«صندوق زجاجي» تشبيه أعجبني استخدمه أحد المواقع الأجنبية لتوضيح العلاقة بين العلامات التجارية والمُستهلكين، في ضوء وجود مواقع التواصُل الاجتماعي، يعكس التشبيه مستوى جديداً آخر للتعامُل بين العلامة التجارية والمستهلك، الكلمة العُليا فيها للمُستهلك، الذي يمتلك منصة دائمة الوجود، تتيح له التشكّي دومًا، فضلاً عن المُحاسبة، والمطالبة بتحسين الخدمة وتطويرها. تُستخدم صفحات العلامات التجارية على مواقع التواصل أغلب الأحيان في حملات العرض والترويج، من جهة أخرى يستخدمها المستهلك كأداة لتقييم ما يتلقى من خدمات بل ونقدها وتشريح عيوبها على الملأ، حيث تعني تدوينة قصيرة من أحد المستخدمين التأثير سلبًا أو إيجابًا على سمعة علامة تجارية يتخطى عمرها عقوداً، وتُعرف إشارات المستهلكين لهفوات العلامات التجارية الكبرى سواء من حيث الجودة أو خدمة العملاء أو مدى مصداقيتها بالمحاسبية، حيث تقف المؤسسة في مقعد المتهم وتُدرب طواقم محرري التواصل الاجتماعي لديها على رأب الصدع وتقديم الرد المناسب عن الوقائع، ما يُعتبر درس عملي في الشفافية والمرونة، فالمؤسسة تخطئ بل وتعتذر فيما يعتبره خبراء سمة إعلامية جديدة للعام 2018. إذن، نحن اليوم أمام مستهلك غير المستهلك الذي عهدناه قبل عقود، مُستهلك لا يتذمّر من الخدمة عبر قناة اتصال هو في أولها، ومقدم الخدمة وصاحب العلامة التجارية في طرفها الآخر فحسب، وإنما قد يشرِك سائر المُستخدمين بعرض شكواه في تغريدة على تويتر يدرج فيها صفحة العلامة التجارية الرسمية أو ينسخها في تعليق على منشور ترويجي للشركة على فيسبوك أو غيره. دراسات واستطلاعات عديدة عُنيت بهذه النقلة النوعية في سلوك المستهلكين مؤخرًا، والذي يترتب عليه تطور في الفكر التسويقي لإعادة تعريف ولاء المُستخدم الذي يرى شكواه تؤخذ بجدية ففي استطلاع رأي أجراه أحد مراكز الأبحاث على المُجتمع الأميركي، وجد الباحثون أن 46 % من المستخدمين استخدموا مواقع التواصل لفضح خدمات أو منتجات لم ترُق لهم، كما أظهر الاستطلاع أيضًا أن 94 % من المستخدمين من المحتمل أن تنمو بينهم وبين العلامة التجارية علاقة ولاء إذا وجدوا شكلاً من أشكال التجاوب على حسابات العلامات التجارية على مواقع التواصل، لا شك أنها نسب تستحق إعادة النظر على كُل حال. بالنظر إلى الواقع المحلي نجد أن العديد من العلامات التجارية المحلية تعد بالفعل كما أسلفنا طواقم محرري وخبراء تواصل اجتماعي متخصصين في التواصل مع الجمهور، وإرساء الصور الذهنية المطلوبة عن المنتج وموقف المؤسسة من جمهورها، أهم درس من المفترض أن تعيه تلك القوائم قبل التواصل مع ملايين المستخدمين، إن استيعاب الخطأ والاعتذار عنه أكثر مسؤولية وعملية من محاولات التنصل أو التبرير، مواجهة الجمهور تدعم الشفافية وتُزيد الثقة، الإنصات كذلك لشكاوى الجمهور الاعتيادية قد يماثل تجربة لدراسة أهواء المستخدم لكن على نحو غير أكاديمي وقد يُصبح بالتالي نافذة لتحسين الخدمة وتغير سياسات لفظ العملاء، إذ إن العديد من المتطوعين لقص تجارب سلبية عن العلامات التجارية ينشدون تحذير الغير فضلًا عن الحصول على اعتذار أو تعويض مناسب. * مدير إدارة الإعلام الإلكتروني Your browser does not support the video tag.