يعاني الفنان السعودي في قطاعات الفن المختلفة، كالتمثيل، والتلحين والغناء من عدم وضوح وضعه القانوني والمهني، وعدم تمكنه من الحصول على ضمان وظيفي في القطاع الفني وصولاً للتقاعد أو الدعم المادي في حال العجز، ويشدد فنانون على أن المملكة تمر بإصلاحات كبيرة في ظل رؤية 2030 التي تقودها الحكومة الرشيدة، متمنين أن ينسحب ذلك على وضع الفنان وحقوقه. وقال الفنان إبراهيم الحساوي: "إن الفنان بكل أسف أصبح يتسول الجهات، إذ إن الفنان حالياً لا يأخذ حقوقه كممثل في المسرح والسينما والتلفزيون، ولأن ليس لديه حالياً جهة تنظم الجانب المهني كجمعية خاصة بالفنانيين وهي التي طالب بها فنانون كثر، فإنه لا يأخذ أجراً إضافياً من المنتج عن نسبة توزيع العمل على القنوات الفضائية"، مشيراً إلى أن الفنان لا يعرف إلا بعض حقوقه الفنية كالأجر والدفعات والمصروفات الخاصة بالسكن والتذاكر مدة العمل. وأضاف: "مؤخراً صرت أحرص على معرفة تفاصيل ومفاصل العمل مع الممثلين والمخرج"، مشيراً إلى أن الواقع الفني يحتاج إلى إصلاحات تواكب الحركة الفنية التي تشهدها المملكة حالياً. وقال: "لابد أن تكون لدينا جهة مسؤولة عن عقود وأجور الفنان لتهتم فيه، فتأخذ حقها وتعطيه حقوقه، ولأن هذه الجهة غائبة حتى الآن فإن حقوق الفنان مهدرة"، لافتاً إلى أن الفن أمر أساسي في حياة الإنسان، وبأن الفنان هو كل من ينتمي للفنون، ممثلاً كان أو مؤلفاً أو مخرجاً أو ملحناً أو موسيقياً أو مغنياً أو رساماً أو مصوراً أو فني إضاءة، وفني صوت، وفني ديكور، أو مُعدّ أو منتج أو حتى عامل الشاي الذي يعمل في مجال الفنون وبائع التذاكر. تصنيف أجور الممثلين وأكد الحساوي بأن غياب الجمعيات الخاصة بالجانب الفني سبب عدم وجود لتسعيرة أو تصنيف لأجور الفنانين، ف"كل فنان له اجتهاده في ذلك، وحضوره في المشهد الدرامي، علماً أن الذي كان مُتّبعاً في التصنيف محلياً هو أن يتقدم الممثل بمجموعة شهادات من مؤسسات الإنتاج الفني تثبت أنه شارك في المسلسل الذي تم إنتاجه من قبل المؤسسة، وأن الممثل المذكور كان حسن السيرة والسلوك، ومن ثم يقدمها للتلفزيون السعودي، ليتم تصنيفه على إثرها وكان التصنيف من درجات "ألف، باء، جيم" ولا يترتب عليه تصنيف مادي، إذ لا يعني التصنيف أن الممثل يتمتع بموهبة تجعله ممثلاً قادراً على التأثير، وكل ما هنالك أن التصنيف الذي يحصل عليه الممثل من التفزيون يفيده في تسويق نفسه لشركات الإنتاج لكن لا يمنحه هذا التصنيف أياً من الحقوق". ورأى الحساوي بضرورة أن تكون هناك جمعية فنية مسؤولة عن حقوق الفنان السعودي، وألا يتم فرض أي فنان، إلا بعد أن يتم تأهيله وتدريبه حتى يكون مؤهلاً وجاهزاً للمهمة التي سوف يمارسها، كل في مجاله "والبلد مليئة بالشباب والشابات القادرين على تقديم الأفضل والممتع والبديع والمفيد". وتابع قائلاً "فائدة أن تكون لدينا جمعية فنية هو لمواكبة التطورات التي جدّت في البلد، عناصر وكوادر فنية من شابات وشباب البلد بالألوف قابلة للاستثمار في الجانب السينمائي، وهناك عدد كثير من الشباب الذين درسوا وتأهلوا في الخارج، أو من الشباب الموجود في البلد ممن أثبتوا جدراتهم كل في مجاله وهم كثر، وهؤلاء بحاجة لأنظمة جديدة تحمي حقوقهم وتضمن استمرارهم في الصناعة الفنية السعودية". قيادات شابة وشدد الحساوي على أن المؤسسات الفنية السعودية أصبح فيها دماء جديدة يعول عليها الفنانون، إن "ما يجعل الفنان السعودي مطمئناً على حقه يكمن في ما نشاهده الآن على أرض الواقع من دماء جديدة تم ضخها إلى أهم مؤسسات ووزارات وهيئات الوطن المعنية بالفن والفنان". وتابع "ما يجعل السينمائيين السعوديين وصناع الأفلام في اطمئنان وأمان على حقوقهم الآن هو أنهم يعيشون عصرهم وزمنهم في بلدهم وأصبح لديهم هيئة رسمية تعلن مسؤوليتها عنهم والاهتمام بهم والشراكة معهم فيما يفيدهم ويفيد البلد والفن والإنسان". وأضاف "ما يجعلني واثقاً هي الخبرة الإدارية التي يتمتع بها وزراء ومديري ورؤساء هذه الجهات، وزارة الثقافة والإعلام والهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع وهيئة الإذاعة والتلفزيون والهيئة العامة للثقافة". تحقيق آدمية الفنان وليس بعيداً عن رأي الحساوي، شدد الفنان عبدالمحسن النمر على أن تحقيق "آدمية الفنان" مسألة مهمة جداً، "فهي أهم من تنظيم أجوره، وآدميته لن تتحقق إلا عبر واقع جديد ومغاير، كمنحه مؤسسات تنظيمية تنظم أموره الفنية وترعاه في التقاعد والمرض". وتابع "من بداية التسعينيات ومن مهرجان الخليج طالبنا بإنشاء جمعية فنية، وكنا نبحث عن مسمى وعملنا مع الفنانيين على مشروع ودراسة، وكان ذلك بداية تحت سقف السينمائيين الخليجيين، بعدها جعلناها للفنانين داخل المملكة ولم يتحقق أي شيء للأسف"، مضيفاً بأن الجمعيات "هي الوحيدة التي تعطي للمشتغل في القطاع الفني أبسط حقوقه المرتبطة بوظيفته". وتابع "إن الفنان لا يتمتع بأدنى حقوق توفرها وظيفته، فلا ضمان اجتماعي، وأي وعكة صحية تقلب حياته وتنهيها على الصعد الفنية والمادية كونه لا يتمتع بأي حقوق تقاعدية من مهنته"، مشدداً على أن الفنان يحتاج في هذه المرحلة التي تشهد فيها المملكة تطوراً كبيراً في ظل رؤية 2030 إلى ضمان حياة اجتماعية في الحد المتوسط، وإلى العلاج والتقاعد "وجميعنا يعلم أن الفنان لابد أن تكون له المؤسسات المتخصصة في شؤون مهنته". وأضاف النمر: "حالياً أنا جاهز لدعم الجانب الفني الذي يتقدم ضمن ما نشاهده الآن في ظل القيادة الرشيدة، وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين"، مثنياً على دور هيئة الترفيه. وتابع "علينا ألا نغفل بأن لدينا حقل الدراما، وبه جزء من عملية الترفيه والجزء الأكبر منه يكمن في البناء الاجتماعي والطرح الفني الذي يصنع القيمة الفنية في نهاية المطاف للفن السعودي". وأضاف "إننا الآن في عصر نهضة جديدة، والآن وقت الفعل الجاد، خاصة أن الطريق قد بان للجميع، وتمت تهيأته، وعلينا كفنانين العمل لصنع شيء جديد كل من موقعه، إذ لا يوجد كسل، فالرؤية واضحة، وما نراه حالياً واقع وليس مجرد كلام"، وتابع "لست مستعجلاً ولكن لابد أن نبدأ بالتغيير". الفنان تائه ورأى محمد السنان باحث وملحن ومؤلف موسيقي بأن الفنان تائه، وكذلك الموسيقي له نفس المعاناة، مضيفاً "إن لم يكن هناك كيان يضم الفنانين سواء مسرحيين أو موسيقيين لن تكون هناك نهضة في الجانب الفني، لأن الجهود ستبقى فردية ومشتتة وتقتصر على الإنجازات الشخصية فقط". مضيفاً "نفتقر للجمعيات الفنية، وكنا نطالب بذلك قبل 12 عاماً ونطالب بإيجاد كيان لنا وننشئ جمعية للموسيقيين السعوديين، كنا مجموعة كبيرة بما فيهم طارق عبدالحكيم وجميل محمود والقائمة طويلة"، مشيراً إلى أنه حان الوقت لتلبية ذلك الآن في ظل رؤية 2030، "ولو تساءلنا لماذا كيان يجمع الفنانين ويدافع عن حقوقهم، وينظمهم، فسنعرف أن أي مهنة إن لم تنظم تفقد بريقها، فنحن نعيش في شتات وتنقصنا الفرق الموسيقية السعودية ومعاهد الموسيقى ودار أوبرا، وبدون كل هذا التنظيم لن تنهض الموسيقى لدينا". الحراك الفني بدأ وقال الفنان سعيد قريش: "لابد أن يكون للفنان كيان يحمي حقوقه، فحين أمثل مسلسلاً أو عملاً درامياً أو فيلماً فإنني أخرج بصفتي فناناً سعودياً، وأني أمثل وطني وفنان يقدم أعمالاً عربية وخليجية وسعودية وبالتالي نريد ضماناً وأماناً كفنانين من حيث المدخول المادي والمعنوي الذي يكون سنداً لعائلتي بعد وفاتي أو مرضي أو ما شابه من ظروف الحياة"، وتابع "نحن نضحي كفنانين على حساب أعمالنا الأساسية، ويتمثل في ذلك في الخروج من العمل كإجازات وما شابه، وعلى الأقل يقدم للفنان استثناء من الوظيفة عبر تفريغه للفن وهو على رأس عمله وهو نوع من التكريم الحقيقي ليعطي الفنان أكثر في مجال الفن الذي يعد من أهم اهتمامات الإنسان اليوم". وذكر بأن بعض زملائه الفنانين في الدول الخليجية هم على رأس أعمالهم بيد أنهم مفرغون للفن ليبدعوا أكثر، مضيفاً "في النهاية الفن يخدم الوطن وعدم تفريغ الفنان بصراحة يشكل ضغوطاً عليه من ناحية العمل الذي يعمل فيه بعيداً عن الجانب الفني". وتابع قائلاً "إذا تمت معالجة المعوقات التي يعاني منها الممثل السعودي والفنان بشكل عام فإننا سنحصد نتائج أكثر إيجابية من التي نشهدها اليوم"، مضيفاً "سيكون ذلك على جميع المستويات حتى في السينما". ورأى بأن هناك حراكاً سينمائياً مهماً انطلق حالياً "وهو أمر مبهج بما في ذلك الجانب الفني". إبراهيم الحساوي: لابد من وجود جمعية تحمي الفنان في حالة العجز عبدالمحسن النمر: من يرعى الفنان في التقاعد والمرض؟ سعيد قريش: لا تطور للفن إذا لم يتفرغ الفنان محمد السنان: إنشاء الجمعيات والمعاهد الموسيقية مسألة ملحة Your browser does not support the video tag.