في عام 2007 قامت "إسرائيل" بالتحليق فوق سورية دون أن ترصدها رادارات الدفاع السورية وقصفت مفاعلاً نووياً مشتبه به في دير الزور. حصل ذلك بفعل هجوم سيبراني مسبق تمكن فيه "الإسرائيليون" من تعطيل أنظمة رادارات الدفاع الجوية السورية، وأتمت الطائرات "الإسرائيلية" مهمتها دون تهديد أو خطورة تذكر، وهذا يعد أحد أوجه امتزاج الحرب السيبرانية بالحرب التقليدية. محاولات إيران المتكررة في الهجمات الإلكترونية ضد المصالح السعودية والتي تزداد خطورتها في كل محاولة والتي كان آخرها ما صرحت به عدد من الشركات الأمنية السيبرانية عن استهداف البنية التحتية لشركة أرامكو المتمثل في أنظمة السلامة، وهذا يعد تصعيداً كبيراً في نوعية الهجمات التي أصبحت تستهدف بنى تحتية. استهداف أرامكو عمل يعد هجوماً تكتيكياً متوقعاً من العدو، فالإضرار بأرامكو هو إضرار بالاستقرار الاقتصادي العالمي بشكل عام، والمملكة بشكل خاص وتحديداً عندما يتزامن ذلك مع طرح حصة في أرامكو للاكتتاب العام ومحاولة التأثير على القيمة السوقية الخاصة بها. هذا التطور النوعي في الحروب السيبرانية حول العالم قاد الرئيس الأميركي إلى إصدار قرار بترفيع وحدة العمليات السيبرانية لتكون قيادة مستقلة يكون قائدها متصل بوزير الدفاع مباشرة وذلك لمزيد من الاستقلالية المالية واتخاذ القرار، وهذا بطبيعة الحال دلالة واضحة على أهمية هذا القطاع على المستوى العسكري على وجه الخصوص. في ظل هذه التحديات والتهديدات المحيطة والتطورات في سلوكيات الأعداء والمعطيات في طبيعة التحالفات السعودية، أصبح من الملائم اتساع نطاق الانتفاع المتبادل بين الحلفاء، فالحرب السيبرانية أصبحت واقعاً وهي إضافة جديدة لنطاق الحروب التقليدية في السماء والأرض والبحر والفضاء الخارجي. كما هو في الشؤون العسكرية، فإن التزود بالتقنيات والعتاد وحده لا يعد تمام الاستعداد، فهناك حاجة للتدرب على هذه الموارد والأهم هو التدرب على عمليات اتخاذ القرار تحت ضغوط تحاكي الحروب الحقيقية وتحديات التواصل بين الحلفاء، ولذا وجدت المناورات العسكرية وتختلف خصائص المناورات باختلاف نطاقها وأحدث نطاق للمناورات هو ما يعرف بالمناورات السيبرانية والتي تأخذ بالاعتبار أن ليس هناك مسافة وتضاريس في الحرب الإلكترونية، فكل شيء معرض للاستهداف، وأن المناورات السيبرانية تستوعب تسارع وتطور التقنيات والوسائل، فما كان فعال في وقت قصير مضى ربما لم يعد كذلك. المناورة السيبرانية بشكل مبسط تسعى لتدريب الأفراد على رصد أو تعطيل أو تدمير أو التلاعب بالمعلومات وعمليات الحوسبة للخصوم للوصول لوضع التفوق النوعي على العدو. يتمرن المشاركون كذلك على أنواع مختلفة من عمليات المناورة الهجومية مثل عمليات التجسس والرصد للتفوق الإستراتيجي والتكتيكي والتشغيلي. تتسع عمليات المناورة كذلك لإتقان عمليات التمركز الإلكتروني والذي يكون عادة بالتحكم والسيطرة على الأجهزة والأنظمة الإلكترونية للعدو كما حصل في عملية تعطيل الرادارات السورية. التأثير على عمليات اتخاذ القرار للعدو تعد كذلك من المهارات الهجومية التي تعد أحد أساسيات المناورات السيبرانية. يتمرن المشاركون كذلك على أساليب الهجمات المضادة وأساسيات اتخاذ القرار في أجواء تحاكي ضغوط الحرب وضيق الوقت بالإضافة إلى الأساليب الدفاعية في الوسط السيبراني، ويمتد التعاون السيبراني بين الحلفاء إلى تبادل استخباراتي سيبراني يتضمن معلومات مثل الأهداف الحيوية والثغرات المحتملة. كثيراً ما تشير الإدارة الأميركية إلى السعودية بالحليف الرئيسي وإلى أهمية حفظ مصالح الحلفاء والشركاء عندما تتحدث عن سياستها الخارجية، وذلك حفظاً للمصالح المشتركة واستمرارًا لتبادل المنافع بين الحلفاء. الولاياتالمتحدة الأميركية تعد من أكثر الحلفاء تمكناً وتقدماً في الفضاء السيبراني، وربما نشهد في المستقبل القريب مناورات سيبرانية سعودية - أميركية خصوصاً في هذا الوقت الذهبي والمرحلة الاستثنائية في نوعية العلاقة الثنائية بين البلدين. Your browser does not support the video tag.