال أوروبا والدوري الأوروبي "اليوروباليغ"، إلا أن الأندية الفرنسية فشلت في تحقيق أي لقب أوروبي لإحدى هاتين المسابقتين، وعلى الرغم من أن ليون ومارسيليا وباريس سان جيرمان من الأندية التي تحضر بشكل مستمر في البطولتين الأوروبيتين، لكنه حضور اقتصر على المشاركة ومحاولة الوصول إلى أدوار متقدمة من دون تحقيق لقب أوروبي إلى الكرة الفرنسية. تأسيس المنتخب سبق تأسيس المنتخب الفرنسي تأسيس اتحاد الكرة، ففي عام 1904 ابتدأ المنتخب مسيرته الدولية في المباريات والبطولات ولعب أول مبارياته أمام بلجيكا وانتهت بالتعادل 3-3، وسجل بخسارته أمام الدنمارك 17-1 عام 1908 واحدة من أقسى نتائج كرة القدم وأكبر هزيمة يتلقاها الفرنسيون منذ تأسيس منتخبهم حتى اليوم، وكانت دورة الألعاب الأولمبية الصيفية عام 1920 هي أول بطولة يشارك فيها منتخب فرنسا على ملاعب بلجيكا، إلا أنه لم يستطع أن يحقق اللقب الأولمبي واقتصر حضوره على المشاركة فقط. وفوق ملاعب الأوروغواي عرف العالم كله أول بطولة كأس العالم، كانت فكرتها فرنسية متمثلة بالراحل جول ريميه، فكان من الطبيعي أن يحضر منتخب فرنسا بهذه البطولة، ليس بواسطة ريميه ولكن البلد التي ولد منها إداري بعقلية ريميه منح كرة القدم فكرة ذهبية في إقامة هذه البطولة، لا بد وأن يكون ممتلكاً لمنتخب قادر على أن يتواجد في كؤوس العالم، وحضر منتخب فرنسا من ضمن منتخبات قليلة للمشاركة في النسخة الأولى، إلا أن حضوره الأول كان مخجلاً ولم يتجاوز دور المجموعات، بعد أن لعب ثلاث مباريات خسر اثنتين وكسب واحدة لم تشفع له بالبقاء في كأس العالم. تذبذب المشاركات المونديالية ظل منتخب فرنسا متواجداً في النسخ الثلاث الأولى من كؤوس العالم، لكنه في عام 1950 سجل غيابه الأول عن التواجد في كأس العالم التي لعبت في البرازيل، وعام في نسخة 1954 لكنه خسر من دور المجموعات، وفي مونديال السويد عام 1958 نافس على تحقيق لقب المونديال، لكن مغامرته توقفت عند المركز الثالث، وفي مونديال إسبانيا عام 1982 قدمت فرنسا منتخباً شرساً، كان يبحث عن اللقب العالمي الأول لكنه فشل في الوصول إلى هدفه، وانتهت مسيرته عند المركز الرابع، وفي مونديال المكسيك عام 1986 كان على مقربة من الاحتفال باللقب الأول، لكن هذا الطموح اصطدم أمام قوة ألمانيا الغربية في نصف النهائي. فرنسا بطل العالم للمرة الأولى غاب منتخب فرنسا عن نسختي (1990 و1994)، وقرر الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" منح باريس شرف استضافة كأس العالم نسخة 1998، خالج الشك الكثير من الفرنسيين في قدرة منتخبهم على المنافسة، فالمنتخب الذي غاب عن نسختين من كؤوس العالم، هل سيكون قادراً على مقارعة المنتخبات العالمية فوق ملاعبه؟ هذا السؤال الذي ظل الفرنسيون يطرحونه على بعضهم دونما أي إجابة كافية، ابتدأت البطولة وحققت فرنسا صدارة مجموعتها من دون أي خسارة، وفي دور ال16 عبرت بشق الأنفس أمام الباراغواي لتستعيد الشكوك إلى جماهيرها في قدرة المنتخب على التتويج، وأمام إيطاليا في دور الثمانية كان الفرنسيين ينتظرون الخروج، إلا أن ركلات الترجيح التي احتكم إليها المنتخبان قادت فرنسا إلى نصف النهائي، سقف الطموح يرتفع وفرنسا تقترب أكثر إلى لقب البطولة، تجاوزت عقبة كرواتيا 2-1 ووصلت إلى النهائي، أمام البرازيل كان امتحاناً صعباً ينتظر منتخب فرنسا والتي بات شعبها ينتظر أن يبقى الكأس في دولته ولا يغادرها، هذه الأماني والأحلام أهداها زين الدين زيدان إلى أبناء شعبه إذ قاد فرنسا إلى هزيمة البرازيل والتتويج بلقب كأس العالم لأول مرة. خيبة أمل وحلم ضائع شاركت فرنسا في مونديال كوريا واليابان عام 2002 ، وهي منتشيه باعتبارها بطل النسخة الأخيرة، طموحات الفرنسين كانت كبيرة جداً في أن يشاهدوا منتخبهم بطل المونديال مرة أخرى، هذه الطموحات انتهت بمشاركة مخيبة للآمال وخروج مرير من دور المجموعات، وفي كأس العالم 2006 فوق ملاعب ألمانيا، كانت قوة فرنسا تتمثل بخبرة ونجومية زين الدين زيدان الذي أبهر العالم بمستوياته الكبيرة وإمكانياته المميزة، فساهم في أن يحسم الكثير من المباريات لمصلحة بلاده في هذه البطولة، وأمام إيطاليا كان موعد الحسم الأخير، فرنسا في نهائي مونديال 2006، وفرصتها بتحقيق اللقب الثاني متاحة أمام لاعبيها، لكن الطليان وقفوا صامدين أمام القوة الفرنسية، واستطاعوا أن يهزموهم بركلات الترجيح، وقد ابتدأت ملامح الهزيمة الفرنسية منذ اللحظة التي غادر فيها قائد فرنسا زيدان بالبطاقة الحمراء، بعد أن سدد لمدافع إيطاليا ماتيرازي نطحة في صدره. ترقب لروسيا لم يقدم منتخب فرنسا أي أداء مميز في مشاركته في مونديال أفريقيا عام 2010، وغادر من دور المجموعات وعلى النقيض تماماً حاول المنتخب الفرنسي أن ينافس على لقب نسخة 2014 والتي غادرها من دور ربع النهائي أمام منتخب ألمانيا بعد أن خسر 1-صفر، ويترقب الفرنسيون بشغف ما سيقدمه الديوك في مونديال روسيا الصيف المقبل، وإن كان التنبؤ بإمكانية المنافسة يبدو صعباً، ففرنسا اعتادت أن تقدم نفسها في كل نسخة مونديالية بشكل متناقض، تنافس في نسخة وتظهر بشكل مخجل في النسخة التي تعقبها. وفي بطولات الأمم الأوروبية والتي ابتدأت فيها فرنسا منذ عام 1960، حققت اللقب مرتين، فكانت المرة الأولى عام 1984 حين استضافت ملاعبها البطولة الأوروبية، وعادت مرة أخرى عام 2000 لتتوج نفسها بطلة أوروبا فوق ملاعب بلجيكا وهولندا، وفي نسخة أمم أوروبا الأخيرة التي على ملاعبها عام 2016 استطاعت أن تصل للمباراة النهائية لكنها خسرت حظوظها في التتويج أمام البرتغال. زيدان قدم أداءً باهراً في أول مونديال تفوز فيه فرنسا طرد زيدان في نهائي 2006 أسقط منتخب بلاده Your browser does not support the video tag.