حذر اختصاصي من تفاقم مشكلة تلوث البيئة والتصحر وتدهور الغطاء النباتي، نظرا لتأثيراتها السلبية الملموسة على حياة الإنسان والنظام البيئي، وكشف عن عدة ممارسات خاطئة تؤدي إلى ذلك، مشيرا إلى أن عمليات التشجير بالمملكة تتجاهل الجانب البيئي. أخطار التصحر قال الأستاذ في جامعة القصيم، ورئيس مجلس إدارة جمعية آفاق خضراء البيئية الدكتور عبدالرحمن الصقير، إن «التصحر أحد أهم وأخطر المشاكل التي تهدد الإنسان في أجزاء كثيرة من الكرة الأرضية، وطبقا لبرنامج الأممالمتحدة للبيئة فإن 69 % من الأراضي الجافة المنتجة للمحاصيل الزراعية تدهورت وتحولت إلى صحاري، أو في طريقها إلى التدهور، وهذا يشكل تهديدا خطيرا لإنتاج الغذاء في العالم، وعائقا كبيرا يحد من توفير الغذاء لمواجهة الزيادة المستمرة لسكان العالم»، مشيرا إلى أن التصحر يسبب خسائر سنوية تزيد عن 42 بليون دولار على مستوى العالم.
العامل البشري
أضاف الصقير، أن «التصحر له مسببات يمكن إجمالها بعنصرين، أحدهما التغيرات المناخية كالجفاف، أما العنصر الآخر والأكثر خطورة وتأثيرا فهو العامل البشري ويشمل الممارسات الخاطئة كإزالة الغابات، وسوء إدارة المراعي، وتزداد خطورة هذا العامل في المناطق الجافة ذات الموارد المائية المحدودة، حيث تؤدي السياسات الزراعية الخاطئة إلى تدهور الأراضي، وتبديد المخزون المائي، كما أن إزالة الغطاء النباتي بالاحتطاب واقتلاع الأشجار التي تثبت التربة يؤدي إلى زحف الرمال، واتساع مساحة الصحراء».
تدهور الغطاء النباتي أبان الصقير، بأن «الغطاء النباتي الطبيعي في المملكة عانى خلال العقود الماضية من تدهور شديد نتيجة الإهمال، وعدم الجدية في تطبيق الأنظمة والقوانين المتعلقة بحماية هذا المصدر الطبيعي البالغ الأهمية، وتتمثل أهم مسببات تناقص الغطاء النباتي في الاحتطاب والرعي غير المنظم، وأنشطة التعدين ومقالع الصخور، وتزايد أعداد السيارات التي تجوب الصحاري، فقد قضى الاحتطاب الترفي غير المنضبط على مئات الآلاف من الأشجار والشجيرات التي لا تقدر بثمن من الناحية البيئية والاقتصادية».
الارتجال في التشجير أوضح الصقير، أن «التشجير في المملكة يغلب عليه الطابع الارتجالي، حيث يلاحظ قلة كثافة التشجير، وإغفال الأنواع النباتية المحلية، والمبالغة في عملية تقليم وتقزيم الأشجار في الشوارع والطرقات، فتمنع الأشجار من أن تكبر وتقوم بدورها الطبيعي، وهي ممارسة خاطئة بيئيا، خصوصا في المناطق الصحراوية الجافة، حيث الحاجة ماسة إلى كل متر مربع من الظل لخفض درجات الحرارة في أشهر الصيف الحارة، كما يعيب جهود التشجير استخدام بعض الأشجار ذات القيمة البيئية المنخفضة كالنخيل والنخل الواشنطونيا وغيرها، حيث تقل كمية الظل وكفاءة التبريد وامتصاص الملوثات، بل وتتزايد المخاوف من أن تكون نخيل الشوارع عائلا لآفات نباتية خطيرة كسوسة النخيل الحمراء، وهذا ما يحتم الإسراع في وضع ضوابط واستراتيجيات لتشجير الأحياء والشوارع الداخلية»، مشيرا إلى إن السماح للأشجار بالنمو وبلوغ حجمها الطبيعي يزيد الأكسجين في الجو، وامتصاص الملوثات المختلفة، وصد الغبار والأتربة والضوضاء بكفاءة أعلى من الأشجار المقلمة الصغيرة.
الدور البيئي أكد رئيس مجلس إدارة جمعية آفاق خضراء البيئية أن «الدور البيئي للأشجار والغطاء النباتي عموما بالغ الأهمية، خصوصا مع تزايد تلوث الهواء وظاهرة الاحتباس الحراري، والارتفاع المتصاعد في درجات الحرارة نتيجة التوسع العمراني وتزايد عدد السكان، وما يتبعه من زيادة في وسائل النقل والمباني الخرسانية والطرق المسفلتة، فالتوسع في تشجير المدن إضافة إلى قيمته الجمالية، فإنه يسهم بخفض درجة الحرارة بمعدل 5 درجات مئوية، وهذا مما يقلل استهلاك الطاقة في تبريد وتدفئة المباني بما يصل إلى 25 %، كما تمتاز الأشجار والغطاء النباتي بقدرة كبيرة على ترسيب الغبار والأتربة على أوراقها، مما يخفض نسبة الغبار بحوالي بين 30 % و40 %، كما تقلل الأشجار الكثيفة سرعة الرياح التي تثير الغبار، مما يؤدي إلى تقليل آثار العواصف الترابية، وتثبيت الكثبان الرملية على مشارف المدن والتجمعات السكانية». ولفت إلى أن «في المناطق الصناعية شديدة التلوث، والمدن المكتظة بالسيارات فإن النباتات تقلل كمية الملوثات الصلبة للهواء بين 100 و1000 مرة، ويمكن أن تحتجز كميات من الجزيئات المعلقة بكفاءة تصل إلى 80 %، ويمكن لهكتار واحد من الأشجار أن يمتص ويصفي ما يقارب 18 مليون متر مكعب من الهواء سنويا، كما يقوم الهكتار الواحد من الأشجار بامتصاص كمية من غاز ثاني أكسيد الكربون تقدر بنحو 220 كجم، وإطلاق ما بين 180 و240 كجم من الأكسجين». وأشار الصقير، إلى أن «الأشجار تقلل التعرض للأشعة فوق البنفسجية، وهي مسبب مهم لثلاثة أنواع من سرطان الجلد، كما تخفض حدة الضوضاء وتحسن خواص التربة، وتعزز التنوع الحيوي»، مضيفا أن بعض الدراسات تؤكد الحاجة لوجود 8 أشجار لتقليل التلوث الذي تنتجه سيارة واحدة.
42 بليون دولار خسائر سنوية بالعالم يسببها التصحر % 70 من الأراضي المنتجة للمحاصيل الزراعية تحولت إلى صحاري تشجير المدن: يخفض درجة الحرارة بمعدل 5 درجات مئوية يقلل استهلاك الطاقة في تبريد وتدفئة المباني بمعدل 25 %
يخفض نسبة الغبار بين 30 % و40 % هكتار من الأشجار يمتص ويصفي 18 مليون متر مكعب من الهواء سنويا امتصاص كمية من غاز ثاني أكسيد الكربون تقدر بنحو 220 كجم إطلاق ما بين 180 و240 كجم من الأكسجين
نماذج للتشجير العشوائي: قلة كثافة التشجير إغفال الأنواع النباتية المحلية المبالغة في تقليم وتقزيم الأشجار استخدام أشجار ذات قيمة بيئية منخفضة