سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
اقتصاديون ل « الرياض »: النمو الهائل في الإنفاق العام المحلي لا ينسجم مع معدلات النمو الاقتصادي صندوق النقد: توقعات بنمو الاقتصاد السعودي بنحو 4.5 بالمائة في 2011
توقع صندوق النقد الدولي نمو الاقتصاد السعودي أكبر اقتصاد عربي بنحو 3.4 في المائة لعام 2010م، ونحو 4.5 في المائة لعام 2011م. وأشار إلى أن السياسات المالية والنقدية الميسرة ستستمر في العديد من الدول لتصبح ملائمة على مدى الأعوام القادمة لكن مع المتابعة عن كثب للضغوط التضخمية الناشئة، وتوقع بنفس السياق أن يرتفع التضخم في بعض الدول مثل السعودية مما قد يستدعي كبح التحفيز في 2011م. يأتي ذلك في الوقت الذي تبدو مرونة السياسة النقدية في معظم دول الخليج محدودة نظرا لارتباط عملاتها بالدولار مما يجعل سياسات الإنفاق الحكومي أداة أساسية في توجيه اقتصادات الخليج والتي تعتبر أكبر منطقة مصدرة للنفط في العالم. وقال الصندوق ان التحدي الذي يواجه السياسة النقدية لدول المنطقة هو موازنة الحاجة لدعم إحياء نمو الإقراض مع ترويض الارتفاع المحتمل للتضخم. وذكر تقرير الصندوق إلى أن زيادة وتيرة إنتاج النفط الخام إلى نحو 26 مليون برميل في اليوم في العام المقبل ستدعم اقتصادات دول الخليج بعدما كان معدل الإنتاج عند مستوى 25 مليوناً في 2010. طلعت حافظ وقال ل"الرياض" المصرفي طلعت حافظ إن تقرير صندوق النقد عن الأداء الإيجابي المتوقع للاقتصاد السعودي خلال العام القادم 2011م، وما سيشهده من نمو بوتيرة متسارعة، هو نتيجة لاستمرار المملكة في انتهاجها لسياسة اقتصادية وإتباعها لسياسات مالية ونقدية، تعمل على التخفيف من حدة آثار الأزمة الاقتصادية العالمية على أداء الاقتصاد، وبخاصة مع ربط ذلك التسارع في النمو مع زيادة الإنفاق الحكومي على الرغم من تراجع أسعار النفط العالمية، حيث بلغ الإنفاق الحكومي نحو 596.4 مليار ريال في عام 2009م، والذي يعد بجميع المقاييس والمعايير إنفاقاً قياسياً لم يسجل من قبل في تاريخ المملكة. وتابع بأن سياسة الإنفاق التوسعية، التي انتهجتها الحكومة السعودية ساعدت أيضاً على أن يسجل الاقتصاد المحلي خلال الأشهر المنصرمة من العام الحالي معدلات نمو إيجابية، يتوقع لها بأن تستمر حتى نهاية العام، ليصل معدل النمو الاقتصادي إلى حوالي 3.9%. وأضاف حافظ بأن استمرار محافظة أسعار النفط الخام العالمية على مستويات أسعار معقولة خلال العام القادم في المتوسط ما بين 70 و 75 دولار للبرميل، سيساعد أيضاً على استمرار نمو الاقتصاد الكلي بمعدلات قد تصل إلى 5% وفق توقعات صندوق النقد الدولي، مما سينعكس أيضاً بشكل إيجابي على بقية القطاعات الاقتصادية، التي من بينها القطاع غير النفطي للمملكة الذي حافظ هو الآخر على مستويات نمو جيدة خلال عام 2009م بلغت حوالي 3.8% مقارنة بما كانت عليه في عام 2008م، حيث بلغت نسبة النمو حوالي 4.2%. وأردف أن ميزان المدفوعات سجل فائضاً للعام الحادي عشر على التوالي بلغ نحو 85.4 مليار ريال، نتيجة لسياسة الإنفاق التوسعية ومحافظة أسعار النفط العالمية خلال العام المنصرم على مستويات سعريه معقولة في المتوسط. وزاد أن القطاع المصرفي قد ساهم بفاعلية في استمرارية النمو الاقتصادي في المملكة، من خلال التوسع في عمليات إقراض القطاع الخاص وتمويل معظم المشاريع التنموية، بما في ذلك مشاريع البنى التحتية ومشاريع الخدمات العامة والأساسية. وأشار إلى أن الإنفاق التنموي الكبير الذي رصد لسنوات التنمية الخمس التي تضمنتها خطة التنمية التاسعة والذي بلغ 1444 مليار ريال، بنسبة تجاوزت ال 67% عن ما تم رصده من إنفاق خلال خطة التنمية الثامنة، سيساعد ويساهم بشكل كبير في استمرار النمو الاقتصادي، وفي تحسين نوعية المعيشة وحياة المواطنين، وبالذات فيما يتعلق بتنمية قدرات القوى البشرية وزيادة توظيفها، مما سيعمل على التغلب على إحدى التحديات الاقتصادية الرئيسية التي ذكرها تقرير صندوق النقد الدولي عن أداء الاقتصاد السعودي المتوقع خلال العام القادم. واسترسل حافظ بأن وفرة الموارد المالية وتوجيه معظمها نحو تنمية القوى العاملة والموارد البشرية، بما في ذلك خلق الفرص الوظيفية الجديدة سيساعد على تجاوز مشاكل التوظيف وعدم القدرة على خلق الوظائف وبالتالي في التخفيف من حدة البطالة، التي يتوقع لها أن تنخفض بنهاية سنوات خطة التنمية التاسعة إلى حوالي 5.5% من حوالي 9.6% خلال العام المنصرم. ولفت إلى أنه برغم المعطيات الإيجابية فإنه لا تزال هناك العديد من التحديات التي تلوح بالأفق، من بينها التعامل مع الزيادة السكانية المطردة، والتي تتطلب تعزيز رفاهية المواطن بتوفير السكن المناسب وفرص العمل والتعليم والرعاية الصحية، بما في ذلك التوسع في الخدمات العامة الأساسية وخدمات المرافق. وذكر حافظ أن هناك تحدياً آخر يواجه الاقتصاد السعودي، المتمثل في القدرة على كبح جماح الضغوط التضخمية، نتيجة لإتباع سياسة إنفاق توسعية من جهة وارتفاع أسعار السلع والخدمات المستوردة من جهة أخرى نتيجة إما لتذبذب أسعار صرف الدولار، أو نتيجة لارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج والشحن وخلافه مما سينعكس سلباً على أسعار المنتجات المستوردة من الخارج. من جهته قال ل"الرياض" الأكاديمي الاقتصادي الدكتور عبدالرحمن السلطان ان محافظة أسعار النفط الخام على معدلات مرتفعة نسبيا رغم استمرار معاناة معظم الاقتصادات العالمية من آثار أزمة المال العالمية أسهم في الحد من تأثر اقتصادنا الوطني بهذه الأزمة وساعد على ذالك محافظة المملكة على معدلات عالية من الإنفاق الحكومي عزلت اقتصادنا إلى حد كبير عن تأثر الاقتصاد المحلي بهذه الأزمة. وأكد أن هناك عددا من الإشكالات التي تكتنف أداء الاقتصاد السعودي مما يستدعي القيام بمراجعة شاملة لسياساتنا الاقتصادية لجعلها متوائمة وفعالة في معالجة المشكلات الاقتصادية التي تواجهنا. وأضاف أنه بالرغم من معدلات النمو الكبير في الإنفاق الحكومي والتي تتجاوز معدلاته 20% سنويا، إلا أن معدلات النمو الاقتصادي في المملكة تعتبر متدنية جداً رغم النمو الهائل في الإنفاق العام. واستكمل السلطان بأن تقرير صندوق النقد أشار إلى أن معدل النمو المتوقع في الناتج المحلي الإجمالي هذا العام لا يتجاوز 3.4% وهو معدل متدني في ظل هذا الارتفاع الهائل في الإنفاق العام، كما انه يقل كثيرا عن معدلات النمو التي تحققها عدد من دول منطقة الشرق الأوسط كمصر والأردن ولبنان مثلا رغم أنها لا تتمتع بأي من الظروف الإيجابية التي نتمتع بها، مما يعطي مؤشراً واضحاً على تدني فاعلية الإنفاق العام والحاجة إلى المراجعة الشاملة لتوجهات وقنوات هذا الإنفاق بهدف تحديد مواطن الخلل التي حدت من جدواه وتأثيره الإيجابي على معدلات النمو الاقتصادي. ولفت إلى أن الإنفاق الحكومي في المملكة يمثل تدفقاً نقدياً جديداً للاقتصاد المحلي باعتماده على إيرادات النفط المحصلة من الخارج، إضافة إلى إن هذا الإنفاق له دور رئيسي في الارتفاع الحالي لمعدلات التضخم المحلية بمعدلات لا تتناسب مع معدلات التضخم العالمية المتدنية، حيث وصل معدل التضخم المحلي في أغسطس الماضي إلى 6.1% مسجلاً أعلى معدل له خلال ثمانية عشر شهرا. وقال السلطان ان ذلك يعطي مؤشراً على أن معدلات النمو في الإنفاق الحكومي تزيد كثيراً عن القدرة الاستيعابية لاقتصادنا مما أسهم في الرفع الكبير لمعدلات الطلب الكلي بصورة غذت الضغوط التضخمية محليا رغم استقرار مستويات الأسعار عالميا. وأفاد أن هذا الإنفاق لم يسهم في تحسن فرص العمل المتاحة للعمالة المواطنة وما يلاحظ حاليا هو حدوث ارتفاع كبير في أعداد العمالة الأجنبية في ظل تزايد معدلات البطالة بين أفراد العمالة المواطنة مما يثير تساؤلاً عن مدى تواؤم السياسات الاقتصادية مع السياسات المطلوبة للتعامل مع المشكلات التي يعاني منها الاقتصاد السعودي. وأفاد السلطان بأن كل هذه الظروف تستلزم تحسين الأوضاع المالية وزيادة الإنفاق الحكومي بمعدلات مرتفعة جدا لحل مشكلاتنا الاقتصادية بدلا من تفاقم أوضاعها بشكل مستمر.