بعد أن وصل التنسيق الأمني والسياسي الأميركي - السعودي إلى أعلى مستوياته، عبر ثمانية عقود من العلاقة المتوازنة، وجه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، دفة العلاقة إلى منحى جديد يجعلها علاقة أكثر تجذراً وملامسةً للشعبين السعودي والأميركي عبر مد جسور التواصل الإنساني بعيداً عن بروتوكولات السياسة، وذلك بعرض جانب سعودي لطالما كان خافياً عن العالم، وهو الجانب الفني والإبداعي حيث يتعدى الفن اختلافات الثقافة واللغة والعادات والتقاليد ليصل إلى الجميع دون أي حواجز. وتزامناً مع زيارة ولي العهد للعاصمة الأميركية واشنطن قام معهد مسك للفنون بفعالية فنية في مركز كينيدي كينيدي الذي يكاد يكون الأهم في العالم للمعارض والفنون، حيث اختار مسك أن يصل للأميركيين "باللون والضوء"، عبر عرض أداء حي لفنانات سعوديات أوصلوا تنوع الثقافة السعودية عبر رسوماتهم. وجذبت فعاليات مسك الفنية في واشنطن أنظار الأميركيين بشكل غير مسبوق، حيث حضرت أعداد كبيرة من الأميركيين سواء من العاملين في المجال السياسي أو الفني أو مواطنين عاديين للتعرف على التوجه السعودي الجديد. وقال أحد الحاضرين في المعرض وهو السيد جوزيف كلو يعمل في البنك الدولي ل"الرياض": المملكة والفضول لمعرفتها هو ما أتى بي وزوجتي إلى هنا، كنا سعيدين حين سمعنا أن المملكة ستقيم معرضاً يهتم بالفن، لطالما حضرنا فعاليات سعودية في أميركا، لكن هذه المرة كل شيء مختلف". مضيفاً: جلب مسك لكل هؤلاء الفنانين السعوديين وأعمالهم الفنية جعلتنا نتعرف على سعودية جديدة، هناك تناقض جميل تخلل المعرض وهو الجمع بين الماضي والحاضر. مؤكداً أن المملكة تخلق انسجاماً وتناغماً ناجحاً بين التراث والحداثة. ويرى كلو أن مثل هذه الفعاليات تقوي العلاقات على المستوى الإنساني بين المملكة وأميركا لتنتقل العلاقة إلى مكانة جديدة أهم من كل ما مضى مع رؤية الأمير الشاب. كما تخلل معرض مسك للفنون في معهد كينيدي مشاركة موسيقية من شاب سعودي احتل الفن مكانة كبيرة من حياته حيث حاز محمد آل محسن على شهادة الماجستير في الفن التشكيلي من جامعة ييل الأميركية العريقة وهي أعلى شهادة قد يحصل عليها الطالب في الفن التشكيلي على مستوى العالم، وإلى جانب تخصصه بالفن التشكيلي، يعزف محمد العود ببراعة حيث تفرج الحضور على إبداعات الفنانين السعوديين على أنغام موسيقى شرقية، وقال آل محسن ل "الرياض": حاولت أن أعزف عزفاً شرقياً بحتاً بدون إدخال أي موسيقى غربية على مقطوعاتي، فنادراً ما يسمع الأميركيون عزفاً شرقياً خالصاً حيث عزفت "راحة الأرواح" وكان رد فعل الجمهور جميلاً جداً". ويرى آل محسن الذي انشغل بدراسة الفن لمدة عشر سنوات في الولاياتالمتحدة أنه حان الوقت ليعود ويضيف للاهتمام الفني الجديد في بلاده ما حصل عليه من خبرات في أميركا حيث لم تُبقِ رؤية ولي العهد أي حواجز بين الشباب السعودي وطموحاتهم. وقال الفنان الدكتور أحمد بن ماطر مدير معهد مسك للفنون، على هامش الندوات الفنية: "نعيش في زمن التغيير في المملكة ونقلنا هذا بشكل تلقائي من خلال هذا المعرض". ويؤكد د. ماطر أن المملكة تمر بمدة إيجابية جداً وإقامة هذا المعرض في كينيدي وهو واحد من أهم الصروح الثقافية على مستوى أميركا والعالم فتح باباً صريحاً للحوار مع العالم". وقال إن هذه النشاطات ستستمر دائماً ولن تكون مقتصرة على مدة الزيارة لتحقيق أهدافها في خلق تواصل إنساني سعودي - أميركي، ووجدنا من خلال ما قمنا به في واشنطن أنه في الثقافة والتاريخ لا يصح إلا الصحيح واستخدامنا لقوة الثقافة والفنون الناعمة أوصلنا إلى الآخرين بطريقة مختلفة جداً. ويفتخر المبتعث والشاعر نايف الشمري بما رآه من حضور كبير من الأميركيين في مبادرات مسك رغم سوء الأحوال الجوية، ويرى الشمري أن الشباب السعودي من مبتعثين أو نشطاء أو حتى كتاب على مواقع التواصل الاجتماعي باتوا أكثر انفتاحاً وتعبيراً عن البيئة السعودية الإيجابية ويتوقع الشمري أن نرى مدناً متميزة في المملكة ستسبق كل مدن المنطقة الاستثمارية والسياحية، وستكون مصدر فخر لكل العرب والسعوديين. وأخيراً يقول الفنان البريطاني ستيف ستابيلتون، والذي أضفى من خبراته الإبداعية على مسك للفنون: "هذه المعارض فرصة لجلب التراث والحداثة السعودية لواشنطن، ورمزية إقامة المعرض في كينيدي للفنون عميقة جداً، إذ إن كينيدي كان رمزاً لتشجيع الشباب والفنون والتغيير". ويضيف ستابيلتون: "رؤية ولي العهد وتوجيهاته أتاحت للعالم التعرف على المملكة التي نجحت في الحفاظ على التراث والتاريخ والتقاليد مع الانطلاق بحرية للعهد الجديد الذي أعطى أدواراً و حريات و حقوقاً كبرى للمرأة والشباب". ويختم ستابيلتون: "الفن أعطى بعداً إنسانياً لرؤية ولي العهد، الفن يخاطب الأرواح، وخاطب بالفعل هنا في واشنطن مخيلة الأميركيين ونقلهم إلى المملكة الجديدة، ما حدث هنا كان ديبلوماسية ثقافية من الطراز الرفيع". الأعمال الفنية جمعت بين الماضي والحاضر Your browser does not support the video tag.