المتفحص للتاريخ الإيراني منذ العام 1979م إلى وقتنا المعاصر يستطيع قراءة الأسس التي قامت عليها هذه الثورة والغايات التي تريد الوصول إليها عبر التمدد السياسي والاقتصادي لها، فالفلسفة الإيرانية تقوم على المتاجرة بالمذهبية والطائفية لأهدافها السياسية الساعية نحو التمدد، لذلك يتضّح التجذّر العميق بينها وبين جميع التنظيمات الإرهابية التي تم تأسيسها في الشرق الأوسط بل وأبعد من ذلك. كما يشهد التاريخ بالتواجد الإيراني بالوكالة عبر التنظيمات التي يرعاها في مصر من خلال الجماعة المتطرفة التي نشطت في الثمانينات وبداية التسعينات من القرن العشرين بالإضافة إلى الامتداد الإيراني نحو الشرق في مناطق البشتون وهي المجموعة العرقية من جذور شرق باكستان وتقطن جنوب وشرق أفغانستان، وغلب على هذا التواجد الجانب المخابراتي. المعهد الدولي للدراسات الإيرانية أوضح في دراسة متخصصّة العلاقة التي تربط الملالي بالجماعات والتنظيمات الإرهابية حيث إنها لم تمانع يوماً ما من دعم المتطرفين سياسياً ودينياً، في المنطقة والعالم، لخدمة مصالحها، ومصالح حلفائها. لقد ظهرت سوءة الإيرانيين خاصة بعد الحرب السورية، وانتزاع ورقة التوت عن السياسة الإيرانية التي كانت دائماً تتشدق أنّ الأخلاق عمادها، وتتزعم نصرة المستضعفين، ودعم الحركات الثائرة والتحررية في العالم، فإذا بها تقمع تلك الحركات بحرسها الثوري، وتفتك المستضعفين بالبراميل المتفجرة، وتقتل اليوم من دعمتهم بالأمس فقط لأنهم اعترضوا سياستها. لقد تعاونت إيران مع الجماعة المتطرفة في مصر –نواة تنظيم القاعدة-، ومع تنظيم القاعدة وطالبان في أفغانستان، ومع الإخوان المسلمين وحماس، ثم تنقلب على كلّ هؤلاء بعد الحرب السورية وصنفتهم كإرهابيين، عندما تعارضت المصالح. ومع أنّ العالم كلّه صنّف تنظيم القاعدة تنظيماً إرهابياً ومع ذلك قامت إيران بإيواء عدد من قياداته بعضهم مطلوب لدى سلطات المملكة ودول الخليج، وبعضهم مطلوب لدى السلطات الأميركية. إذاً فمن الذي دعم الإرهاب من أول يوم؟! وبينت الدراسة أن إيران استفادت من الجماعات المتطرفة أكثر من استفادة تلك الجماعات من إيران، فقد اعتبرتها إيران ورقة ضغط إقليمية ودولية، ولعبت بوجودها على الأراضي الإيرانية، في حين أنّ تلك الجماعات لم تستفد شيئاً من إيران سوى وضعهم على قوائم الإرهاب!. وأوضحت الدراسة أن لدولة الملالي وجوداً قوياً في مناطق البشتون، ووجودها يتخذ طابعاً مخابراتياً. وتشير الوثائق إلى احتفاظ المخابرات الإيرانية بعلاقات وثيقة مع طالبان وتنظيم القاعدة في أفغانستان، وربما تلك النقطة هي الحائل دون انقلاب السياسة الإيرانية ضد طالبان والقاعدة انقلاباً جذرياً، نظراً لاحتياج الدولة الإيرانية إلى المنظمتين في أفغانستان لما تتمتعان به من شعبية وحشد هناك بين القبائل. وتشير الوثائق إلى ضبط شحنات من الأسلحة الإيرانية لدى المنظمتين، ومع نفي الحكومة الإيرانية بيعها السلاح لأي من المنظمتين، إلا أن هناك مؤسسات غير حكومية تقوم بهذه المهمة. وإن استخدام طالبان لأسلحة إيرانية وتفضيلها على الأسلحة من المصادر الأخرى يدل على رواجها، في أفغانستان، وعلى رخص سعرها بالنسبة لجودتها، وملاءمتها للبيئة الأفغانية، إيران تتعامل مع كل المنظمات في أفغانستان المحظورة وغير المحظورة، وتتعامل مع طالبان رغم التباين السياسي والأيديولوجي، وتجعلها محل تجارب لأسلحتها الصغيرة فعلاقة إيران بالقاعدة وطالبان في أفغانستان يحفظ لها أوراق قوة وضغط داخل أفغانستان وهذا مهم جداً للإيرانيين لأهمية وطبيعة أفغانستان يحقق لها نوعاً من التوازن الأمني والاقتصادي، وضمان عدم وجود جارٍ قوي يصعب اختراقه أو التأثير في قراره بالإضافة إلى وجود سوق للسلاح الإيراني والبضاعة الإيرانية كذلك الضغط على بعض الدول الإقليمية والدولية. وذكرت الدراسة أن للملالي علاقة وثيقة بداعش، فقد ألمحَ عددٌ من الباحثين إلى وجود علاقة بين إيران وتنظيم داعش الإرهابي، وذلك لوجود عدد من المصالح والأهداف المشتركة بين الجانبين، وهذه بعض الدلائل: تجاهل البغدادي لإيران في خطاباته رغم أنه ذكر دولاً كثيرة منها دول إسلامية، استهداف الشعوب العربية والإسلامية، وتفخيخ المساجد، وتكفير الأنظمة، وهو اتجاه إيران نفسه، ويصبّ في مصلحتها المباشرة، كما تعتقد إيران أن لا شرعية للأنظمة السياسية في المنطقة وهذه رؤية داعش نفسها، والتحدث باللغة الطائفية، واستهداف الآخر بدنياً ومعنوياً، وإيران كذلك طائفية بالدرجة الأولى، فخطابها طائفي وأفعالها، وهنا يلتقي الطرفان، كما أن داعش وصلت لحدود إيران ولم تتقدم لاختراق الحدود الإيرانية، كذلك في سورية لم تستهدف داعش ميليشيا إيران الطائفية ولا النظام السوري، بل تصب كل جهودها ضد الثوار، وبوجه عام فإن النظام الإيراني هو نظام تسيطر عليه عقلية الميليشيات، فبقاؤها من بقائها، فهي ليست دولة مؤسسات بل دولة ميليشيات طائفية، ولا تريد للإرهاب أن ينقطع، ولا تريد اجتثاثه من جذوره. ولإيران سجلّ حافل في العمليات الإرهابية بواسطة رجالها وميليشياتها، ومن هذه العمليات: اقتحام السفارة الأميركية العام 1979م في طهران، واحتجاز الدبلوماسيين الأميركيين لمدة 444 يوماً. اقتحام السفارة السعودية في طهران 1987م. وقتلوا أحد الدبلوماسيين السعوديين، وتمت إصابة القائم بالأعمال والتعدي على أسر وأطفال ونساء. الاعتداء على السفارة الفرنسية 2010م. الاعتداء على السفارة البريطانية 2011م، واقتحمتها بذات الأشخاص الذين يتظاهرون كلّ مرة ويقتحمون إحدى السفارات. اقتحام السفارة السعودية 2015م. وحاولت اقتحام القنصلية السعودية في مشهد. ضبط ثلاث خلايا تجسس إيرانية في المملكة، وسبع خلايا في الكويت، واثنتين في اليمن، وواحدة في الإمارات، واثنتين في البحرين. وذكرت الدراسة أن إرهاب النظام الإيراني شمل بعض المعترضين على سياساته كما حصل في الثورة الخضراء سنة 2009م. وكذلك قامت بعمليات تصفية لشعب الأحواز، ودعمت حزب الله اللبناني في حربه ضد حركة أمل 1985م. ودعمت أرمينيا المسيحية، ضد أذربيجان، هذا تاريخ إيران الطائفية الإرهابية، ومن ثم فوجودها من وجود الميليشيات، وبقاؤها من بقاء الإرهاب، فمن الطبيعي أن تؤسس جيوشاً من الإرهابيين، كي تكون ذراعاً لها في جرائمها وانتهاكاتها، فعلى صعيد المنظمات الإرهابية لم تتوان إيران عن دعمها، مالياً ولوجستياً، وعسكرياً، لبسط سيطرتها على المنطقة، كما هو الحاصل في سورية واليمن، وفي سورية وحدها تشير التقارير إلى أن إيران تدعم 15 تنظيماً طائفياً يقاتل بجانب بشار الأسد وهم: حزب الله اللبناني- الحرس الثوري الإيراني- أنصار الله "عناصر يمنية حوثية"- لواء "أبو الفضل" العباس- لواء ذو الفقار- كتائب حزب الله العراقي- كتائب سيد الشهداء- قوات الشهيد محمد باقر الصدر- عصائب أهل الحق- حركة حزب النجباء- فيلق الوعد الصادق- لواء أسد الله- فوج التدخل السريع- جيش المهدي. وفي العراق أيضاً تدعم إيران عدداً من التنظيمات الطائفية الإرهابية التي تقوم بعمليات إبادة جماعية وجرائم حرب ممنهجة كمثيلاتها في سورية، ومن هذه التنظيمات: فيلق بدر- سرايا السلام- عصائب أهل الحق- كتائب حزب الله العراقي- سرايا الدفاع الشعبي- لواء أبي الفضل العباس- الحشد الشعبي. وعن الحراك العبثي للحوثيين في اليمن قالت الدراسة، قامت إيران بدعم جماعة عبدالملك الحوثي، واستطاعت بمرور الزمن وبسياسة النفس الطويل عن طريق الدعم الدؤوب والتدريب المستمر، إلى احتواء واحتضان الحركة، وتحويلها إلى أداة لينة موالية تمام الموالاة للسياسة الإيرانية، وإخراجها عن المشروع الوطني اليمني. وبعد أن كانت حركة عربية زيدية صارت حركة فارسية اثنا عشرية، تسعى لإنهاك دول الجوار، والتعدي على الأمن القومي الخليجي لصالح المشروع الإيراني، وجرائمها في اليمن أشهر من أن تُشهر، وأكثر من أن تُحصر تلك الجماعات الطائفية التي مكنت إيران من السيطرة على ثلاث عواصم عربية، وفقاً لحيدر مصلحي وزير الاستخبارات في حكومة أحمدي نجاد. تظاهرات 1979 بداية نهاية نظام الملالي Your browser does not support the video tag.