المعادن والفيتامينات عناصر غذائية لا تحتوى على سعرات حرارية مثل الكربوهيدرات والدهون والبروتينات لكنها تساعد في إنتاج الطاقة وتعزيز عملية الاستقلاب، بل لا يتم أي تفاعل كيميائي حيوي داخل الجسم من بناء أو هدم إلا بوجود أحد تلك العناصر أو أكثر، وبالإضافة لكونها مركبات أساسية في العظام والأسنان والعضلات فهي تنظم توازن السوائل الحامضية – القاعدية في الجسم من خلال نسب بعض تلك المعادن مثل الصوديوم والبوتاسيوم والكلوريد والبيكربونات وهي عملية مهمة جداً في أي عملية حيوية تحدث في أجسامنا، كما تشكل بعض المعادن جزءا من الإنزيمات الهاضمة. ولنتعرف أكثر على تلك العناصر وفوائدها ومشاكل نقصها سنأخذكم في جولة قصيرة نبدأها بالتعرف على المعادن الكبرى . من الوظائف العجيبة للمعادن والدالة على عظمة خلق الله وإعجازه، أن العناصر الغذائية ماعدا الماء تدخل للخلايا وتخرج المواد السامة ونواتج التمثيل الغذائي منها من خلال تحركات عديدة لبعض المعادن بين داخل الخلية وخارجها، كيف؟ هناك من المعادن من يحمل الشحنة الموجبة ومنها ما يحمل الشحنة السالبة فإذا احتاج الجسم عنصرا أو مركبا غذائيا فإنه يأمر الأمعاء الدقيقة بامتصاصه من الطعام المهضوم ثم ينتقل للدم ليتم توزيعه على كافة أعضاء الجسم ومنه يدخل داخل الخلايا لتستفيد منه، فإذا كان ذلك العنصر أو المركب يحمل شحنة موجبة ولكي يدخل داخل الخلية فإن الجزء الداخلي لجدار الخلية لابد أن يحمل الشحنة السالبة لكي تجذب ذلك العنصر الغذائي للداخل وفي نفس الوقت يكون الجزء الخارجي من الخلية موجبا لكي يدفعه للداخل، وفي المقابل لكي تتخلص الخلية من مادة لا تحتاجها أو مادة ضارة مثل مخلفات عمليات الهدم الغذائي فإن المعادن تلك تدخل أو تخرج لداخل الخلية لتشكل فرق جهد كهربائي (سالب أو موجب) حسب شحنة المادة المراد التخلص منها فإن كانت تحمل الشحنة السالبة فإن المعادن الموجبة تخرج من الخلية لتجذب تلك المواد السامة للخارج ومنها للدم ثم للكلى أو الكبد للتخلص منها، وهكذا تستمر عملية دخول وخروج تلك المعادن لإدخال أو إخراج المواد ألى ومن الخلايا والأنسجة. الكالسيوم: هو المعدن الأكثر نسبة في أجسامنا، ومنه يتم تصنيع العظام والأسنان وله دور عظيم في أداء عمل الخلايا ونقل السيال العصبي بين الخلايا وإفراز الهرمونات وتخثر الدم وانقباض العضلات وارتخائها. علامات وأعراض نقص الكالسيوم:- كثير من الناس لا يعرفون أن لديهم نقصاً في الكالسيوم، إلا بعد حدوث المضاعفات الكبرى لنقصه، وقد لا يكون النقص بسبب قلة تناوله بل بوجود عوامل تسبب تقليل امتصاصه ، ومنها: - نقص فيتامين "د" ، والمغنيسيوم وزيادة تناول الصوديوم (ملح الطعام) بشكل مباشر بإضافته للغذاء أو بشكل غير مباشر لوجوده بنسب عالية في كثير من المأكولات المصنعة والمملحة مثل المكسرات والبطاطس المجففة وغيرها، وأيضاً الأغذية المحتوية على نسبة عالية من الفوسفور مثل المشروبات الغازية التي تقلل امتصاص الكالسيوم، كما أن بعض الأمراض تساهم في تقليل امتصاص الكالسيوم مثل مرض الكلى المزمن واعتلالات الغدة الدرقية وأيضا عمليات تصغير المعدة وعمليات السمنة المشابهة، وبعض الأدوية مثل أدوية الصرع والتشنج والعلاج الكيماوي وبعض مثبطات مضخة البروتون التي تثبط إفراز المعدة للحمض وبالتالي ضعف امتصاص الكالسيوم . أعراض نقص الكالسيوم: نعرف أن نقص الكالسيوم مع فيتامين "د" يؤدي للكساح عند الأطفال ولهشاشة ولين العظام لدى الكبار، ولكن هذا يحدث عندما يكون النقص على المدى الطويل ولا تحدث تلك الأمراض إلا عندما يكون النقص كبيرا جدا ولفترة طويلة بعد عجز الجسم عن توفير الكالسيوم الناقص، لهذا يتجه لسحبه من العظام والأسنان مثل مايحدث للحوامل والمرضعات حيث يوفر جسمها كامل احتياجات الجنين أو الحليب للرضيع على حساب صحة وقوة عظام وأسنان الأم المسكينة وبعد فترة تشعر بالضعف والآلام في الأسنان والعظام وربما تنكسر إحدى تلك العظام لا سمح الله . يجب التنبه لأول أعراض نقص للكالسيوم مثل الدوخة والتنميل والتعب وآلام الصدر والقلب وضعف انقباض العضلات الذي قد يصل لصعوبة البلع وتغير الصوت نتيجة ضعف انقباض العضلات في تلك المناطق كما يؤدي نقص الكالسيوم إلى جفاف الجلد والبشرة وتكسر الأظافر والماء الابيض في العينين. كيف نوفر احتياجاتنا من الكالسيوم احتياجات الجسم حوالي 1000 ملجم في اليوم أي 1 جم ، وتزاد الى 1200 ملجم في اليوم لمن تجاوزوا سن الخمسين والحوامل والمرضعات، ويمكن توفير تلك الاحتياجات العالية من تناول الحليب ومنتجاته بالذات الجبن، ومن الأسماك بالذات السالمون والسردين لوجود عظام صغيرة يمكن هضمها مع لحم السمك، والكرنب والبروكلي واللفت والملفوف والمكسرات والسمسم. في بعض الحالات يمكن تناول مكملات الكالسيوم (سترات الكالسيوم) أقراص أو كبسولات ولكننا لا نوصي بذلك بدون وصفة طبية وحاجة حقيقية للكالسيوم لأني لاحظت أن بعض الناس يتناولونها بدون وصفة وبدون حاجة فقط لاعتقادهم أنها ضرورية لتقوية العظام، والحقيقة أنه بدون الحاجة إليها قد تسبب تأثرات سلبية مثل أمراض القلب وتكون حصوات الكلى، أما إذا تناولها من مصادرها الطبيعية فلا تحدث تلك التأثيرات السلبية لأن الجسم يتخلص من أي زيادة منها بطريقة طبيعية لكونها لا تصل لكميات كبيرة مقارنة بالمكملات المركزة . الفسفور هو ثاني أكبر معدن في الجسم بعد الكالسيوم وهما معدنان مرتبطان ببعضهما بنسبة 2 كالسيوم الى 1 فوسفور أي أن كمية الكالسيوم ضعف الفوسفور وإذا اختلت تلك النسبة فإنه لا يمكن للجسم امتصاصهما ولهذا عندما ينخفض الكالسيوم بتأثير هرمون الغدة الدرقية يتخلص الجسم من بعض الفوسفور ليحافظ على تلك النسبة . ويتركز 85% من الفوسفور في العظام والأسنان لدوره الأساسي في بنائها ، ومن مهامه الأساسية تكوين الأحماض النووية RNA DNA المسؤولة عن الوراثة وانتاج جزيئات الطاقة ATP في الميتوكندريا في الخلايا، ويدخل أيضا في تركيب الهيموجلوبين الذي ينقل الأكسجين للخلايا، كما يساعد في بناء جدران الخلايا وتكوين أنسجة القلب، والدماغ، والأعصاب، والعضلات والكلى، وهو يسهم في ضبط عمل تلك الأعضاء ونقل الرسائل العصبية منها ولها، وهو عنصر مهم لتحليل الكربوهيدرات، البروتينات، والدهنيات واستخراج الطاقة منها، بالإضافة لدوره المهم في توازن الحموضة والقلوية في الجسم، كما يلتحم الفوسفور مع بعض الأحماض الدهنية ليكون ما يسمى بالدهون الفسفورية (الليسيثين) وهي مهمة لإنتاج الهرمونات الجنسية وقد أظهرت بعض الدراسات أن نقص مستوى الليسيثين يرتبط بحدوث الضعف الجنسي . نقص الفوسفور يسبب خللاً في كل ماذكر أعلاه بدءاً بالكساح عند الأطفال وهشاشة ولين العظام عند الكبار ومرورا بضعف أداء كل الأعضاء التي له دور في عملها. مصادر الفسفور: الحليب ومنتجاته هي أهم مصدر الفسفور لكونها توفره بنسبة 1 إلى 2 من الكالسيوم وهذه النسبة ضرورية لامتصاصهما، ولهذا نؤكد أن تناول تلك المعادن كمكملات على هيئة أقراص بدون وصفة طبية قد يزيد نسبة أحدهما على الآخر فيتوقف امتصاصهما معا. كما يوجد الفوسفور في اللحوم الحمراء ولحوم الوز والجمبري، والسردين والسلمون، وصفار البيض، والبقوليات، والمكسرات، ونخالة الحبوب، وبذور اليقطين (القرع) ودوار الشمس ، والسمسم ، واللوز . أدوية مضادات الحموضة تقلل امتصاص الفوسفور ولهذا يتناول مصادر الفوسفور في غير وقت تناول تلك الأدوية لتجنيب تقليل امتصاصه . البوتاسيوم: يكمل هذا المعدن وظائف الكالسيوم والفوسفور في صحة الأسنان والعظام والجلد، وهو مهم مثلهما في تنظيم ضربات القلب وصحة الدماغ حيث يُقلّل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وضروري للأعصاب حيث ينقل السيالات العصبية عن طريق تبادل أيونات الصوديوم والبوتاسيوم عبر الأغشية الخلوية للأعصاب، ويساهم في خفض السكّر في الدم، ولهذا ننصح مرضى السكري بالحرص على تناول الأغذية الغنيّة بالبوتاسيوم بنسبَةٍ مُعيّنة، كما يساعد في منع تشنجات العضلات والمحافظة على استرخائها وهذا يحدث لبعض الناس ولا يدرون أن سببه نقص البوتاسيوم. يعمل البوتاسيوم في تحسين عملية التمثيل الغذائي، عن طريق تسهيل عملية هضم كل من الدهون والكربوهيدرات، والبروتينات والدهون ، كما أثبتت الدراسات دوره المهم في التقليل من القلق والإجهاد. نقص البوتاسيوم ومصادره الطبيعية : تشخص حالات نقص البوتاسيوم بما يسمى (Hypokalemia) ، وتكثر تلك الحالات لدى الأشخاص الذين يتبعون حمية قاسية لإنقاص الوزن، كما أن تناول المضادّات الحيوية لفترة طويلة يقلل امتصاصه أيضاً. المصابون بالإسهال المزمن يقل لديهم البوتاسيوم لخروجه مع سوائل الجسم وأيضا من يستخدمون مدرات البول مثل مرضى الكلى، كما يصاب بهذه الحالة المرضية مدمنو المشروبات الكحولية، أو من يتكرر لديهم التعرّق غير الطبيعي من خلال مزاولة رياضات عنيفة مع نقص تناول الماء العادي ولهذا نوصي من يزاولون الرياضات التي تؤدي إلى التعرق الشديد أن يشربوا من ماء الحنفية بعد تنقيته وتجنب شرب المياه المعبأة التي تقل فيها نسبة البوتاسيوم. يحدث للمصاب بمرض نقص البوتاسيوم ضعف شديد في الجسم وتشنّجات في العضلات قد تسبب مشاكل في القلب، كما تتضح أعراض نقصه على البشرة وقد تظهر حبوب الشباب، وقد يؤدي إلى القلق النفسيّ والتوتر العصبيّ والمزاجية العصبية غير المتوقعة والأرق وضعف الذاكرة لدرجة أنه من الممكن أن يصاب المريض بفقدان الذاكرة المؤقت، كما يحدث للبعض اضطرابات في النوم وطنين في الأذن ويتزامن أحيانا مع حدوث الإمساك وفقدان الشهية . ولكي نوفر حاجة الجسم من هذا العنصر من مصادره الطبيعية ننصح بتناول السمك والخضراوات مثل القرع الأصفر (العسلي)، والسبانخ، البطاطا، والخرشوف، والبازلاء، والجزر، والثوم والبصل، والحبوب الكاملة، والفواكه مثل الأفوكادو، والموز، والمشمش المجفف، والرمان، والحمضيات، والشمام، والتمر، والكيوي، والمانجو، والتين والزبيب، والبقوليات مثل العدس. كما أننا لا نوصي بتناول مكملات الكالسيوم والفوسفور فإننا نحذر من تناول مكملات البوتاسيوم بالذات لمن لديهم مشاكل في الكلى، كما أن زيادته الكبيرة أو المفاجئة من مصادر غير طبيعية تؤدي إلى خلل في ضربات القلب ولهذا يتم معالجة من لديهم نقص حاد في البوتاسيوم بحقن البوتاسيوم بشكل تدريجي تجنبا لاختلال ضربات القلب التي تؤدي للوفاة . الصوديوم :- يعمل الصوديوم مع البوتاسيوم على ضبط كميات الماء في الجسم وأي خلل فيهما أو في نسبة البروتين تحدث تغيرات في الجسم مثل تجمع للسوائل في أماكن معينة مثل الساقين. يشارك الصوديوم بقية المعادن في نقل الإشارات العصبية، وتقلص العضلات والمحافظة على وتيرة سليمة لضربات القلب. من نعم الله أن أجسامنا تحصل على الصوديوم من مصادر عديدة سواء الخضراوات أوالفواكه أو الحبوب أو المسكرات وذلك لأهمية توفر الصوديوم بشكل دائم وبنسبة محددة لا يزيد عليها ولا ينقص، وبخلاف المعادن المذكورة سابقا لا يحتاج الانسان لتناول الصوديوم كعنصر فريد أو كمادة مرتبطة بالكلور (ملح الطعام) إلا في حالات فقد السوائل بسبب الإسهال أو الاستفراغ المتكررين أو في حالات ضربات الشمس ، ويكفي محتوى الأغذية من الصوديوم لتلبية كافة احتياج الجسم، أي أن إضافة الملح للطعام هو من قبيل تحسين الطعم فقط ولهذا لا ننصح بالمبالغة في إضافته للطعام فبعض الأشخاص يضيفه للطعام المطبوخ وللسلطات ولوجبات الإفطار مثل الفول والشكشوكة والمقلقل والكبدة وغيرها، وبعض الناس يكثرون من تناول الأغذية المملحة مثل المكسرات والفصفص . ننبه على أن زيادة تناول الصوديوم (الملح) للشخص السليم لا تسبب مرض ارتفاع ضغط الدم ، ولكن مرضى ارتفاع الضغط يؤثر عليهم كثيراً زيادة الصوديوم (الملح) لهذا عليهم تجنبه تماما وبكل صوره. المنجنيز: عنصر المنجنيز يحتاجه الجسم بكميات قليلة، وبرغم قلة كميته في الجسم إلا أن له دورا مهما وحاسما في كثير من العلميات الفسيولوجية ومن أهمها مقاومة الأمراض لتصنيعه إنزيم (سوبر اكسيد ديس ميوتيز) (superoxide dismutase) وضبط السكري من خلال ضبط الجلوكوز في الدم وتقليل مشاكل الأعصاب بعد تقدم العمر وتخفيف حالات الصرع وتخفيف الالتهابات وزيادة فعالية هرمونات الغدة الدرقية وهو إنزيم مهم لتفعيل مضادات الأكسدة. يساعد المنجنيز على امتصاص المواد الغذائية حيث يدخل في تخليق إنزيم يساعد في تحفيز نشاط التمثيل الغذائي، كما يحافظ المنجنيز على صحة الأعصاب والخلايا ويلعب دوراً مهماً في العمليات الحيوية في الجسم. توجد النسبة الأكبر منه في الهيكل العظمي، والكبد، والكلى والقلب. ، كما أنه مهم في ضبط عمل الدماغ والنشاط السليم للنظام العصبي وتوصيل الرسائل العصبية بين الخلايا والأنسجة والأعضاء. وعلى الرغم من قلة كميته في الجسم إلا أن الأبحاث تؤكد على وجود نقص فيه في حوالي 35% من سكان العالم، بسبب عدم توفر بعض الأطعمة الغنية بهذا المعدن أو بسبب ممارسات غير صحية. أعراض نقصه ومصادره يحدث نقص في المنجنيز عند اتباع نظام غذائي غير صحي لفترة طويلة وتشمل أعراض نقصه ارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب، وتقلص العضلات، وتشوه العظام، وارتفاع الكوليسترول، وضعف البصر، وصعوبة في السمع، وفقدان الذاكرة الحاد، والرعشات والتنميل في العضلات والجلد . من أهم مصادر المنجنيز الفراولة والتوت والأناناس والعنب والفواكه الاستوائية والموز والكيوي والتين، ومن الخضار الفاصوليا الخضراء والجرجير والخس والخيار والجزر والكراث والسبانخ والثوم والشمندر، ومن الحبوب الأرز البني والشوفان والقمح الكامل ومن المكسرات جوز الهند، واللوز، والبندق، ويوجد أيضا في العسل الأسود والقرنفل والكركم والنعناع. للتواصل مع مشرف الصفحة:عبدالرحمن محمد المنصور[email protected] Your browser does not support the video tag.