تحتضن ساحة الأقصر المصرية خمسة عروض لأوبرا «الناي السحري» لموتسارت التي تروي تفاصيل الصراع الدائم بين الخير والشر، وتقدمها الأوبرا الهولندية في تشرين الأول (أكتوبر) من العام المقبل. ويوضح رئيس مجموعة غزالة الهولندية المنظمة للعروض ييلس فان بالين، أن تسعة آلاف سائح سيحضرون الأمسيات الخمس للأوبرا وسط المعبد الفرعوني ويمضون أسبوعين وسط معالم الأقصر وأبيدوس وأسوان الأثرية والسياحية. ويقول بالين ل»الحياة»: «مناخ الأقصر وطبيعتها التاريخية تتماشى وأجواء العرض. تروي العروض القصة الأزلية للصراع بين الخير والشر والظلام والنور وهي التي تعبر عنها نقوش معبد الأقصر. وستشهد العروض مزجاً للموسيقى الهولندية مع الموسيقى التقليدية المصرية ما بين قبطية وصوفية». ويشير محافظ الأقصر الدكتور عزت سعد إلى أن العروض تأتي ضمن جهود المحافظة لاستعادة مكانتها السياحية وعودة التدفقات السياحية إلى طبيعتها بعدما تراجعت عقب الثورة. وهذه العروض ليست بجديدة على مدينة الأقصر التاريخية التي شهدت عروض أوبرا في كل من معبد الأقصر ومعبد الملكة حتشبسوت المعروف باسم معبد الدير البحري غرب المدينة، في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي. وأوبرا «الناي السحري» لموتسارت مستوحاة من تراث الفراعنة الذين اهتموا بفنون الرقص والغناء والتمثيل والموسيقى وأقبلوا عليها واستخدموها في تربية النشء وفي احتفالاتهم، كما استخدموا الموسيقى في الصلاة ودفن الموتى. ووصف أفلاطون الموسيقى المصرية القديمة بأنها الأرقى في العالم، وقال إنها ملائمة لتكون لحن جمهوريته الفاضلة، فاهتم فلاسفة اليونان بدراستها والكتابة عنها. وتشير الدراسات التاريخية إلى أن الفراعنة عرفوا فنون التمثيل قبل أكثر من ثلاثة آلاف سنة. وبحسب قول الباحث في مركز الأقصر للدراسات والحوار والتنمية ميشال إبراهيم رزق، فإن المعالم الأثرية لملوك مصر القديمة تضم عشرات الشواهد التاريخية في أبيدوس والأقصر وأدفو، التي تؤكد أن المصريين القدماء عرفوا نوعين من الدراما هما: الحفلات الطقسية، والدراما الدينية. ويشير رزق إلى أن الخلفية التاريخية لظهور المسرح في مصر القديمة المصرية كانت في معبد أوزوريس، ذلك إن أحداث أول عمل مسرحي في مصر الفرعونية كان يقوم حول أسطورة مقتل اوزيريس وعودته إلى الحياة. وبذلك فإن العروض المسرحية والتمثيلية ليست بجديدة على المعابد الفرعونية المصرية. وهناك أيضاً استعدادات لإقامة مهرجان للموسيقى الصوفية والترانيم القبطية في مزج فني ما بين الديانتين الإسلامية والمسيحية، اضافة إلى إحياء موسيقى الصعيد التقليدية والموسيقى الصوفية المنتشرة في مصر وبعض البلدان العربية، ما سيتيح اكتشاف ثقافات موسيقية أخرى. كما سيثير فضول هواة الموسيقى والمهتمين بالثقافات الأجنبية خصوصاً في مجال الموسيقى التقليدية العربية. وسيساعد في نشر الثقافة الموسيقية الصوفية المصرية بتنوعها ووحدتها بين شعوب العالم. وسيجمع المهرجان الألحان الدينية والصوفية والترانيم القبطية والكنسية والروحية، وينصهر خلاله الفن الإسلامي بالفن القبطي في لحظة فنية إنسانية واحدة لترسل إلى العالم كله رسالة سلام مصرية. وتسعى محافظة الأقصر أيضاً إلى إقامة مهرجان آخر في ساحة معبد الملكة حتشبسوت تحت عنوان «رنة الخلخال»، محوره إبراز إتقان المصري القديم فن التعبير بالجسد عن حالات الحزن والفرح، كما ظهر في المشاهد المنقوشة على المقابر للرقصات الجنائزية ومشاهد أفراح الزواج وبهجة الأعياد.