يقف المرء حائراً أمام بعض الظواهر التي لا يجد لها تفسيراً، فالحوثيون يطلقون صواريخاً باليستية باتجاه المملكة!، وتنظيم الحمدين يقرصن الجو بدفع طائرات حربية لاعتراض الطائرات المدنية!، وكلاهما يخدمان أجندات سياسية لأطراف إقليمية تهدد الأمن القومي العربي. ففي الملف اليمني، يطلق الحوثيون الصواريخ الباليستية الإيرانية صوب المملكة، رغم تأكيد خبراء أمنيين أن الصاروخ الباليستي يكلف جهداً وعبئاً ثقيلين سواء في تفكيكه أو تهريبه لليمن، ثم إعادة تجميعه. واستعانة الحوثي بخبرة الملالي فيه تكلفة باهظة. ولطالما أدرك الحوثيون أنه من المحال اختراق أجواء المملكة أمام حفظ الله لها ثم يقظة قوات الدفاع الجوي الملكي السعودي، لا يريدون أن يفهموا أنهم يمارسون عملاً عابثاً، ويكررون التجربة المرة تلو الأخرى. وعلى صعيد آخر، تطير طائرات حربية تابعة لتنظيم الحمدين لا أحد يعلم من يقودها من المرتزقة الذين يسيطرون على الدوحة؛ لتلاحق الطيران المدني الإماراتي في جريمة أدانها العالم، واعتبرها ضرباً من الإجرام، فيكون العجب كل العجب، لماذا تتكرر المحاولة؟، وما الهدف؟ يأتي ذلك رغم الشواهد التي تدلل على أطماع إيران التوسعية، وأساليبهم في الوصول إلى ما يخططون له، فالحوثيون يطلقون الصواريخ بأوامر من طهران، وتنظيم الحمدين يتصدى للطيران المدني بطائرات حربية بأوامر من طهران. ورغم أن المملكة تستطيع أن تدك مواقع الحوثيين، وتسويها بالأرض في أيام قليلة، إلا أنها جعلت الحوثيين والحمدين يضيقون ذرعاً بحكمتها التي لا توجه السلاح نحو صدر شقيق، وتراعي عند اشتباكها مع الميليشيات ألا تصيب طفلاً لا ذنب له. بيد أن الإيرانيين يتعجلون الوطيس، بالإيعاز إلى الحوثيين بتوجيه الصواريخ للمملكة على أمل إثارة المملكة، والإيعاز إلى قطر بمضايقة الطيران المدني الإماراتي أملاً في أن تقوم المملكة بتدمير الطيران الحربي القطري كله، ويعلمون أنها تملك هذه القوة، حيث تريد طهران ذلك لكي يكون ذريعة لمزيد من عرض الخدمات على الحوثي والحمدين. ويؤكد المراقبون أن إيران تخطط حالياً للاستيلاء على قطر، فتدفعها إلى حماقة إرهاب الجو، والتمادي في تهديد المصالح العربية، ثم تعرض طهران خدماتها بعد إشعال العلاقة بين الدول التي تزعم صداقتها، وبين دولة قوية كالمملكة أو الإمارات؛ حتى تجد فرصة لدى تنظيم الحمدين الذي تجرع الغباء بتوجهه إلى الفرس، ورغم ذلك فإن قلوب الأشقاء تحوط قطر، التي اختارت الارتماء في أحضان إيران، فيكون الحال أن يستجير الشقيق من شقيقه الذي يرعاه بعدو لا يأمن له، فأصبحت شوارع قطر تغص بالحرس الثوري الإيراني، وتطمع طهران في المزيد. وتظل لوحة "عودة الابن الضال" للرسام الهولندي الشهير رامبرانت أنموذجاً تاريخياً للضالين الذين عادوا نادمين إلى أهلهم بعد أخطاء جسيمة، فاللوحة تحكي عن شاب في أسرة بالغة الثراء يتشكك في إخوانه؛ فيهرب بعيداً عنهم، ولأنه يعشعش الخوف في وجدانه؛ يشتري من يحميه؛ فيلجأ إلى أعداء جنسه؛ ويشكل منهم عصابات لحمايته، وحين أفاق من غبائه، وفهم الدرس، وجد أن من صادقهم ينقلبون عليه، وأنه مهدد بأن يصبح فريسة مستباحة لهم، فيفيق ويعود إلى أهله، فيجدهم قد وراهم الشوق إليه، ويرحبون بعودته، لأنهم رأوا أن هذه العودة استفاقة للعقل. وهذا تميم بن حمد، المحاط بالأخوة والأحباب الذين ساندوه في كل الأحوال، وبسبب تشككه فيهم؛ يستجير بأعدائهم وتمادى في ذلك؛ وشرد شيوخ القبائل القطرية؛ وأسقط الجنسية عنهم، كأنما يريد استبدال شعبه بشعب آخر. فالأشقاء صبروا عليه عله يستوعب الدرس، لأنها مدركة أن السلاح العربي لا يوجه لصدور عربية، وأنهم بذلك يمكنون الإيرانيين من غزو قطر. فهل يفهم تميم هذا الموقف؟!، وهل يفهم الحوثيون أنهم يضربون رؤوسهم في جدار منيع؟!. فتنصلح أحوالهم؟!. وفي وقت قريب، ظن البعض أن تميم دخل مرحلة عودة الابن الضال بعد إصداره لقائمة تضم أسماء بعض الإرهابيين المدرجين على قوائم الإرهاب، لكن اتضح فيما بعد أنه يواصل اللؤم، ومازال غارقاً في أوهام الفرس. Your browser does not support the video tag.