سطرت القمة العربية، عنواناً للعمل العربي المشترك في مواجهة التحديات المصيرية خلال المرحلة المقبلة، يقوم على دعم القضية الفلسطينية، والتصدي للتدخلات الإيرانية في المنطقة، ولداعمي الإرهاب من بعض الكيانات والأطراف الإقليمية. وأجمع خبراء على أن المملكة استطاعت توحيد الدول العربية على قلب رجل واحد لمواجهة التهديدات والمخاطر التي تواجه الأمن القومي العربي، بعد تبني إيران وأطراف إقليمية مشروعات خبيثة ضد الدول العربية تقوم على إثارة الفتن والحروب الطائفية، وخلق أزمات وبؤر صراع تعصف بسورية واليمن، وتعمق الأوضاع في العراق ولبنان وليبيا، وتنشئ خلايا إرهابية لتهديد أمن الخليج العربي. القدس تتصدر الأولويات وقال د.عبدالحميد موسى أستاذ التاريخ والحضارة بجامعة الأزهر ل"الرياض": "المملكة تبذل دوراً مشرفاً في خدمة القضية الفلسطينية منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله-، والذي دعم الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية، وسخّر لها إمكانيات المملكة المادية والسياسية". مشيراً إلى أنه منذ ذلك العهد وحتى الوقت الراهن، أنفقت المملكة مليارات الدولارات لدعم الشعب الفلسطيني، كما شاركت في حرب 1948م بين العرب وإسرائيل، التي استشهد فيها عدد من السعوديين دفاعاً عن الأرض العربية الفلسطينية، كما تصدرت القضية الفلسطينية أولويات المملكة في المحافل الدولية. وأكد موسى أن البادرة التي صدرت عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- في تسمية القمة العربية بقمة القدس، تعد استمراراً للنهج السعودي بدعم الشعب الفلسطيني في أن ينال حقه في إقامة دولته الفلسطينية وعاصمتها القدس، موضحاً أن تبّني المملكة بمكانتها العربية والإسلامية لقضية القدس يعزّز اللُحمة العربية في دعم الفلسطينيين، ويحدد مسار الخطوات العربية في اتجاه دفع عملية السلام التي تنتهي بإقامة الدولة الفلسطينية المنشودة. من ناحيته أكد محمد محسن أبو النور، الخبير في الشؤون الإيرانية، والباحث المتخصص في العلاقات الدولية، أن قمة القدس أعادت ترتيب الأولويات العربية، موضحاً أن المملكة جعلت القضية الفلسطينية في مقدمة التحديات المصيرية التي تواجه الدول العربية، قبل التحديات الخاصة بمواجهة التهديدات الإيرانية، مشيراً إلى أن الخطوة السعودية أعادت القضية الفلسطينية إلى ذروة الاهتمامات العربية، بعد أن غابت طيلة السنوات القليلة الماضية، بسبب الأحداث التي طرأت على المنطقة. وأوضح أبو النور أن ما يبرز مدى الاهتمام السعودي العربي بجعل القضية الفلسطينية في مقدمة الأولويات العربية هو تخصيص ستة بنود من البيان النهائي للقمة تتحدث عن القضية الفلسطينية، وترفض الاحتلال الإسرائيلي، والتأكيد على بطلان وعدم شرعية القرار الأميركي بشأن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، والتحذير من مثل هذه القرارات بسبب تداعياتها الخطيرة على منطقة الشرق الأوسط بأكملها. التصدي للتدخلات الإيرانية في غضون ذلك، جاءت التدخلات الإيرانية في المنطقة في ثاني أولويات القمة العربية، حيث حرصت المملكة على رسم خارطة طريق في التصدي للخطر القادم من إيران لا سيما احتلالها لصنعاء وتدخلها في سورية والعراق ولبنان، ودعمها للتنظيمات الإرهابية المسلحة، والخلايا المتطرفة. وفي هذا السياق يؤكد الخبير محمد محسن أبو النور، أن المملكة تعتبر أبرز الدول العربية التي تتصدى للتهديدات والتدخلات الإيرانية المزعزعة للاستقرار العربي والإقليمي، ونجحت في جعل مجابهة إيران ثاني أولويات القمة العربية بالظهران، مؤكداً أن هذا المسار اتضح في البيان الختامي للقمة والذي اشتمل على أربعة بنود تستنكر وتدين الممارسات الإيرانية في المنطقة، وتسببها في خلق بؤر صراع في اليمن وسورية والعراق، وتأزيم الأوضاع في فلسطين ولبنان. وأشار أبو النور إلى أن البيان الختامي ضمّ بنداً لافتاً في التصدي لإيران، بالتشديد على إدانة احتلالها للجزر الإماراتية الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى، وأبو موسى)، والدعوة إلى حل القضية من خلال المفاوضات المباشرة أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية. من ناحيته أكد د. عبدالحميد موسى أن القمة العربية بقيادة المملكة نجحت في توحيد الدول العربية على قلب رجل واحد ضد التدخلات الإيرانية في المنطقة، موضحاً أن الأزمات التي أشعلتها إيران لا يطفئها إلا العمل العربي المشترك، الذي سعت المملكة إلى تعزيزه من خلال التحالف العربي لإعادة الشرعية باليمن، وتشكيل دول الرباعي العربي الداعية لمكافحة الإرهاب، وإنشاء التحالف العسكري الإسلامي لمكافحة الإرهاب، وانتهاج التوازن في العلاقات الإقليمية والدولية، مشيراً إلى أن نتاج الجهود والتحركات السعودية تكلل بالبيان الختامي للقمة العربية الذي أبرز مقدار اللُحمة العربية خلف المملكةفي ردع إيران وتأمين المنطقة. استعادة اليمن تميزت قمة الظهران بالإعلان عن تقديم الدعم الكامل لليمن حكومة وشعباً في مواجهة مليشيا الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران بالأسلحة والأموال، حيث نص البيان الختامي على أن التحالف العربي يؤمن استقلال اليمن ووحدته الترابية ويمنع التدخل في شؤونه الداخلية، ويحفظ أمنه وأمن دول جواره، كما ثمن مبادرات إعادة الإعمار ووقوف دول التحالف إلى جانب الشعب اليمني من خلال مبادرة إعادة الأمل وما تقدمه من مساعدات إغاثية وعلاجية وتنموية، والأعمال الإنسانية التي يقدمها مركز الملك سلمان للإغاثة. "الحفاظ على وحدة اليمن من التفتت".. يقول الخبير محمد أبو النور في شرحه لدعم المملكة والقمة العربية لليمن واليمنيين: "الدعم العربي يقطع الطريق على المخطط الإيراني لتقسيم اليمن إلى دويلات، كما يحفظ الأمن القومي الخليجي والعربي، وحركة الملاحة البحرية في مضيق باب المندب والبحر الأحمر". أما د. عبدالحميد موسى، فيؤكد أن القمة العربية عكست الإرادة العربية لدعم اليمن في فترة حرجة يتعرض خلالها اليمنيون إلى أبشع الجرائم ضد الإنسانية على أيدي مسلحي مليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران، موضحاً أن المملكة والدول العربية تدرك خطورة تحول الأرض اليمنية إلى مأوى للجماعات الإرهابية التي ترعاها إيران، وتهدد بها أمن جميع الدول العربية، مضيفاً أن البيان الختامي للقمة العربية يعكس مدى الاهتمام العربي المشترك في إنهاء الأزمة اليمنية والتخلص من التهديد الإيراني في هذه المنطقة الهامة من العالم العربي. Your browser does not support the video tag.