أصبح الحديث عن رداءة الطرق البرية كالحديث عن الطقس، وأصبحت مفردة (تحويلة) تعني مصيدة من مصائد الموت على الطرق. أذكر قبل سنوات أن أحد وكلاء الوزارة ذهب بجولة برية على إحدى الطرق في المنطقة الشرقية فحصل له حادث خرج منه سالماً ولحق بسائقه إصابات طفيفة، ولا أدري ماذا حصل لذلك الطريق هل تم تأديبه أم إنه ما زال يُجامل بتحويلات على هيئة ذر الرماد في العيون باعتباره (كحلاً) أو (مسكرة) تجمّل به رموش الطريق التي أصبحت بيضاء بفعل عامل السن وظروف التعرية. ولعل طريق (أبو حدرية) أنموذج جيد للحديث عن مشكلات الطرق، لا سيّما وأنه الطريق الذي بدأت فيه لعبة (أمامك تحويلة) منذ أربعين عاماً ولا يزال، وأغلب مشكلاته تبدأ من بعد محطة (أبو حدرية) حتى الخفجيوحفر الباطن، فيتم (ترقيع) الأماكن المتهالكة منه، وبعد أيام تعود إلى حالتها الأولى، ومن أهم أسباب ذلك عدم وجود ميزان للشاحنات بعد محطة أبو حدرية، فالشركات التي لديها شاحنات بحمولة عالية تتهرب عن الميزان عبر هذا الطريق إذ تسلك طريق الوادي إلى النعيرية ثم السفانية والخفجي أو حفر الباطن. وبالطبع هذا ليس السبب الوحيد، فهناك سبب آخر لا يقل أهمية إن لم يكن أهم بالفعل، وهو الشركات السعودية المنفذة لهذه الطرق، لا سيما وأننا نعلم أن التنفيذ يصل عبر مقاولات الباطن لشركات صغيرة غير متخصصة، ولهذا أعتقد أن الشركات السعودية أخذت فرصتها كاملة، وفشلت في تنفيذ أغلب الطرق، وحان الوقت لفتح المجال للشركات الأجنبية المتخصصة بتنفيذ وتشغيل الطرق، لا سيما ونحن دولة مصدرة لأهم مكون للأسفلت (مادة البيوتومين)، الفرق بين شركاتنا والشركات الأجنبية المتخصصة في الطرق سواء الهولندية أو الصينية أن هذه الشركات قبل أن تبدأ بتنفيذ الطرق ستعطيك خطة متكاملة لكيفية الحفاظ على الطريق قبل تعبيده كتقنين الحمولة، وأيضاً تصميم طرق مبتكرة، وخطة للحفاظ عليها، ناهيك عن الأسعار لن تكون مبالغاً فيها، والجودة ستكون أضعاف الموجود الآن، وحتى لو نفذت هذه الطرق بجانب الطرق القديمة مقابل رسوم خدمة رمزية على هذه الطرق، وتبقى الطرق القديمة (أم تحويلات) طرقاً مجانية كما هي بوضعها الحالي، ربما وقتها يخجل المقاولون المحليون من أعمالهم التي تكلف الدولة مئات الملايين مقابل إنجاز لا يتجاوز المقبول، فالطرق بين المدن ضرورة قصوى خاصة تلك المدن التي لا يوجد بينها وسائل مواصلات أخرى لا رحلات جوية ولا قطارات، حتى أصبح السفر مجازفة كبرى، ولا أُبالغ إن قلت إن هذه الطرق أصبح الذاهب عبرها مفقوداً إلى أن يعود سالماً، والعائد مولوداً. Your browser does not support the video tag.