لم تكن جولةً واحدة بل جولات، ولم تحقق هدفًا واحدًا بل أهدافًا، وما كانت اعتيادية في افتتاحها كما في اختتامها؛ هكذا عهدنا الوطن شامخًا؛ آفاقُه السماء ومداده العطاء ومبناه كما معناه الانتماء للوطن والأمة والأصدقاء، وبذا مثلت رحلة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الحدث الأبرز محليًا وعربيًا ودوليًا، وعكست ثقل المملكة السياسي والاقتصادي والأمني والحضاري كما حملت معها برنامجها الطموح للتحول الإيجابي نحو البناء الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والاستثماري، وحظيت باهتمام عالمي، حيث المملكة هي القطب المهم والفاعل والشريك الاستراتيجي للدول الكبرى، كما يحكيه التأمل الشامل في الرحلة الخيِّرة التي امتلأت جداولها بالاجتماعات والاتفاقات والعقود والوعود، ويمكن عرض أبرز ملامحها في العناوين التالية: تصحيح الصورة الذهنية تبدلت ملامح الوطن تغييرًا وتطويرًا خلال الأعوام القريبة الماضية وتعدلت معها نظراتُ وتطلعات وتوقعات، وبقيت في الإطار صورٌ عتيقة لاتعبر عن مملكة التحول والرؤية فجاءت زيارة سمو ولي العهد لتجذر صورة الوطن المعتز بهُويته المنفتح في الوقت نفسه على العالَم استفادةً وإفادة وإطْلاعًا واطّلاعًا وعرضًا لخطط ومخرجات الإصلاح الشامل الذي تم ويتم في عهد وتوجيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وبمتابعة ومساندة، وتبني سمو ولي العهد حفظهما الله، واستطاعت الجولة في أوروبا وأميركا تصحيح مفاهيم، وتجسير تواصل، وتأسيس لغةٍ مشتركة للفهم والتفاهم. تعزيز الثقة في المناخ الاستثماري استهدفت الجولة تعزيز ثقة المستثمرين الأجانب بقوة الاقتصاد السعودي وأمن بيئته ومناخاته وبث الثقة الخارجية في الأسواق المحلية، وجذب المزيد من رؤوس الأموال الخارجية، وبخاصة في ظل التنافس بين رجال الأعمال الأجانب على الاستثمار بالمملكة في ظل الاستقرار السياسي والاقتصادي الذي تشهده البلاد، وتمثل اليقين به في توقيع وتفعيل عدد من الاتفاقيات الاقتصادية التي تستهدف المملكة من خلالها إلى توطين العديد من الصناعات المتقدمة وتطويرها وإعادة تصدير بعضها. تبادل الخبرات وتنويع العائدات حفزت سياسة المملكة الاستثمارية، وعلاقاتها المتوازنة، وتوفر كل مقومات الأمان الاستثماري عدداً من الدول التي شملتها الجولة لتوقيع اتفاقيات متنوعة للاستثمار المتبادل في إطار الشراكة الاستراتيجية التي تجمع المملكة بتلك الدول مما يدعم رؤية (2030) وبرنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي وتنويع مصادر الدخل وتحول المملكة إلى قوة اقتصادية رائدة، وهو ما يعزز مكانتها بوصفها حليفًا استراتيجيًا في منطقة الشرق الأوسط ومحور الربط والتواصل مع العالم، بحيث تستفيد المملكة من خبرات تلك الدول لتطوير مجالات التعليم والصحة والثقافة والترفيه وتنمية المجتمع، فضلاً عن العائدات المهمة على صعيد الأمن والدفاع والتعاون في تحقيق الأمن المشترك والاستقرار الإقليمي وتعزيز العلاقات الدفاعية مع تلك الدول. تدريب وتأهيل الشباب احتفت الزيارة الكريمة بشؤون الشباب وشجونهم وحفلت بالفعاليات واللقاءات التي علت فيها مصلحة الوطن الفتيِّ والمواطن المتطلع؛ فبحث سموه إثراء المحتوى العربي، وتدريب وتأهيل الشباب السعودي، وتعزيز مستقبل شباب الأعمال وإرساء صناعة السياحة والترفيه عبر مؤسسات وشركات عالمية رائدة اختارت المملكةَ وجهتها الثانية بعد أوطانها لإقامة مدن تفاعلية تتكئ على التقنية وتجذب المستثمر الوطني والأجنبي لإنشاء منظومة مدن سياحية وترفيهية مماثلة في المملكة. الالتقاء بالقادة خلال الجولة الناجحة بكل المقاييس التقى سمو ولي العهد بقادة تلك الدول في أعلى الهرم السياسي والتشريعي واجتمع بكبار مسؤوليها التنفيذيين، مما أبان القيمة والقامة المتميزتين لسموه، ولم يكتف بهذا بل حرص على لقاء بعض الزعماء السابقين مستعرضاً معهم رؤية المملكة ومستأنساً بخبراتهم الواسعة. توطين التقنية تفقد سموه العديد من الشركات العملاقة والرائدة في مجالات التقنية والدفاع والطيران والسياحة وتقنية المعلومات، واطلع سموه على أنظمتها المتطورة في إطار السعي لتوطين التقنيات الحديثة المتنوعة في المملكة العربية السعودية، وتحديدًا ما يخص الصناعات الإلكترونية والعسكرية. الأمن والقوة عكست الزيارات الخارجية لسموه إدراك المملكة حجم المخاطر التي تتهدد منطقة الشرق الأوسط والعالم أجمع، وتأكيد عزم المملكة على مواجهة تلك التهديدات بكل حزم، وعززت التعاون مع حلفائنا الإقليميين والدوليين. تأكيد برنامجي التحول والرؤية حملت الجولة تأكيداً على تحقيق التحول الوطني وتنفيذ برنامج الرؤية المعلن بما فيهما من بناء اقتصاد سعودي متين متعدد ومتنوع الموارد والجوانب،وبما يتضمنانه من مبادئ الشفافية والمساءلة والمحاسبة، وإعادة الهيكلة التنظيمية للعديد من الجهات الحكومية وتأكيدًا لمصداقية التحول والرؤية وما لقيتاه من إجراءات وما توفر لهما من إشادات زعماء تلك الدول وإعجابهم بالفكر الذي انطلقتا منه. السياحة الوطنية أكدت الزيارة أن إدخال صناعتي السياحة والترفيه ضمن المقومات الجديدة الرافدة للاقتصاد بقوة سيقلل من استيراد السياحة كما يوفر الكثير من الأموال التي كانت تنفق على السياحة الخارجية. الإنجاز بدءًا ومنتهى كانت مضامين الرؤية وتطلعات الوطن، وطموحات المواطن حاضرة في كل لقاءات القائد الشاب صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، وهو يجتمع بكبار قادة الدول الكبرى، وكبار المسؤولين ورجال المال والأعمال ضمن جولته التي بحثت صناعة مستقبل المملكة، وهو ما جعل زيارات سموه ذات لون مختلف لم يقتصر على البروتوكولات والبيانات المشتركة بل اتجه للعمل الجاد المتوازن الذي يحث خطى الوطن نحو مدارج العلياء. أخيرًا.. ارتحل سمو الأمير فحمل أحلام الوطن وعاد ليرسم غد الوطن، وكان المواطنون معه هناك كما الجميع به هنا؛ حفظه الله وسدد خطاه. * الرئيس التنفيذي لشركة الإلكترونيات المتقدمة Your browser does not support the video tag.