ضمن الفعاليات المصاحبة لمعرض الرياض الدولي للكتاب قدم الاستاذ الدكتور عمر بن عبدالعزيز السيف رئيس مجلس إدارة الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون محاضرة بعنوان (بنية الرحلة في القصيدة الجاهليّة الأسطورة والرمز)، بدأها قائلا: أثناء إعداد أطروحتي، وحين تناولت شعر الصعاليك وحياتهم الاجتماعيّة، كان مصدري الأساس الباحث يوسف خليف ومن اقتفى أثره, ومع يقيني آنذاك من فهم خليف غير الدقيق إلا أنّي استصعبت إفراد هذه الظاهرة ببحث مستقلّ لم تكن عناصره قد نضجت في ذهني بعد, يقول خليف: "وانفصمت تلك الرابطة الاجتماعيّة التي تربط بين الفرد ومجتمعه، وانحلّ ذلك العقد الاجتماعيّ الذي يجعل من الفرد عضواً عاملًا لمجتمعه متوافقًا معه، دائراً في فلكه، ورأى المجتمع في هؤلاء الصعاليك "شذّاذًا" خارجين عليه، غير متوافقين معه، فتنكّر لهم، وتخلّى عنهم، وتركهم يواجهون الحياة دون أيّ حماية منه أو ضمان اجتماعيّ، ورأوا في مجتمعهم مجتمعًا مختلًّا، يسيطر عليه ظلم اجتماعي، وتسوده أنانيّة اقتصاديّة جائرة، وتنقصه عدالة اجتماعيّة تسوّي بين جميع أفراده، وتكافؤ في فرص العيش يهيّئ لكلّ فرد أن يأخذ بنصيبه من الحياة كما يأخذ سائر الأفراد". ويقول: كانت النتيجة الطبيعيّة لهذا كلّه أن فرّ هؤلاء الصعاليك من مجتمعهم النظاميّ ليقيموا لأنفسهم بأنفسهم مجتمعًا فوضويًّا، شريعته "القوّة"، ووسيلته الغزو والإغارة". وأضاف السيف: كثيراً ما أُصيب الباحثون العرب باضطراب لا يمكن أن يحدث لباحث اقترب من بيئات الجزيرة، يقول الباحث يحيى محمد نبوي خاطر: "يصاب الباحث بالحيرة من أبي فراس الحمداني الذي نصّ على أنّ أخواله بنو تميم، ونصّ في مكان آخر على أنّ أخواله الروم"، فالباحث يتعجّب كيف يصرّح أبو فراس بأنّ أخواله من قبيلة تميم، ويصرّح في موضع آخر بأنّ الروم أخواله، والصحيح أنّ معظم قبائل الجزيرة يعنون بالخال أخا الأمّ أو أحد المنتمين لهم. وأوضح أن طه حسين نبّه في بحثه "الحياة الأدبية في جزيرة العرب" إلى أنّ قلب الجزيرة العربيّة وداخليّتها لم يتغير إلا قليلًا، وذلك بسبب العزلة التي عاشتها الجزيرة العربيّة، فالبادية العربيّة لم تتغيّر حياتها، بل عادت إلى جاهليّتها قليلًا قليلًا، واحتفظت الحواضر بشيء ضئيل من الحضارة والأدب والعلم، وكانت بنية القصيدة العربيّة الشعبيّة مشابهة لبنية القصيدة العربيّة القديمة، وطريقة الرواية الشفهيّة هي التي كانت سائدة في العصر الجاهلي. وزاد: جاء بعد طه حسين تلميذُه محمد النويهي ليعلن أنّه بعد دراسته الشعر الجاهلي مدّة ثلاثين سنة اكتشف أنّ معظم المؤلفين في الشعر الجاهلي اصطلحوا على أقوال يقرؤونها ويرددونها، فلا يأتون فيها إلا بالمعاد والمكرر دون تمحيص، وأن تراثنا الأدبي الجسيم لا يزال مجهولًا في معظم مناحيه، ولا يزال الحديث عنه قائماً على الافتراض والحدس والتعميم الذي لا يستند على جزئيات كافية. Your browser does not support the video tag.