تشهد محافظ العلا، عاصمة التاريخ والآثار، وعروس الجبال، كما توصف، حراكاً غير مسبوق سيعيد رسم خارطة السياحة في المنطقة، حيث تسابق الزمن لتزف في أبهى حللها لملايين السياح والزوار. وأكد مسؤولون ومؤرخون وآثاريون واقتصاديون ومختصون بصناعة السياحة أن أمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- بإنشاء هيئة ملكية للمحافظة، يرأس مجلس إدارتها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -أيده الله- يؤكد المكانة الخاصة لها كأهم وأقدم المدن، والتي تضم بين دفتيها أشهر المواقع التاريخية والتراثية المتصدرة لحضارات العالم بالإضافة لمقوماتها الزراعية والطبيعية والثقافية، مشددين على أن الرهان عليها كمصدر دخل دائم يقين يستند على رؤية ثاقبة بأهمية السياحة في صناعة اقتصاد قوي يرفد خزينة الدولة ويحقق معدلات نمو متسارعة ومستدامة توفر آلاف فرص العمل للشباب السعودي. وطالبوا في ندوة "الرياض" بضرورة الدفع خلال المرحلة القادمة بمزيد من الحوافز والتسهيلات والمزايا للمستثمرين وخاصة فيما يخص الإيواء والخدمات السياحية سعياً لتنمية شاملة تستثمر كل المقومات حتى تكون وجهة سياحية رئيسة للسياح من الخارج والداخل، معولين على الهيئة في تسريع المشروعات دون تعثر، والتغلب على الإجراءات الإدارية المطولة، والتوسع في خلق فرص الاستثمار وجذب السياح. كما شددوا على أهمية التناغم بين تنمية الإنسان والمكان فالعنصر البشري عصب التطور الاقتصادي، ونموه ضمان لحياة أكثر رخاءً وإزدهاراً، موضحين أنه لا يمكن تحقيق ذلك بالابتعاث فقط مع ضرورته الملحة أو بعض الورش التدريبية محدودة العدد، بل يجب أن يكون هناك انخراط كلي للمجتمع المحلي ينطلق من المدرسة باعتماد المنهاج الدراسي المتخصص بالجانبين السياحي والاقتصادي، وتضمينه التاريخ الآثاري والحضاري بأهم اللغات العالمية، وكذلك تنمية الأرياف والقرى المتاخمة، والحد من هجرة الأهالي وتركها. ننتظر الدفع بمزيد من المحفّزات والتسهيلات للمستثمر والمطوّر وإشراك كافة فئات المجتمع المحلي في رسم خارطة المستقبل وتناول ضيوف الندوة في قراءتهم وحديثهم جوانب من المستقبل الواعد للمحافظة بعد التوجيهات الكريمة والمخزون الآثاري والتاريخي والحضاري وجهود هيئة السياحة والتراث الوطني في التأهيل والترميمات وانعكاسات إدراج مدائن صالح على قائمة التراث العالمي، وأبرز الحقائب الاستثمارية والصعوبات والعقبات بالإضافة للاستثمار في الإنسان والملفات التي تنتظر انطلاقة أعمال الهيئة الملكية. وشارك في الندوة كل من: سعد السحيمي محافظ العلا، وعبدالله المبارك رئيس مجلس الأعيان في العلا، و د. تنيضب الفايدي المؤرخ والآثاري، وعبدالغني الأنصاري الخبير الاقتصادي، وأحمد الفاضل أمين عام جمعية العلا السياحية، ومطلق المطلق مستشار رئيس هيئة السياحة في العلا، و د. حامد الشويكان رئيس فرع الجمعية السعودية للمحافظة على التراث. مستقبل واعد في البداية تحدث المحافظ سعد السحيمي حول المستقبل الواعد بعد التوجيه الكريم من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - بإنشاء الهيئة الملكية في المحافظة، والاهتمام الشخصي الكبير من قبل سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان - أيده الله - ورؤية 2030، قائلاً: العلا كنز من التاريخ والحضارة والطبيعة الجميلة وقلما تجتمع تلك المقومات في أي موقع آخر، لذلك ليس مستغرباً أن تحظى المحافظة بهذا الاهتمام من قبل القيادة - رعاها الله -، فقد زار الملك سلمان العلا عام 1404ه وما زالت تلك الزيارة المباركة في ذاكرة الأهالي، وكذلك ما يراه الجميع من عناية خاصة لولي العهد وما تدفع باتجاهه الرؤية الحكيمة، فالعلا موقع جذب سياحي هام يزورها ما يقارب من 150 ألف زائر سنوياً ويتوقع أن ترتفع الأرقام خلال العامين القادمين إلى أكثر من مليون زائر. وفي هذا الشأن تداخل عبدالله المبارك قائلاً: العلا عاصمة التراث والتاريخ والحضارات حباها الله عز وجل جمال الطبيعة والأجواء، اشتهرت بالعيون وخصوبة الأرض فكانت زراعتها منتجة لسلال ومحاصيل غذائية متنوعة ومتعددة، كانت أيضاً طريقاً للحاج والتجارة، وفي الجانب العلمي ضمت أقدم مدرسة ولكن التوثيق كان عائقاً لشهرتها، واليوم تثبت التوجيهات الكريمة أن العلا لم تبتعد عن قلب القيادة وفكرها بل كانت حاضرة وبقوة، والأيام القادمة ستشهد نقلة نوعية سيلمسها الجميع. وأضاف: أذكر جيداً عند زيارة خادم الحرمين - حفظه الله - للعلا أنه طلب من سالم الحداد والمهتمين بالتاريخ الاهتمام بالتدوين وأنه - رعاه الله - مستعد لطباعته على نفقته الخاصة، وكان ذلك خلال لقائه بهم في مخيم بالحجر، واليوم من خلال مجلس الأعيان بدأنا هذا المشروع بالتوثيق لأقدم نظام مياه في العالم، وللعادات والتقاليد والموروثات.. وغير ذلك. أغنى وأهم الآثار العالمية وعن المخزون التراثي والتاريخي للمحافظة، قال د. تنيضب الفايدي: العلا ومسماها القديم (دادان) من أهم وأقدم المدن إطلاقاً ولم يعرف بداية تاريخها على وجه الدقة إلا أن العلماء مجمعون على أن تاريخها يعود إلى ما قبل الميلاد بآلاف السنين، مرت بحضارات متعددة خلفت بصمات تاريخية وأثرية متمثلة بالنقوش والمباني والمعابد والأدوات والمنشآت الحجرية وغيرها، فالمحافظة من أغنى وأقدم المواقع الأثرية، عاش فيها ثمود قوم نبي الله صالح عليه السلام، وجاء ذكرها في القرآن الكريم، تعاقبت عليها دول وممالك كديدان ولحيان ومعين والأنباط، خلفوا وراءهم آثاراً يقف الإنسان مبهوراً حائراً أمامها حتى إن الدهشة تغلف كل متعمق في هذا الإرث العظيم، ولو استخدم المسبار لكشف طبقات الأرض لوجدوا أن كل طبقة تمثل تاريخاً لأمة من الأمم. أعجوبة النحت والزخرفة وتحدث الفايدي عن مدائن صالح (الحجر) مؤكداً أن موقعها يعد أعجوبة أيضاً فهي على طريق التجارة القديم "طريق البخور" الذي يربط الجزيرة ببلاد الرافدين وبلاد الشام ومصر، والداخل لها يجد نفسه وسط جبال متشابكة ومنفصلة ومنحدرات صخرية، وهي تضم أهم آثار العالم القديم على الإطلاق كالمقابر الصخرية الفريدة التي تعود للقرنين الأولين قبل وبعد الميلاد، الموشاة بالفنون الزخرفية، وإلى جانبها بقايا معابد وكوات مقدسة، وتنتشر في الموقع مخلفات أثرية، ومقابر منحوتة في الجبال والتلال المحيطة بها، تضاهي في مجموعها مقابر البتراء النبطية في الأردن، وتتشابه معها في كثير من الأطر العامة لأساليب التنفيذ، وتصميمات الواجهات والعناصر الزخرفية، وتختلف عنها بأن مقابر الحجر لاتحوي منحوتات زخرفية في غرف الدفن. 131 مقبرة صخرية محاطة بالغموض والأسرار واستطرد: مقابر الحجر تنتمي لأكثر من فترة زمنية يبلغ إجماليها 131 مقبرة لم يؤرخ منها سوى 33 فقط بينما يكتنف الغموض ما تبقى منها، وتتوزع في مواقع تسمى بأسماء محلية منها: قصر البنت، قصر الصانع، الخريمات، الصليمية، جبل المحجر، قصر العجوز "الفريد"، وفي مواقع أخرى توجد مقابر بأعداد كبيرة كموقع الخريمات الذي توجد به 53 مقبرة حجرية صخرية، مشيراً إلى أن نحت المقابر يبدأ من الأعلى مستدلاً بوجود منحوتات غير مكتملة، أما التصميم فبأسلوبي الحفر المستطيل، ونحت الفراغات. مكتبة لحيان والمابيات الإسلامي وأكد مطلق المطلق أن العلا ذات مخزون تراثي وتاريخي وحضاري فهي تمتلك عدداً هائلاً من المواقع والأماكن الأثرية بمختلف عناصرها من بناء وتشييد ونحت في الصخور، وعددًا مهولاً جدا من الكتابات والنقوش المنتشرة على سفوح الجبال وصخورها، وهذا الإرث الحضاري ممتد منذ أقدم العصور، وفي العصر الإسلامي كانت العلا من أهم المراكز الحضارية في العالم القديم لوقوعها على طريق التجارة القديم الذي يربطها بمصر وبلاد الشام والعراق، وهي من أهم محطات درب الحج الشامي. وأردف: العلا تضم بين دفتيها أهم المعالم "الحجر" والتي تعود إلى فترات ثمودية ونبطية ذات عناصر فنية ونحتية، أيضاً موقع "دادان" الذي يرجع إلى القرن السادس قبل الميلاد، وموقع عكمة، ومكتبة لحيان لما تحويه من كتابات ونقوش وموقع "المابيات" الذي يعد من أهم المواقع الإسلامية المبكرة وهي مدينة إسلامية متكاملة، وكذلك البلدة التراثية المشيدة قبل ثمانية قرون بطريقة بناء يثير الدهشة. الطنطورة الرومانية وبيت المعلم وتحدث د. حامد الشويكان عن مسلة الطنطورة العائدة إلى العصور الرومانية، مشيراً إلى أنها مجموعة من الأحجار بنيت بشكل هرمي تقع بساحة الدرب التاريخية ( الديرة ) وهي مسلة شمسية تقوم على ظل الشمس بطريقة فلكية علمية، لافتاً إلى وجود علامات وأحجار مغروسة في الأرض بالساحة والجدار المقابل لا يصل إليها الظل إلا مرة واحدة في العام، وبذلك يتم حساب دخول الشتاء فلكياً، وذلك عند نهاية انصراف الشمس إلى أقصى الجنوب الغربي من الكرة الأرضية قبل عودتها شمالاً، وبذلك تعرف المربعانية "شدة البرد"، مستطرداً أنها مربعانية زراعية تستخدم في توزيع مياه العيون بواسطة وحدة تسمى الورقة ومدتها حوالي سبع دقائق إذ يتم ذلك بقياس انتقال الظل من حجر لآخر بواسطة المسلة، ويقاس بالشبر، وبتلك الطريقة يتم التوزيع لصاحب الماء وإبلاغه بأخذ حصته من العين لسقيا بستانه، أما ليلاً فهناك بيت المعلم ويتم التوزيع بواسطة طاسة المعلم وبها ثقب، وعند امتلائها يتم حساب الحصة بنوى التمر، وهذه هي الطريقة المستخدمة عند الأجداد قبل اختراع الساعات والحواسيب في قياس الزمن. الثراء الثقافي والمجتمع المدني وعن الثراء الثقافي والمعرفي قال أحمد الفاضل: أول من استوطن العلا في وادي القرى قبيلتا: بني صخر، وبني عذراء ومنهم الشاعر جميل بثينة صاحب القصة الشهيرة والبيت المعروف: ( ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة، بوادي القرى إني إذاً لسعيد )، وقد مر رحالة كثر على هذه الحاضرة، والتي تعد الأكبر حينها، وأثنوا على أهالي البلدة، وتعجب أحدهم من حديث أحد أبنائها عن هرقل وفتح القسطنطينية!، مما يدل على ثراء ثقافي ساهم فيه الموقع الجغرافي والقوافل، أما نظام الحياة فكان مدنياً أداروا من خلاله شؤون بلدتهم محليًا قبل مئات السنين، وعلى سبيل المثال: نظام العيون، وكيفية توزيع حصص المياه، والاستفادة منها، وصيانتها، والأعراف والتقاليد التي يلزم بها كل من أراد العيش في البلدة. الخطاب الديني والجذب السياحي وتساءل الزميل خالد الزايدي حول إشكالية فهم الخطاب الديني تجاه الآثار وانعكاس ذلك على الجذب السياحي الداخلي على وجه الخصوص. وأجاب مطلق المطلق: الدعوة القرآنية للسير في الأرض واضحة في النصوص القرآنية، " أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم .."، " قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق.."، والمحافظة استقبلت وتستقبل عدداً من طلبة العلم والمشايخ ومنهم أعضاء في هيئة كبار العلماء كالشيخ عبدالله المطلق والشيخ عبدالله المنيع اللذين شددا على عدم جواز العبث بالآثار، وأهمية المحافظة عليها، كما أن تعدد الآراء واختلاف الفتاوى والاجتهاد لن تكون عائقاً عن زيارة الآثار، فالنصوص يمكن الجمع بينها ومقابلتها، ومعرفة المصالح ومقاصد الشريعة، وتجديد الخطاب الديني من قبل العلماء المعتبرين بات أمراً هاماً فالدين صالح لكل زمان ومكان. جهود نحو العالمية وحول الجهود القائمة في التأهيل والترميمات، أشاد سعد السحيمي باهتمام الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني خلال السنوات الماضية، والتي تجاوزت حداثة تأسيسها كون التراث سابقاً من مسؤوليات وزارة المعارف، مؤكداً أن الهيئة بدأت أولى خطواتها بالحفاظ على المواقع التاريخية والتراثية من العبث، ثم تتالت الخطوات التأهيلية الجادة بدءًا بسكة قطار الحجاز، والحجر، كما أنها حافظت على الموجودات الأثرية، لافتاً إلى وجود خطة طموحة لتأهيل البلدة القديمة، مثنياً على جهود سمو رئيس الهيئة الأمير سلطان بن سلمان، والذي كان دائم الزيارات للمحافظة للمتابعة، والاطلاع والوقوف على المشروعات التراثية والمنجزات. وتداخل د. تنيضب الفايدي: من جهود السياحة وعلى رأسها الأمير سلطان بن سلمان إدراج مدائن صالح على قائمة التراث العالمي تعزيزاً للقيمة التاريخية للمملكة كموطن قديم وأصيل للحضارات، مشيراً إلى جهوده في تهيئة المكان وتعويض ملاك المزارع والبدء بالترميمات الأساسية والهامة، واستمرار العمل الجاد والمنظم. تزايد زوار العلا وعلق عبدالغني الأنصاري: العلا هي الكنز الذي لم يكتشف سابقاً، وهي تستطيع أن تستقطب أكثر من عدد زوار مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة لو تم تأهيلها بالشكل الجيد، وهذا متوقع بعد القرار الكريم بإنشاء الهيئة الملكية، وعندما نتحدث عن مثلث هام: مكة، المدينة، العلا فإننا نتكلم عن مميزات لا توجد في العالم، الحرمان الشريفان، الآثار، الطبيعة، البحر، وإذا عدنا للمحافظة فإن سلة الغذاء هناك أضحت عالمية، فتمور العلا مثلاً أحدثت حراكا ًاقتصادياً، وأضحى المستورد لها من الإمارات وتركيا والصين، ولكن للأسف يتم شراؤه خاماً، ثم تعاد تعبئته، ويصدر بشعارات وأسماء دول وشركات أخرى، وهذه إحدى ثروات الأرض التي ما زالت مهدرة ! وأضاف: استوقفني العدد المليوني الذي ذكره المحافظ، الأرقام عادة ليست جامدة وتحتها معادلات، فعندما أستهدف مليون زائر فأنا أحتاج شبكة ضخمة من النقل العام والقطارات، وعدداً كبيراً من الغرف الفندقية، والشقق والاستراحات، وأكثر من 30 مشروعاً اقتصادياً داعماً، ومع إنشاء الهيئة الملكية نتوقع تسهيلاً للإجراءات وإعطاء إعفاءات، وإعادة النظر أيضاً في التنظيمات الرتيبة، حتى تستطيع أن تغير الإنسان والمكان لتكون المحافظة في صدارة مواقع الجذب، وتستطيع أن تصنع اقتصاداً يدر أرباحاً كبيرة. شح الفنادق وتراجع أعداد المزارع ووجه الزميل محمد الصواب سؤالاً للمحافظ عن سبب شح الفنادق في العلا، وإغلاق بعضها، وتراجع أعداد المزارع وانعكاس ذلك على التنمية السياحية للمحافظة. وأجاب: ليس هناك شح، وإغلاق أحد الفنادق كان لإعادة التأهيل، ولدينا طلبات كثيرة لإنشاء فنادق عالمية سابقاً، وهذا الملف أصبح من اختصاص الهيئة الملكية التي ستعيد رسم الخارطة السياحية للمحافظة، وأتوقع أن تشهد العلا نقلة نوعية تضاهي خلالها أهم المدن السياحية العالمية، مشيراً إلى وجود ثلاث منتجعات صحراوية تعد الأجمل سياحياً على مستوى الشرق الأوسط، مع أنها أنشئت بأفكار بسيطة، منها منتجع صنفته مجلة أميركية في عام 2016م كأفضل منتجع صحراوي. البنية التحتية وتساءل الزميل نايف الصبحي عن أسباب تأخر استكمال ازدواجية طريق "العلا - حجر"، وبعض الطرق الرابطة بالمحافظة. وأجاب المحافظ: الطرق من أهم عوامل الربط، ولكن مفهومنا أحياناً للطرق يقتصر على الطرق المزدوجة والسريعة ذات المسارات الأربع بينما في بعض الدول المتقدمة لا ينظر لها بهذا الشكل، واليوم لدينا طرق جيدة والحمد لله، وإن كانت ليست بمسارات متعددة "سريعة"، وأتوقع أن يكون هذا الملف من أولويات الهيئة الملكية. وعلق د. الفايدي: أرجو أن تراعي مشروعات الطرق القادمة وجود طرق برية يستمتع بها محبو الصحراء. وتداخل عبدالله المبارك: المحافظة تحتاج للشيء الكثير فيما يخص البنى التحتية التي ما زالت دون المأمول، والفترة القادمة نؤمل أن تتغير للأفضل بإذن الله، كما أضيف أنه من المهم ألا يقتصر ربط المحافظة بالمدن الداخلية بل يجب أن ترتبط بالعالم جواً عبر مطار دولي، وبحراً عبر الميناء الأقرب، مشدداً على أهمية اكتمال البنية التحتية من كهرباء ومياه وفي أسرع وقت ممكن. استعدادات المرحلة المقبلة وفي سؤال عن مدى استعداد أبناء المحافظة للمرحلة القادمة؟ أجاب أحمد الفاضل: من المهم أن نعيد تعريف الخدمات، والأنشطة السياحية بكل تفاصيلها، ليختار كل شاب وفتاة ميوله وتخصصه، الأعوام الماضية كان فيها السوق محدوداً لعدم وجود تأشيرات سياحية، وكذلك عدد الفنادق، وكانت هناك عقبات تتصدرها رحلات الطيران، ومواعيد الزيارات التي تكون مع نهاية الأسبوع، والمرحلة المقبلة ستشهد احترافية أكثر في التعاطي مع ملف السياحة، مشيراً إلى أن المرشدين السياحيين في العلا أكثر تميزاً عن أقرانهم في مناطق المملكة، وكذلك المصورين الذين فازوا بجوائز دولية. وتداخل د. تنيضب الفايدي: يجب أن يجمع شتات جهود أهالي المحافظة وأقصد أصحاب المتاحف الخاصة بوضع المقتنيات ضمن متحف ضخم أو مركز ثقافي شامل مهيأ بقاعات مخصصة للعروض المرئية وللمحاضرات والندوات. وتداخل عبدالغني الأنصاري مقترحاً تدريس مادة خاصة لطلاب المحافظة عن تاريخ العلا، وأخرى تحوي مفردات سياحية وتاريخية وآثارية بأشهر لغات العالم ليسهل تواصلهم مع السياح. شركة وصندوق وحول الصعوبات والعقبات التي تواجه المستثمر في المجال السياحي، قال عبدالغني الأنصاري: أي عمل بدون صعوبات لا يكون ممتعاً، ومن الطبيعي وجود التحديات التي تصنع الفرص، ومن المبادرات التي أرجو مشاهدتها واقعاً: أن يتم تأسيس شركة مساهمة للعلا متخصصة في تطوير العلا بالكامل تكون ذراعاً استثمارياً للهيئة الملكية بالإضافة إلى صندوق استثماري خاص بالمحافظة للإقراض، فالعلا منطقة بكر لو تم الاستثمار في الفنادق والاستراحات فإن رأس المال سيعود خلال فترة قصيرة لن تتجاوز 5 - 10 سنوات. وشدد الأنصاري على ضرورة وجود كشاف اقتصادي، مشيراً إلى أن أي مستثمر سيبحث عن الفرص ليدرسها، ويعرف نقاط القوة والضعف، وكل هذه المزايا يجب أن توزع على شكل مشروعات: صغيرة، متوسطة، كبيرة، مؤكداً أن العلا ستكون منطقة استقطاب لجميع أبناء المملكة الذين سيحلمون بالعمل فيها في المرحلة القادمة، وهذه المحافظة بكل وضوح لو أتيحت للاستثمار الأجنبي فإنه لن يدع فرصة لمستثمر وطني واحد. منع التعديات والإحداثات وفي سؤال للزميل محمد الصواب حول جهود المحافظة في منع التعديات والإحداثات بعد القرارات الأخيرة؟ أجاب سعد السحيمي: العلا كنز وطني هام جداً، ومن أغلى الكنوز بالمملكة، لذلك وقفت المحافظة بحزم ضد التفريط بالأراضي، وحافظت عليها خاصة المواقع السياحية والتراثية، وكل ذلك كان بمتابعة واهتمام مباشر من صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان أمير منطقة المدينةالمنورة. حوافز الاستثمار وفي سؤال هل هناك خطوات جادة للتيسير على المستثمرين بعيداً عن البيروقراطية والروتين ؟ أجاب السحيمي: الهيئة الملكية لم تنشأ من فراغ، ولن تعمل بنفس أسلوب وطريقة الإدارات الحكومية الأخرى، أنشئت لتكون مختلفة تماماً في عملها وبأسلوب مميز وكلنا يؤمن بأن قدومها فيه خير كبير للمحافظة بإذن الله. وعلق عبدالغني الأنصاري: الهيئة أنشئت لتغيير خارطة المحافظة الاستثمارية، والعلا ستنتقل من مدينة يعرفها السعوديون إلى مدينة عالمية، فهي توازي إن لم تكن أكثر شهرة من الأهرامات المصرية، ومؤمل من الهيئة الكثير رغم أنها ما زالت في بدايتها ولكن رئاسة ولي العهد لها يجعلنا نتوقع منها الكثير، فالمحافظة رهان الرؤية. وتداخل عبدالله المبارك: الهيئة الملكية برئاسة ولي العهد لمجلس إداراتها ستحول الأحلام إلى حقائق، ولن يكون هناك أي تعثر في اعتماد المشروعات أو متابعتها، فالخير والتطوير مقبل بمشيئة الله. رئاسة ولي العهد لمجلس إدارة الهيئة ستسرِّع إنجاز «الحلم» حول أبرز الحقائب الاستثمارية التي يمكن استغلالها في العلا، قال عبدالغني الأنصاري: العلا كلها كنز وكل استثمار بها مجد ونافع وناجح، ولكن سأتكلم بلغة المستثمرين، فالمستثمر إن لم يجد بنى تحتية متكاملة سيتردد، كيف سأنشئ فندقاً ونسبة الإشغال متدنية؟، اليوم في عالم الخصخصة هذا القطاع الذي تعول عليه الدولة في رؤيتها، آن الأوان له أن يتحرر من القيود بمعنى ليس مطلوباً من الحكومة أن تنفذ طرقاً، بل أن تبيع امتيازاً لإحدى الشركات فتقوم بالتنفيذ مقابل رسم تحصيلي من سالكيه، فالقطاع الخاص سيكون حريصاً على سرعة التنفيذ والاستفادة، التفكير الاقتصادي الجديد "بيع الخدمات للقطاع الخاص" يجب أن يحل سريعاً لاسيما مع وضعنا الحالي، يمتد ذلك للقطارات والمطارات والمستشفيات والمتاحف وبقية الخدمات. وتابع: إنسان العلا بحاجة لمتطلبات، وإن لم يجد عناصر تنمية متكاملة سيغادرها مهما كان عشقه لها، أنا أحذر من مغادرة الأهالي لقراهم، يجب أن يبقوا وتتم تنمية الأرياف، اليوم المحافظة سلة غذاء يجب أن يستفاد منها، مشيراً إلى أن بعض الدول أنشأت مراكز مؤتمرات في مدن الصقيع، والأماكن غير المهيأة، فلماذا لا نستطيع أن ننشئ مركزاً ضخماً في منطقة صحراوية جميلة؟. تداخل السحيمي: رئاسة ولي العهد شخصياً لمجلس إدارة الهيئة الملكية سيختصر الوقت، والإجراءات لسرعة إنجاز الحلم الكبير المنتظر، وهذا دليل قاطع على عناية ولاة الأمر -حفظهم الله- واهتمامهم البالغ بهذه المحافظة، وغيرها من مناطق ومحافظات المملكة. الدولة تبتعث أبناء العلا للخارج ليضعوا محافظتهم على خارطة السياحة العالمية أطلقت الهيئة الملكية لمحافظة العلا، "برنامج الهيئة الملكية لمحافظة العلا للابتعاث"، وهو برنامج تنموي لتطوير الكفاءات والكوادر الوطنية لأبناء وبنات المحافظة، ومنحهم الفرصة لتطوير مهاراتهم الفنية والقيادية للمشاركة في حركة التنمية المستقبلية للمحافظة، وذلك من خلال برنامج ابتعاث لدراسة التخصصات العلمية والتقنية واكتساب مهارات الابتكار والإبداع وريادة الأعمال من أجل دعم التوجه الإستراتيجي للمحافظة. ويهدف البرنامج إلى ابتعاث الطلاب والطالبات من أبناء محافظة العلا إلى مؤسسات تعليمية عالمية في الولاياتالمتحدة الأميركية، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وغيرها من الدول للحصول على درجة الدبلوم أو البكالوريوس أو الماجستير في مجالات السياحة والضيافة والتقنيات الزراعية وعلم الآثار والتاريخ وغيرها من التخصصات الأخرى التي تخدم جهود تنمية وتطوير المحافظة. وأكد الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود، محافظ الهيئة الملكية لمحافظة العلا، معلقاً على إطلاق برنامج الابتعاث: "يعكس هذا البرنامج حرص القيادة الرشيدة على إعداد جيل يمتلك المعرفة العلمية المتخصصة ومقومات القيادة وريادة الأعمال والابتكار لدعم مساهمة المحافظة في تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030، وذلك بما تمتلكها المحافظة من مقومات تراثية وثقافية وحضارية وطبيعية، ستضعها بمشيئة الله تعالى على خارطة السياحة العالمية". العلا تتأهب لدخول مرحلة جديدة من تاريخها أشار أحمد الفاضل إلى أن العلا على مر العصور كانت أرضاً خصبة لاستيطان أكثر من خمس حضارات والاستيطان الإنساني فيها عماده الموقع الجغرافي الذي جعل منها ملتقى لطرق التجارة قديما، وقوافل الحج الشامي في الفترة الإسلامية، وكذلك وفرة المياه "60 - 70 عيناً"، وخصوبة الأرض، والبيئة المناسبة، مشيراً إلى أن المحافظة تقوم على مكونات مهمة تتصدرها الآثار التي يعود بعضها إلى (3000 سنة قبل الميلاد)، الزراعة ومحاصيلها، التشكيلات الطبيعة الممتعة للعين، واليوم وبفضل القيادة الرشيدة فالعلا تتأهب لدخول مرحلة جديدة من تاريخها تؤكده القرارات الكريمة والاهتمام المتزايد خلال السنوات الثلاث الماضية مما أسفر عن ولادة مشاريع سياحية ناجحة سرعان ما انتقلت لمناطق مختلفة منها المخيمات الصحراوية، الإرشاد السياحي الأسر المنتجة، المهرجانات الزراعية. وأضاف: الدولة -أيدها الله- حينما ارتأت تنويع مصادر الدخل وجدت في العلا المكان المناسب للاستثمار لتكون المحافظة موقعاً سياحياً عالمياً، ومع قرار إنشاء الهيئة الملكية فنحن ننطلق باتجاه المستقبل. علاقة العلا بمشروع «نيوم» تداخل د. تنيضب الفايدي حول المحافظات التاريخية ومشروعات الشمال وقال: محافظتا خيبر وتيماء قريبتان من العلا، وهما تاريخيتان أيضاً، فنرجو أن يكون هناك رابط بينهم، بإنشاء مشروع قطار يجمع شتات المحافظات التاريخية المتقاربة. وعلق سعد السحيمي بقوله: وفق الرؤية الحكيمة 2030 فإن مشروعات الشمال "نيوم" والبحر الأحمر ستحدث تطوراً نوعياً، وهي قريبة من العلا جغرافياً وجيولوجياً، وأتوقع أنها ستكون في مجموعها اقتصاداً ضخماً للمملكة، وستكون المحافظة عمقاً لها فأي سائح أو زائر ل"نيوم" أو البحر الأحمر سيكون مرتبطاً بالعلا. شبابنا واعٍ ومتحفّز لصناعة المستقبل تساءل الزميل خالد الزايدي حول أهمية الاستثمار في الإنسان، وبناء العقول والاعتماد على أبناء المجتمع المحلي، وهل يكفي الابتعاث؟ وأجاب أحمد الفاضل: أول بادرة للهيئة الملكية في العلا هي تطوير الإنسان، وتكاتف الجهود استعداداً للمستقبل، والبرامج التي أطلقتها الهيئة كلها متخصصة في التاريخ والآثار، والسياحة والضيافة، والإنتاج الزراعي، المرحلة الثانية المطلوبة من شباب وفتيات العلا أن يهيئوا أنفسهم للعمل في الأنشطة التي يتوقع أن يكون فيها فرص أكبر وأكثر. وتابع: هيئة السياحة أمضت سنوات في التخطيط والتأهيل وتسجيل المواقع والمحافظة عليها، واليوم الهيئة الملكية ستعزز الجهود لإبرازها للعالم، فينبغي علينا أن نضاعف جهودنا حتى نواكب التطور المتسارع، فمن يفكر في الأنشطة السياحية والخدمات يبدأ بالبحث عن النشاط الذي يميل له ليجد فرصة عمل مواتية له، وكذلك الخدمات اللوجستية الأخرى. وعلق عبدالله المبارك: جهود الأمير سلطان بن سلمان، واهتمامه بالمحافظة كانت ملموسة خلال الفترة الماضية، ومع أني لم أكن مهتماً بالجانب السياحي فيما سبق إلا أني استفدت الكثير، والشباب اليوم بات واعياً ومتحفزاً لصناعة المستقبل. وتداخل المحافظ: أهالي العلا من القدم لديهم ارتباط بالسياحة، ومتهيئون وجاهزون لها، ويكفي أن أشير إلى أن المرشدين السياحيين من الشباب كثر، وهم يتقنون لغات متعددة، ومعروفون بالضيافة، ومتقبلون للسياح والزوار. سعدالسحيمي: العلا كنز من التاريخ والحضارة والطبيعة.. والهيئة الملكية ستعيد رسم خارطتها السياحية عبدالله المبارك: المحافظة بحاجة لبنية تحتية وربطها بالعالم جواً وبحراً د. تنيضب الفايدي: جهود هيئة السياحة أسهمت في إدراج مدائن صالح على قائمة التراث العالمي عبدالغني الأنصاري: نتطلع لتأسيس شركة تكون ذراعاً استثمارياً للهيئة الملكية وتسهيل الإجراءات أحمد الفاضل: تطوير الإنسان أول مهمة أمام الهيئة.. ويجب إعادة تعريف الخدمات والأنشطة لشباب وبنات العلا د. حامد الشويكان: مزارعو العلا ابتكروا وحدات زمنية سبقوا بها الساعات والحواسيب الحديثة مطلق المطلق: العلماء شددوا على أهمية المحافظة على الآثار وعدم جواز العبث بها وتعدد الآراء ليس عائقاً القرية التراثية المعروفة بالديرة الطنطورة أو المزولة الشمسية أحد المعالم التاريخية في العلا طبيعة جبلية ملهمة يقصدها الكثير من السياح مدائن صالح من أهم وأجمل المواقع الأثرية في العالم سائح يلتقط صورة لشلال مائي حيث تزخر المحافظة بالعديد من المقومات الطبيعية قصر الفريد في العلا Your browser does not support the video tag.