تشير آخر الدراسات العلمية إلى أن التنظيمات والجماعات الإرهابية تدير خمسين ألف موقع إلكتروني 2015 مقابل 12 ألفاً عام1997، حيث يبث تنظيم داعش الإرهابي وحده 90 ألف مادة إعلامية ودعائية يومياً على شبكات التواصل الاجتماعي؛ يقرؤها نحو 200 ألف مستخدم، معظمهم من فئة الشباب. هذه الأرقام مخيفة، ومزعجة، وتكشف عن ظاهرة الاختراق الأيديولوجي للجماعات والتنظيمات الإرهابية للمجتمعات، وفئة الشباب تحديداً، وفق إستراتيجيات محددة للخطاب قائمة على الإقناع، والترغيب، والترهيب، والمساومة، والدعاية، وصولاً إلى أهداف أكبر من تلك التنظيمات التي تقتات عليها دول لتحقيق مصالحها في إثارة الفوضى، والتأزيم، ونشر الطائفية، وديمومة النفوذ والهيمنة. المملكة كانت ولا تزال من أكثر الدول استهدافاً من تلك التنظيمات الإرهابية، وعانت كثيراً من أفكارها وعملياتها التدميرية للإنسان والمكان، وتجنيد الشباب السعودي في صفوفها طوال عقدين من الزمن، وإلحاق الضرر على صورة الإسلام، ومكانة المملكة. لقد أظهرت جماعات الإسلام السياسي بدءاً من (أخوان من طاع الله)، و(جهيمان)، و(القاعدة)، و(داعش)، وأصل كل بلاء وفتنة (جماعة الإخوان) خطراً كبيراً في مسيرة التحولات الفكرية في المجتمع السعودي، حيث كان الهدف واضحاً في التحول من أيديولوجيا طوبائية إلى أيديولوجيا حاكمة، وهي الغاية التي انطلقت منها تلك الجماعات في الوصول إلى الحكم وليس لشيء آخر. النظام السياسي في المملكة كان واعياً لتلك الغايات، وأعلن عن مواقفه الرافضة للإرهاب والتطرف، وعزل تلك الجماعات عن محيطه، وإشهارها في قوائم إرهاب معلنة، والتصدي لها أمنياً وفكرياً وإعلامياً وعسكرياً، واستدعاء مؤسساته للمشاركة الفاعلة في التوعية، والتثقيف، والمواجهة ضد تلك الجماعات والتحذير منها. غداً يرعى خادم الحرمين مؤتمر (واجب الجامعات السعودية وأثرها في حماية الشباب من خطر الجماعات والأحزاب والانحراف) الذي تنظمه جامعة الإمام - أكثر الجامعات نشاطاً في هذا الجانب -، حيث يمثل المؤتمر إسناداً علمياً منسجماً مع توجهات الدولة في التحذير من خطر الجماعات والأحزاب والانحراف على أمن المجتمع ووحدته وقيادته، ورصيداً من الحراك المجتمعي في مهمة التوضيح وكشف الحقائق وإبراز الجهود في التصدي لثالوث الخطر، وتأكيداً على دور جامعة الإمام في مهمة المواجهة العلمية في تعرية تلك الأفكار ومن يقف خلفها وغاياتها التي ترنو إليها. المؤتمر في مضمونه وتوقيته مهم للغاية، حيث لا يمكن أن تتحمّل الدولة وحدها مسؤولية المواجهة من دون شراكات فاعلة من جامعاتها الحاضنة للشباب، وتحذيرهم من خطر الغلو والتطرف، والتمسك بمنهج الوسطية والاعتدال، وهو ما شدد عليه الملك سلمان في خطابه الملكي أمام مجلس الشورى، قائلاً: «لا مكان بيننا لمتطرف يرى الاعتدال انحلالاً ويستغل عقيدتنا السمحة لتحقيق أهدافه، ولا مكان لمنحل يرى في حربنا على التطرف وسيلة لنشر الانحلال». هذه باختصار رسالة المؤتمر، ورسالة جامعة الإمام التي تناضل من أجلها بجهود كبيرة ومخلصة من مديرها الشيخ الدكتور سليمان أبا الخيل. Your browser does not support the video tag.