ظلت القارة السمراء فترة من الزمن أحد الأماكن المستترة، التي عمل في ظلّها نظام الملالي على تمرير عمليات غسيل الأموال، وتجارة المخدرات التي كانت ترتكز على تنظيمات مالية منظمة. بيدَ أن اعتقال السلطات المغربية قاسم محمد تاج الدين ينبئ عن استدراك حقيقي للمساوئ المالية، التي زعزعت القارة الأفريقية من خلال دعم الإرهاب اقتصادياً. حول ذلك قال فضل البوعينين - مستشار مالي ومصرفي متابع لشؤون المنطقة -، إن إيران تقف خلف جميع المشكلات الأمنية، عبر دعمها جماعات الإرهاب، واستغلالها الطائفية أداة لضرب الشعوب العربية بحكوماتها، والعمل على غرس بذور الفرقة والتشرذم وزعزعة الأمن، وأن نظامها هو الممول الأول للإرهاب ليس في المنطقة فحسبو بل في جميع دول العالم، ولعلي أشير إلى اعتقال قاسم محمد تاج الدين من قبل السلطات المغربية، وهو المتهم بتبييض الأموال والإرهاب، وهو أحد كبار مسؤولي مالية «حزب الله» في أفريقيا، والمسؤول عن تمويل التنظيمات الإرهابية في الدول الأفريقية، وما تبع ذلك من إجراءات سياسية مغربية توجت بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران بعد تكشف خيوط المؤامرة الإيرانية على المملكة المغربية ودعمها الانفصاليين «البوليساريو»، وهي خطوة إيجابية ستسهم في وقف التمدد الإيراني ونشر فكره المتطرف على الأراضي المغربية والدول الأفريقية الأخرى؛ كما أنها تشكل تحركاً نحو التقارب العربي الإسلامي، الذي يدفع نحو وقف تمدد إيران في المنطقة، ووقف تمويلها الإرهاب ودعم تنظيماته المتخصصة في زعزعة الأمن والاستقرار، وتدمير الدول العربية واقتصاداتها بشكل رئيس. وتابع قوله «أعتقد أن تمويل الإرهاب في المغرب العربي يهدف إلى زعزعة أمن الدول المستقرة وضربها من الداخل، وتحويلها مع مرور الوقت، ومن خلال فقدان الأمن، إلى دول فاشلة، لا يمكن إصلاح وضعها، خاصة مع تدهور وضعها الاقتصادي، ونستطيع الجزم بأن حقيقة النظام الإيراني كانت واضحة للسعودية، وقد حذرت منها مرارا وتكرارا؛ ونحمد الله أن تكشفت خفايا النظام الإيراني لحكومة المغرب، التي اتخذت قرارا إيجابيا ومنسجما مع توجه المنظومة العربية والإسلامية، وأجزم بأن الإجراءات المغربية الأخيرة كشفت عن حقيقة النظام الإيراني الداعم للإرهاب، وما يحيكه تجاه الدول العربية والإسلامية، وسعيه نحو شق الصف العربي، ونشر المشروع الإيراني الطائفي في المغرب كما حدث في سورية والعراق واليمن ولبنان، التي تحولت من دول مستقرة إلى دول فاقدة للأمن، تسيطر عليها ميليشيات تدار من قبل النظام الإيراني ومدمرة اقتصاديا وتنمويا. وأوضح البوعينين أن ما يقوم به النظام الإيراني من دعم وتمويل الإرهاب، وإشاعة الفوضى في الدول، يستوجب تحركا ليس من الدول المتضررة فحسب، بل من المجتمع الدولي، من خلال العقوبات الاقتصادية والسياسية والقانونية تجاه قادة النظام والحرس الثوري و»حزب الله»، وبما يضمن توقف النظام الإيراني عن نشر الإرهاب ودعمه وتمويله حول العالم. وبالتركيز على تمويل الاٍرهاب، نجد أن النظام الإيراني وأذرعه الإرهابية ومنها «حزب الله» ينشطون بشكل كبير في غسل وتمويل الإرهاب، ويتخذون من بعض الدول الأفريقية ممرات آمنة لهم، كما أنهم يستغلون النظام المصرفي اللبناني بشكل قد يؤدي إلى فرض عقوبات دولية على لبنان؛ بسبب بعض العمليات المالية التابعة ل»حزب الله»، وعلى علاقة بتمويل الإرهاب نجد أن الاتجار بالمخدرات بات من أهم مصادر تمويل الإرهاب الإيراني، إضافة إلى العمليات المنظمة لغسل الأموال، وجميع تلك الجرائم تحتاج إلى تدخل دولي لوقفها وتجفيف منابعها وحماية العالم من شرورها. من جهته، قال خبير الأمن الاستراتيجي عمر الرداد إن قطع المملكة المغربية علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، وطرد السفير الإيراني من الرباط، كان قرارا متوقعا على خلفية علاقات المغرب المتشنجة مع إيران، ليس فقط في إطار دعمها للبليساريو في الصحراء المغربية، بل لمحاولات سابقة لاختراق الشعب المغربي، من خلال جهود سابقة عبر سفارتها وملحقيتها الثقافية لنشر الفكر الطائفي في المملكة المغربية، ورغم نفي «حزب الله» اللبناني الاتهامات المغربية له بدعم البليساريو، إلا أن دوره في العراق وسورية واليمن ودعم جماعات متطرفة في بعض دول الخليج العربي، إضافة إلى تورطه الواسع في تجارة المخدرات، ووجوده في دول غرب أفريقيا، سهّل له إمكانية تقديم دعم للبليساريو، باعتبارها تستهدف أمن المملكة المغربية المتحالفة مع المملكة العربية السعودية ودول الاعتدال العربي. وذكر الرداد أن المملكة المغربية بقرارها ضد إيران تدق ناقوس الخطر الإيراني في شمال وغرب أفريقيا، وسيفتح هذا القرار الباب لإجراءات مماثلة ستقدم عليها دول أخرى في غرب أفريقيا والقرن الأفريقي، خاصة في ظل ما أصبح مؤكدا حول علاقات للحرس الثوري الإيراني مع تنظيمات إرهابية، على رأسها «القاعدة» و»داعش»، وفي ضوء القرار الأمريكي المتوقع بعد أيام حول تعديلات تطول الصفقة النووية مع إيران أو حتى إلغاءها، فإن متابعة نشاطات الإرهاب المدعوم من قبل إيران في أفريقيا يحتاج إلى تعاون حقيقي، ولا سيمّا في الإطارين الأمني والسياسي بين دول المنطقة لكشف المخططات الإيرانية. Your browser does not support the video tag.