شهدت الغابات الحضرية على مدى العشرين عاما الماضية مستوى ملحوظاً من التطور في العديد من البلدان، حيث تعمل مؤسسات المجتمع المدني يداً بيد مع المجتمعات المحلية وإشراكها في تنفيذ الأنشطة الغابية الحضرية. وقد يكون ذلك دليلا على أن هناك إدراكاً للدور الذي يمكن أن تقوم به الغابات في المناطق الحضرية في معالجة بعض المشاكل والتحديات التي يطرحها التوسع الحضري السريع والمستدام. كلما زادت كثافة مدننا، زادت الحاجة إلى معالجة نقص المساحة المتاحة للنباتات والأشجار، والتفكير في طرق مبتكرة لدمج النظم الطبيعية في مساحاتنا الحضرية. أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 21 مارس 2012م يوماً عالمياً للغابات، وتحتفل المملكة ضمن دول العالم باليوم العالمي للغابات الذي يوافق 21 مارس من كل عام وكان شعار هذا العام «الغابات والمدن المستدامة» والهدف منه زيادة الوعي بأهمية الغابات داخل المدن الحضرية من أجل تنمية مستدامة للمدن والمناخ الحضري وتشجيع البلدان في كل يوم عالمي على بذل الجهود والمستويات المحلية والوطنية والدولية للاضطلاع بأنشطة تشمل الغابات والأشجار، مثل حملات زراعة الأشجار والشراكة التعاونية بين المؤسسات الحكومية وكافة فئات المجتمع. تلعب النباتات والأشجار والشجيرات دوراً مهماً في تغيير مناخ المدينة، حيث تعمل على تبريد البيئة عندما تمتص الإشعاع للتمثيل الضوئي، كما أنها مفيدة في تظليل جزء معين من الأرض لتقليل الحرارة والإشعاع المنعكس. وكذلك تساعد على رفع مستوى الرطوبة. وتشير الدراسات إلى أنه بالنسبة للمدينة التي يبلغ عدد سكانها حوالي مليون نسمة، يجب تغطية 10-20 ٪ من مساحة المدينة بواسطة الغطاء النباتي من أجل خفض درجات الحرارة المحلية بشكل فعال. مع زيادة الغطاء النباتي في المدينة من 20 إلى 50 ٪، يقل الحد الأدنى لدرجة حرارة الهواء بمقدار 3-4 درجة مئوية وتنخفض درجة الحرارة القصوى بنحو 5 درجات مئوية. واثبتت الدراسات انه عند مقارنة بين الفرق في درجة الحرارة في الصيف، بين المساحة المزروعة في المناطق الحضرية والمنطقة المركزية المبنية من المرجح أن تكون 2-3 درجة مئوية أقل مع زيادة بنسبة 5 ٪ في الرطوبة النسبية، مما يعكس قدرة الأشجار على خفض تكاليف التدفئة والتبريد للمباني لمواجهة تأثير درجات الحرارة العالية في البيئات الحضرية. يمكن للأشجار المزروعة بشكل صحيح خفض تكاليف التدفئة والتبريد بنسبة تصل إلى 12 ٪ وتقليل الطلب الكلي على الطاقة. زراعة الأشجار داخل المدن له فوائد عظيمة حيث تساعد في الحفاظ على مستويات منخفضة من ثاني أكسيد الكربون، مما يقلل من تأثير الاحتباس الحراري عن طريق عملية التمثيل الضوئي حيث تأخذ جميع النباتات الخضراء ثاني أكسيد الكربون وتعطي الأكسجين. إضافة الى ماسبق من فوائد، وجود الغابات الحضرية داخل حدود المدن تعتبر موائل لأنواع النباتات والحيوانات وتؤدي دوراً حاسماً في حفظ التنوع الحيوي والمناظر الطبيعية. كما تساعد الأشجار على تحسين جودة المياه والتربة حيث تثبيت انجراف التربة وتقليل جريان مياه الأمطار، وتوفير التكاليف العالية لخنادق الصرف الصحي، ويمكن لشارع به 32 شجرة طويلة أن تقلل من الجريان السطحي بحوالي 327 جالون، مما يسمح للمدن بتركيب أنظمة لإدارة المياه أصغر وأقل تكلفة. وفي الختام لنجعل مدننا أماكن اكثر خضرة وصحة وسعادة للعيش وذلك بالتعاون بين المجتمعات المحلية والحكومات في إكثار وحماية الغابات الحضرية والأشجار والمناطق الخضراء واستعادتها لإسهامها الحقيقي في تهيئة بيئة صحية منشودة. Your browser does not support the video tag.