يشهد منتجع دافوس السويسري اليوم تدشين قمة دافوس الاقتصادية التي يشارك فيها 70 رئيس دولة وحكومة من بينهم الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بالإضافة إلى مشاهير ومديرين تنفيذيين ومصرفيين كبار، ولا يعتري الخبير الاقتصادي الألماني الشهير كلاوس شواب مؤسس المنتدى الاقتصادي العالمي، شعور بالبهجة على الرغم من نجاحه في ضمان حضور الرئيس الأميركي دونالد ترمب أعمال الدورة الجديدة للمنتدى التي تعقد في منتجع دافوس السويسري خلال الفترة من 23 إلى 26 يناير الجاري، وقال شواب في تقديمه لبرنامج المنتدى الذي سيشارك فيه أكثر من 3000 شخصية من كبار السياسيين ورجال الأعمال والباحثين من مختلف أنحاء العالم «نواجه اليوم خطراً حقيقياً لانهيار نظمنا العالمية». وحرص شواب أثناء حديثه للصحفيين في مدينة جنيف السويسرية على عدم انتقاد الرئيس ترمب بشكل مباشر، لكن الأفكار والمبادئ التي يتبناها المنتدى الاقتصادي العالمي مثل تقاسم المسؤوليات بين دول العالم والرؤية العالمية للكون، تتناقض تماماً مع ما يدافع عنه ترمب. ومن المقرر أن يلقي ترمب كلمة رئيسة في آخر أيام المنتدى حيث سيعرض رؤيته الإستراتيجية الخاصة بشعار «أميركا أولاً» أمام أكثر من 100 شخصية، بينهم رؤساء دول وحكومات ورؤساء منظمات دولية، بحسب بيان للبيت الأبيض. من ناحيته حذر شواب من أنه «لا أحد اليوم - ولا أي بلد بمفرده، ولا مجموعة لأصحاب المصالح وحدها، ولا فرد وحده، يمكنهم حل المشكلات المطروحة على جدول أعمال العالم»، وفي معرض إشارته إلى قضايا مثل التجارة العالمية والبيئة والنظم الضريبية والتنافسية الاقتصادية قال شواب «من الضروري للغاية أن يتواجد الرئيس ترمب معنا». ورغم أن كل الأنظار ستتجه إلى ترمب في دافوس، غير أن هناك قادة آخرين يستحقون الاهتمام أثناء مشاركتهم في أعمال المنتدى، وسيلقي رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي في اليوم التالي كلمة الافتتاح الرسمية للمنتدى باعتبار بلاده واحدة من أسرع الاقتصادات الصاعدة نمواً في العالم. وقال مؤسس المنتدى الاقتصادي العالمي «من المحتمل أن نكون الآن في نهاية دورة صعود اقتصادي» للعالم، مضيفاً أن التداعيات الاجتماعية للأزمة المالية والاقتصادية العالمية التي بدأت منذ عشر سنوات ما زالت محسوسة. وبحسب شواب الخبير الاقتصادي الألماني البالغ من العمر 79 عاماً الذي يتولى منصب الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس إدارة المنتدى الاقتصادي العالمي فإن مستقبل التنمية الاقتصادية والسياسات النقدية المنتظرة للبنوك المركزية الرئيسة في العالم سيكون على رأس جدول أعمال اجتماعات دافوس. من ناحية أخرى قالت منظمة الإغاثة العالمية «أوكسفام» في تقرير إن الاقتصاد العالمي يفيد بشكل متزايد الأغنياء ويبقي المليارات من الأشخاص عالقين في دوامة الفقر. وكانت «أوكسفام» ومقرها بريطانيا قد أصدرت تقريرا أمس قبيل المنتدى الاقتصادي العالمي الذي يعقد في منتجع دافوس للتزلج في سويسرا اعتبارا من اليوم إلى الجمعة المقبل. ووفقا للتقرير فإن 82 في المئة من الزيادة في الثروة العالمية التي تحققت العام الماضي تدفقت على أكثر سكان العالم ثراء البالغ عددهم واحد في المئة، بينما لم تسجل أي زيادة في ثروة 3.7 مليار شخص يشكلون النصف الأفقر من السكان في العالم. وفي حين شهد العمال العاديون زيادة في أجورهم بنسبة 2 % في المتوسط سنويا منذ عام 2010، نمت ثروة أصحاب المليارات بمعدل 13 % في المتوسط سنويا. وفي العام الماضي، ارتفع عدد أصحاب المليارات أكثر من أي وقت مضى، وفقا لبنك كريدي سويس السويسري ومجلة «فوربس» الأميركية، وكلاهما يتتبع الأغنياء في العالم. وقالت المديرة التنفيذية لمنظمة «أوكسفام» ويني بيانيما إن ارتفاع عدد أصحاب المليارات ليس علامة على اقتصاد مزدهر، ولكنها واحدة من أعراض فشل النظام الاقتصادي. وأقرت منظمة «أوكسفام» بأن عدد الأشخاص الذين يعانون من الفقر المدقع في انخفاض مستمر منذ تسعينيات القرن الماضي، لكنها حذرت من أن عدم المساواة تمنع المزيد من الناس من الهروب من هذه المحنة. ودعت منظمة «أوكسفام» القادة الذين سيجتمعون في دافوس إلى القضاء على التهرب الضريبي، وضمان حد أدنى لائق من الأجور، والحد من عائدات المساهمين والمسؤولين التنفيذيين. ويترأس نساء المنتدى الاقتصادي لزعماء العالم ورؤساء الشركات لعام 2018، منهن مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد ورئيسة وزراء النرويج إرنا سولبرغ ورئيسة شركة أي.بي.أم جيني روميتي، ويحدد مجلس المشاركين في رئاسة المؤتمر برنامجه ويقود المناقشات واللجان، ويضم المجلس سبعة أعضاء اختيروا جميعا من النساء للعام المقبل. وجاء إعلان أسماء العضوات السبع في مجلس رئاسة الاجتماعات التي تستمر أربعة أيام في يناير المقبل، بمثابة رد على انتقادات سابقة بأن المؤتمر يفتقر لتمثيل نسائي. وقالت متحدثة باسم المنتدى «جرى اختيار المشاركين في الرئاسة بحيث يعكس أصحاب المصلحة في العالم»، وموضوع المؤتمر ال48 لعام 2018، هو «تفقد الأسباب والحلول العملية للانقسامات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتنوعة التي تواجه المجتمع العالمي». وتوصل المنتدى في تقريره السنوي الشهر الجاري، إلى أن حصول المرأة على أجر مساو لأجر الرجل وتمثيلها بنسبة مساوية للرجال في مكان العمل يحتاج 217 عاما، ما يكشف عن فجوة اقتصادية بنسبة 58 في المئة. وبقية المشاركات في مجلس المشاركين في الرئاسة، هن إزابيل كوتشر رئيسة شركة «إنجي» للطاقة الفرنسية، وفابيولا جيانوتي الفيزيائية الإيطالية والمديرة العامة لمركز «سي.إي.ار.ان» للفيزياء الجزئية، وتشيتنا سينها مؤسسة بنك النساء، والتعاونية الزراعية مان ديشي، وشارون بورو الأمين العام للاتحاد الدولي لنقابات العمال. من جهة أخرى تشارك المملكة العربية السعودية في أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس السويسرية متسلحةً بمكانة جعلت منها رقمًا صعبًا في المعادلة الاقتصادية العالمية، خصوصا بعد إطلاق مبادرة مستقبل الاستثمار التي سماها مراقبون ب»دافوس الصحراء». وتشارك المملكة في أعمال المنتدى الشتوي وفي مناقشة الاقتصاد المستقبلي والتطور التقني ورؤية المملكة 2030 ومشروع «نيوم» الضخم، وفي بحث مسائل تخص العرب بعد سبع سنوات من اندلاع الربيع العربي، وخصوصًا التطورات الدراماتيكية في مصر وتونس. والجدير ذكره هنا أن منتدى الاقتصاد العالمي اختار الأميرة ريما بنت بندر ضمن برنامج «القيادات العالمية الشابة» بفضل إنجازاتها في المجالات التنموية وسجلها القيادي، وسجلتها مجلة «فاست كومباني» الأميركية في قائمة «أكثر الأشخاص إبداعًا» في عام 2014، وأدرجت مجلة «فورين بوليسي» الأميركية المرموقة اسمها في قائمة كبار المفكرين العالميين في عام 2014، وهي تحظى بشعبية كبيرة داخل المملكة بصفتها سيدة متنورة وناشطة في العمل الاجتماعي؛ فهي عضو مؤسس في جمعية «زهرة» لسرطان الثدي، ورئيس تنفيذي لشركة «ألفا» العالمية المحدودة، ومدير الإدارة النسائية في الهيئة العامة للرياضة. ويستضيف المنتدى الثامن والأربعون نحو 3000 مشارك من 110 دولة، بينهم 70 رئيس دولة أو حكومة، و38 رئيس منظمة دولية كبيرة، لمناقشة «بناء مستقبل مشترك في عالم ممزق». ويشارك في المنتدى قادة من مجموعة السبع، بينهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو. ويحضر المنتدى رئيس المفوضية الأوروبية جان-كلود يونكر، ووفد أميركي يتألف من الرئيس دونالد ترمب ووزير خارجيته ريكس تيلرسون ووزير تجارته ويلبور روسن وصهره ومستشاره جاريد كوشنر، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، والموفد الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، والمدير العام لمنظمة التجارة العالمية روبرتو أزيفيدو، ومفوض الأممالمتحدة لحقوق الإنسان زيد رعد الحسين. وقبل انطلاق أعمال المنتدى رسميًا، ستقدم لاغارد تقرير صندوق النقد الدولي السنوي عن الاقتصاد العالمي. Your browser does not support the video tag.