مما تمتاز به مدينة الرياض في تاريخها الحديث، وربما القديم أيضاً، أن نشاط سكانها الترفيهي ممتزج على نحو دائم بمعالمها الطبيعية، كما أن مما يتسم به هذا النشاط هو تشكله على هيئة محاور ترفيهية يكون قطبها هذا المعلم الطبيعي أو ذاك مما يحف جنبات المدينة، وتكون في الغالب أماكن التنزه التي يروي منها سكان الرياض عطشهم الترويحي نهاية الأسبوع ومواسم الإجازات، يجسد ذلك تاريخياً محور البساتين الممتدة على واديها العتيد، وادي حنيفة، حيث كانت تلك البساتين هي أماكن الترفيه المبكرة ولحسن الحظ مازال هذا المعلم الطبيعي -بجهود الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض- يتنامى ويتسع دوره الترفيهي والترويحي في حياة سكان المدينة إلى هذا اليوم، من مواطنين ومقيمين، ولا ننسى محوري طريق الخرج وطريق الحجاز القديم الترفيهيين، اللذين كانا يؤديان إلى أماكن التنزه البري جنوب وغرب المدينة في وقت من الأوقات، واللذين كانا عامرين في الستينات والسبعينات والثمانينات الهجرية بالمقاهي والمطاعم التي تتناسب وتلك المرحلة، قبل زحف النمو العمراني إلى أماكن التنزه حولهما، وكذلك محوري طريق خريص وطريق صلبوخ في التسعينات الهجرية التي آلت أماكن التخييم والتنزه على جانبيهما - للأسف- إلى نفس المصير، وانتهاءً بالوضع الحالي على محور طريق الثمامة الترفيهي، الذي تولى هذه المهمة، وبدأ في ممارسة ذات الدور خلال العقود الثلاثة الماضية، من خلال استقطاب معلمه الطبيعي "متنزه الثمامة البري" وكثبان المنطقة الرملية هذا النشاط، الذي من أبرز عناصره، مقار المهرجان الوطني للتراث والثقافة، وقرية الجنادرية ونادي الفروسية، وعناصر الترفيه الأخرى من متنزهات ومطاعم ومقاهٍ، نرى البعض منها اليوم صامداً على طول امتداد ذلك المحور، بالرغم من بدء الزحف العمراني نحو مواقع التنزه المحيطة بها، واضمحلالها يوماً بعد آخر، نتيجة التفاف المخططات السكنية والتجارية حولها. إنه بقدر فرحنا الكبير بمشروع القدية وما يبعثه من وهج في النفوس نتيجة ما ذكر عن أثره الاجتماعي والاقتصادي المتوقع، وإعادة هذا المشروع إحياء محور طريق الحجاز الترفيهي في مساره الجديد، نتمنى ألا يطفئ هذا الوهج أنوار محور الثمامة الترفيهي، الذي يجب اعتباره مكتسباً تنموياً، من الواجب المحافظة عليه، وتعزيز سبل الاستفادة منه، والذي من بين أهم عناصره متنزه الثمامة، الذي نتمنى أن تحظى أيضاً خطة مشروعاته الترويحية والثقافية والسياحية، بالحصة التي يستحقها من استثمارات الصندوق التنموية. Your browser does not support the video tag.