إن المسار الفكري لأي مجتمع يشكل صورة يمكن من خلالها تحقيق قراءة دقيقة لواقع المجتمع فكرياً؛ فالمجتمع إنما يحقق انعكاساً واقعياً للثقافة التي تسوده، فكل المعطيات الثقافية إنما هي تعبير دقيق الوضوح لما تؤمن به الثقافة السائدة. إن الأحداث الإرهابية التي اجتاحت العالم وشكلت خطراً يهدد الكثير من المجتمعات، وخصوصاً تلك التي ارتبطت بالمقومات الفكرية للمجتمع، وبالتالي خلفت ضرورة قصوى لمراجعة البنية الفكرية في المجتمعات ومنها مجتمعنا! خبرة المملكة الممتدة في محاربة الإرهاب لما يقارب من عقدين من الزمان أثبتت أن محاربة الفكر المتطرف ليس بسن قوانين وتجريم الأفعال بعد وقوعها، إنما من خلال زرع بيئات ثقافية متنوعة وتعددية فكرية وتأصيل للفنون الراقية. إن الترحيب بتأسيس دار للأوبرا أو أوركسترا في المملكة تتجاوز بعدها الترف الترفيهي إلى أبعاد فكرية ملزمة في عملية إعادة تشكيل هوية المجتمع السعودي الفكرية المواكبة لرؤية المملكة 2030، كان مشهدنا الثقافي يموج بصراعات حادة وشديدة بين تيارات تدعو إلى الانفتاح مع ثقافات العالم والتشارك معها بلغة عالمية واحدة هي لغة الفنون، وبين تيارات تدعو إلى الانغلاق حاملة شعار الانغلاق والتعصب والتطرف. فعانى مجتمعنا وعانينا من مشروع الصحوة الكثير والكثير من الويلات التي مكنت الإرهاب بسبب تلك التيارات المنغلقة والمتطرفة أو الجماعات التي كانت تمرر مشروعها السياسي بارتداء عباءة الدين، كجماعة الإخوان والتي تتركز على التبعية للشخص الواحد، والأيدولوجيا الواحدة، ولقد كان من آثار هذه المواجهة، حوادث التطرف والتكفير والإرهاب والتي لم يكن لها وجود حقيقي قبل هذه السنوات. Your browser does not support the video tag.