يقصد بالنوازل الفقهية: الوقائع الجديدة التي لم يسبق فيها نص أو اجتهاد. والحقيقة أنه مع هذا العدد الهائل من الفتاوى، والعدد الكبير ممن يتصدر للفتاوى؛ إنْ بحقه وإن بغير حقه، قد تدخل المسألة النازلة - على حين غرة - إلى هذا المحيط الفتوي، في حين أن كثيراً من هذه المسائل المفتى فيها قد لا تكون محررة تحريراً دقيقاً، هذا من جهة نص الفتوى، ومن جهة مصدرها قد لا يكون أهلاً للفتيا. إن من الإشكالات: الخلط بين المسألة النازلة وبين المسألة المتكررة، والخلط بين مفتي ما تكرر من الوقائع، وبين مفتي ما استجد من الحوادث. ومن المهم أن يفرق بين هذه وتلك، وبين هذا وذاك، وذلك لأن المسألة النازلة جديدة في صورتها، ولم تأخذ - بعد - توصيفها الشرعي، فهي بحاجة إلى فقيه قادر على استنباط الحكم الشرعي لها. ومن المهم أن تتصدى المجامع الفقهية للنوازل؛ لما يتوفر فيها من الاجتهاد الجماعي، ولما يحصل فيها من التكامل المعرفي والخبراتي، لاسيما والقضية النازلة - أحياناً - تكون مركبة، ما يستدعي أن ينظر اليها من جهات عدة؛ كالقانون، والاقتصاد، والطب، ومن ثم التوصل إلى الحكم الشرعي. وهذا لا يكون إلا بوجود مجالس وهيئات متخصصة في النظر في قضايا النوازل، وقد وفرت لها الأسباب التنظيمية والفنية والعلمية والخبراتية، ولقد كان علماؤنا الأوائل يدركون ذلك فهذا الخطيب البغدادي يقول: واعلم أن العلوم كلها أبازير الفقه، وليس دون الفقه علم إلا وصاحبه يحتاج إلى دون ما يحتاج إليه الفقيه، لأن الفقيه يحتاج أن يتعلق بطرف من معرفة كل شيء... ولن يدرك ذلك إلا بملاقاة الرجال، والاجتماع مع أهل النحل والمقالات المختلفة، ومساءلتهم وكثرة المذاكرة لهم، وجمع الكتب، ودرسها، ودوام مطالعتها. Your browser does not support the video tag.