ردود الفعل من أي موقف، أو حدث، أو حديث؛ تنتهي إلى دوائر منفصلة غالباً من النقد أو المقارنة أو التسويق أو المجاملة، وجميعها تختلف من فكر إلى آخر، ومن لغة تعبير إلى أخرى؛ بحسب العلاقات والمصالح والمشتركات.. والتخصصات أحياناً، وتبقى في تفاصيلها وثيقة حضور لمعرفة وتحليل الواقع، أو ربما تنفيس عن حالة تأزيم وقلق، أو توقع لما سيكون عليه المستقبل. أي مجتمع لديه ردة فعل هو يتغيّر، ويتقدم، وينطلق إلى حيث يريد، ويواجه التحديات وهو على ثقة أنه يتعايش، ويتقاسم منجزاته وهمومه معاً، ويتطلع إلى المشاركة التي تحدث فارقاً نحو كل ما يعزز وحدته، وتماسكه، ونموه وازدهاره؛ فالنقد سبيل للإصلاح، والمقارنة تحفيز للوصول، والتسويق ثقة بالإمكانات، والمجاملة تشجيع لتقديم ما هو أفضل. السعوديون اليوم في مجالسهم وملتقياتهم يتحدثون كثيراً عن سياسة وطنهم واقتصاده، والتغيرات الكبيرة التي طرأت على تحديث قيمه، ومستوى معيشته، ويتناقلون بينهم القصص والأخبار والشائعات أحياناً، ويحاولون ربط الأحداث والمواقف من هنا وهناك، وتفسير ما يطرح وما يثار، وتحليل ما يتم تقريره والمضي فيه، وهو أمر طبيعي لأسباب عدة، أهمها تعدد البدائل الاتصالية للمواطنين في الحصول على المعلومات، ومنصات التعبير عن الرأي، والتفاعل مع ردود الفعل، وهم ليسوا سواء في التفكير قبل التعبير، ولكنهم على ثقة بقيادتهم التي يشعرون أنها قريبة منهم، وثقة أيضاً بوطنهم الذي يعيش أعتاب مرحلة جديدة، ورؤية مختلفة، ورغبة حقيقية في المشاركة، والتأثير، وتأهيل الإنسان، وتنمية المكان. كفاءة الإنفاق، وتنويع مصادر الدخل، والاستثمار، ومحاربة الفساد، لم تكن شعارات أو توجهات مؤقتة، ولكنها رؤية بعيدة لما سيكون عليه الوطن مستقبلاً، حيث بدأنا نلمس جدية غير مسبوقة لدى المسؤول في تنفيذ ما يوكل إليه، وسرعة في اتخاذ القرار، والرد على كل ما يثار في شبكات التواصل الاجتماعي، والتعاطي معها بشفافية ووضوح، والأهم القناعة أن المال وحده لا يكفي من دون إدارة واعية وحازمة وفاعلة في تحقيق ما يُراد الوصول إليه. السعوديون كذلك بدأوا يؤمنون بذات المبادئ على الصعيد الشخصي، واقتصاديات الأسرة؛ فلم يعد الراتب وحده مثلاً سبيلاً للدخل، بل أصبح التفكير جاداً في تعددية المصادر، من خلال مهن أو تجارة أو عمل عن بُعد، إلى جانب تحريك الطاقات الكامنة داخل أفراد الأسرة، وهنا قصص كثيرة لشبان وشابات نجحوا في تحقيق مكاسب مالية لأسرهم، ويكفي أن تكون قرارات التوطين في كثير من النشاطات التجارية فرصة للتوظيف. مجتمعنا يتحدث عن مستقبله أكثر من حاضره، وهو دليل على تجاوز الراهن بكل ما فيه طمعاً في القادم، حيث تكون الأجيال على موعد مع وطن يزهو في عالمه الأول. Your browser does not support the video tag.