إن تحفيز النمو الاقتصادي السعودي هذا العام وخلال رؤية 2030، يعتمد على سياسات جانبي الطلب والعرض وأي منهما يكون أكثر ملاءمة للوضع الاقتصادي الراهن. لذا تهدف سياسات جانب الطلب الى زيادة الطلب الكلي من خلال سياسة مالية (زيادة الإنفاق الحكومي) أو سياسة نقدية (خفض أسعار الفائدة)، بينما تهدف سياسات جانب العرض الى قيام الحكومة بدعم الإنتاج الكلي ورفع الكفاءة الاقتصادية من خلال التخصيص، إلغاء أو تخفيف الضوابط التنظيمية، اتفاقات التجارة الحرة، التخفيضات الضريبية، وكذلك تحسين التعليم، التدريب، والبنية التحتية. وبما أن الاقتصاد على وشك نهاية دورته الانكماشية ويعاني من ضعف الطلب المحلي، فإن سياسات الطلب أكثر ملاءمة وتتسق مع الوضع الحالي للاقتصاد السعودي؛ وبهذا تلعب سياسات جانب الطلب دوراً هاماً في زيادة معدل النمو الاقتصادي من خلال زيادة الطلب الكلي، أثناء فترة الركود أو في الفترة التي يكون فيها النمو أقل من المتوقع مع وجود طاقة احتياطية إنتاجية غير مستغلة تتسبب في خلق فجوة إنتاجية سالبة. فإن الحكومة تستطيع زيادة إنفاقها من أجل دعم الطلب الكلي، مما سيسهم في خلق فرص عمل جديدة وبأجور جيدة ويحفز منشآت القطاع الخاص على زيادة استثماراتها. ورغم، الانتقادات التي تواجهها السياسة المالية التوسعية على أنها تزيد الاقتراض الحكومي لتمويل هذا الإنفاق الإضافي، مما يدفع بالحكومة إلى الاقتراض من القطاع الخاص ومزاحمته بزيادة حجم قطاعها بشكل دائم.لكن في حالة الانكماش الاقتصادي والانخفاض السريع في الإنفاق الخاص وارتفاع نسبة الادخار، تسهم السياسة المالية التوسعية في إعطاء دفعة للطلب في الاقتصاد دون التسبب في مزاحمة القطاع الخاص، حيث تهدف هذه السياسة المالية الى تعويض الانخفاض في إنفاق القطاع الخاص، ولهذا رصدت الميزانية العامة الحالية إنفاقا تقديريا قيمته (978) مليار ريال الأعلى منذ عام 2016م. فقد انخفض إجمالي الناتج المحلي بالأسعار الثابتة بمقدار (19,031) مليون ريال أو بنسبة (0.74%) في 2017م مقارنة بالعام السابق، بينما ارتفع الطلب المحلي بمقدار (17633) مليون ريال في 2017م أو بنسبة (0.73%) ولكنه لم يكن كافيا ليكون النمو الاقتصادي إيجابيا، فإن الوصول إلى معدل النمو المستهدف (2.7 %) بالأسعار الثابتة في 2018م، يتطلب نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بمقدار (69,356) مليون ريال بدعم من نمو الطلب المحلي بأكثر من (65497.38) مليون ريال بالأسعار الجارية في نفس الفترة، على أن لا يكون ارتفاع معدل النمو متسارعا إلى درجة أن يفوق معدل الاتجاه الطويل، مما يتسبب في طفرة اقتصادية يصاحبها ارتفاع حاد في معدل التضخم لا يمكن للاقتصاد تحملها. Your browser does not support the video tag.