شهدت التطورات الأخيرة كثيراً من التنظيرات والتأويلات التي تناولت معدن الاستثمار فيما يتعلق بمشاريع البحر الأحمر.. فما هو المقصود بالمعدن في هذا الاستثمار.. وهل حقا كان يعاني المستثمرون العالميون ورجال الأعمال المحليون في وقت سابق من غياب تلك المشاريع التي باتت واقعاً حياً وملموساً. التوجه المميز من سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لإطلاق أضخم المشاريع عالمياً من حيث التطوير ماهو إلا تتويج للتعاون الناجح بين الدول المطلة على البحر الأحمر في العصر الحديث، ولعل الأمير محمد أراد من خلال إطلاق هذه المشاريع الحصول على بصمة عربية خاصة في جدول مؤشرات البورصة العالمية، فما إن أزاح النقاب عن مشروع الخمسين جزيرة (مشروع البحر الأحمر) بمساحة 34٫000 كلم مربع حتى كشف عن مشروع نيوم بمساحة 600 كلم مربع. وإن تقدمت بتسميته البحر الأحمر الجديد فهو إلهام مستمد من ماضي وحاضر ومستقبل قناة السويس شمالاً، فوجودها كان حلماً تداوله الفراعنة والفرس واليونان والرومان وحتى في العهد الإسلامي إلا أنه كان حلماً صعب المنال حتى تجرأ نابليون بونابرت بتنفيذه فكانت القناة أهم عوامل انتشار التجارة العالمية الحديثة بين الأمم في ذلك الزمان، وفي وقتنا هذا شهدت قناة السويس بعهد الرئيس عبدالفتاح السيسي أهم مراحل كمالها كبقعة عالمية فريدة، حيث ساهم حفر خط القناة الجديد برفع إيرادتها الى 5.7 مليارات دولار مع تسجيل معدل قياسي جديد لعدد السفن العابرة للقناة بواقع 76 سفينة عملاقة وبإجمالي حمولات بلغت 5 ملايين و 112 الف طن واصلة الى اعلى المستويات منذ تأسيسها، ومن التوقعات المؤكدة بانعكسات رؤية 2030 على الوطن العربي بإيجابيات ملموسة فقد تم استعجال وتيرة العمل في المرحلة الثانية لمشروع قناة السويس، حيث كان من المقرر الانتهاء من حفر سبعة أنفاق اسفل القناة ببورسعيد والسويس والذي كان معتمداً انتهاؤه بعد 12 عاماً، أما الآن وبعد الإعلان عن رؤية 2030 أصبح العالم يترقب افتتاح تلك الأنفاق خلال الأشهر القريبة القادمة. وإن أضفت لهذا الكيان المهيب مدينة الملك عبدالله الاقتصادية في شرق البحر الأحمر البالغ مساحتها 173 مليون متر مربع ستجد تميزاً لا يضاهيه تميز في الشرق الأوسط، فقد احتوت هذه المدينة على أكبر عاشر ميناء عالمياً بطابع خدمات خاص وتجهيزات متطورة تعمل عليها خمس رافعات عملاقة تعد الأحدث والأكبر في العالم، بالإضافة لما يحتويه هذا الساحل الشرقي للبحر الأحمر من مدن رئيسية كانت ومازالت أساساً في الاستثمارات العالمية كمدينة جدة والهيئة الملكية في ينبع. وإن أكملنا الوصف سيلهمنا أيضاً الساحل الغربي للبحر الأحمر بالعديد والعديد من محطات رسم هويته الجديدة، مروراً من مرحلة التطوير التي صرحت بها الدكتورة سحر نصر وزيرة الاستثمار الدولي في مصر بتوقيع عدد 30 اتفاقية تنفيذية باستثمارات تصل إلى 40 مليار دولار لتحفيز عوامل الاستثمار في مدينة شرم الشيخ ووصولاً بإعلان مجموعة الحصيني بالبدء بأعمال المرحلة الأولى لمشروع جزيرة قافز جزيرة قلب العالم - المنطقة الحرة على مساحة 43 مليون متر مربع بالإضافة إلى عشرة ملايين متر مربع ساحلية وباستثمارات تقدر ب 11 مليار دولار تم توظيفها بخدمات لوجيستية مطار ميناء مدينة صناعية لترتسم صورة بوابة أفريقيا الحديثة والتي ستخدم اكثر من 500 مليون نسمة من دول الكوميسا. ومع المشاريع المقرر إقامتها قريباً جنوباً وفي منطقة مضيق باب المندب تحديداً سيصبح البحر الأحمر الجديد أشبه بلوحة سريالية الرؤى سرمدية الخدمات خيالية الموقع، لاسيما وإن تشكلت هذه اللوحة من مشروع نيوم وقناة السويس شمالاً ومشروع الخمسين جزيرة ومشروع مدينة الملك عبدالله الاقتصادية شرقاً ومشاريع شرم الشيخ ومشروع جزيرة قافز غرباً وموانئ باب المندب جنوباً. Your browser does not support the video tag.