إذا كان الأب هو العضو - العمود الفقري - لبناء الأسرة، فإن المسرح هو الدعامة الرئيسة في بناء الفن.. ولذا فقد استحق بجدارة لقب «أبو الفنون» ولكل منا نظرته تجاه جلوسه أمام خشبات المسرح، فمن الناس من يذهب للمسارح للترفيه والضحك فقط، ومنهم من يستلهم الرواية والشعر من خلال مشاهدته لمسرحية مُعينة، فالناس في مشاربها، وعقولها، وتقبلها، وتفسيراتها مُختلفة التفاسير فهُناك من يرى مجموعة من المُمثلين يؤدون دوراً معيناً، ومنهم من يرى مأدبة فنية غنية بشتى وأطيب أنواع الذوق والسمو. وهُناك مسارح للفنون المكانية البصرية، وهُناك مسارح للفنون الزمنية السمعية، وهُناك مسرح «للفن الزمكاني» وهذه لها تفاصيلها الطويلة. والخلاصة أن أياً كان نوع الفن الذي تهواه فإنك حتماً ستستمتع حين تذهب إلى المسرح وهُناك ستجد الألوان كافة فهو سيد الفنون. وهُناك سبب آخر جعل من المسرح أبا الفنون ألا وهو الأنماط الإبداعية التي عرفها الإنسان.. ولو عُدنا إلى تكوين الإنسان لنجد أنه بدأ بتقليد حركات بعض الحيوانات وأصوات الطبيعة كما تذكر لنا بعض كتب التاريخ والحضارات وكانت هذه النواة الأولى لفن التمثيل، وخلال قرون طويلة شهد فن المسرح تطورات عديدة حتى أصبح على ما نراه اليوم من جماليات وإضاءات ومؤثرات صوتية وإخراج عالمي. فالمسرح إذاً هو أقدم فن عرفته البشرية ومن خلال الأدلة التاريخية والمواقع الأثرية التي عثر عليها تدلنا وتجعلنا نؤمن بالمكانة العالية التي يملكها المسرح والمكانة الرفيعة للمسارح لدى الشعوب والأمثلة على ذلك كثيرة.. ففي العصر الفرعوني وحسب ما وصل إلينا عبر كتب التراث وحسب النقوش التي وجدت بمحيط المقابر الفرعونية فإن الفراعنة كانوا يقدمون مسرحاً وعروضاً مسرحية بساحات المعابد وكانت مسرحياتهم تقدم محاكاة تمثيلية للأساطير الشهيرة بالثقافة الفرعونية والنقوش التي كانت تصور تجسيد عرض الأسطورة «ايزيس» و»ازوريس». وفي الحضارة اليابانية اهتم اليابانيون بالفنون بشتى أنواعها ومن أهمها وأجلها المسرح، والمسارح العظيمة التي بنوها. وكانت الأسرة المالكة تحضر العروض المسرحية، ومن أهم الفنون المعمارية التي قدمت لنا وخلدها التاريخ، الفن المعماري الإغريقي والحضارة اليونانية، ففي مسارح الإغريق «عظمة» لا تباهى وبقيت إطلالها حتى اليوم. من هنا جاءت تسمية المسرح ب «أبو الفنون» ويستحق أن يكون كذلك. Your browser does not support the video tag.