في ثلاثة أعوام، تحول المصري محمد صلاح من لاعب يخوض تجربة غير مشجعة في الدوري الانكليزي لكرة القدم تنتهي باستغناء تشلسي عنه، الى متوج بجائزة أفضل لاعب افريقي لعام 2017. في تجربته الأولى في الدوري الممتاز، حيث التنافس على أشده بين لاعبين سريعين وذوي مهارة عالية، لم يجد صلاح (25 عاما) موطىء قدم له في النادي اللندني. في مطلع 2014، انضم صلاح الذي نشأ في نادي "المقاولون العرب" المصري، الى تشلسي قادما من بازل السويسري الذي دافع عن ألوانه منذ صيف 2012. لم يجد اللاعب المتوسط القامة (1,75 م) مكانه وسط كبار اللعبة الانكليزية، لينتقل معارا الى فيورنتينا وروما الايطاليين، وينضم بشكل نهائي الى الأخير عام 2016. لم يحتج صلاح الى أكثر من عام ليثبت نفسه ويبدأ بإثارة اهتمام الأندية الكبيرة. خلال موسمين مع نادي العاصمة الايطالية (بين معار ولاعب منضم بشكل نهائي)، سجل 29 هدفا وصنع 17 تمريرة حاسمة. وفي صيف 2017، بات أغلى لاعب عربي في تاريخ كرة القدم، بانضمامه الى ليفربول مقابل 39 مليون جنيه استرليني. لم يطل الأمر به ليثبت علو كعبه، ونمو موهبته الكروية وقدرته على التأقلم في بطولة صعبة، مظهرا قدرته على اختراق الخطوط الدفاعية والوصول الى الشباك. تصدر لفترة ترتيب هدافي الدوري الانكليزي الممتاز، ويحتل حاليا المركز الثاني برصيد 17 هدفا، بفارق هدف عن المتصدر وهداف الدوري الماضي، مهاجم توتنهام هاري كاين. وفي مختلف المسابقات، سجل صلاح 23 هدفا في 29 مباراة. لم يكتف بالأداء اللافت على صعيد الأندية، فدوره الحاسم ساهم في عودة المنتخب المصري لاحتلال موقعه التاريخي بين كبار القارة الافريقية، بداية في مطلع العام 2017 ببلوغ نهائي كأس الامم الافريقية قبل الخسارة أمام الكاميرون، والأهم بعد أشهر، بالتأهل الى نهائيات كأس العالم للمرة الأولى منذ العام 1990. مع جائزة أفضل لاعب افريقي، أتم صلاح "هاتريك" جوائز شمل جائزة أفضل لاعب افريقي من هيئة الاذاعة البريطانية "بي بي سي"، وجائزة أفضل لاعب عربي من الاتحاد العربي للصحافة الرياضية. انهالت الاشادات على صلاح من لاعبين حاليين وسابقين، بينهم النجم السابق لليفربول غاري ماكاليستر الذي يرى ان المصري موهوب "ويعمل بلا كلل لصالح فريقه، وهو لاعب جماعي الى حد كبير". يضيف "يبذل كل جهد من أجل شعار الفريق وهذا ما يبهرني. هو أيضا قادر على تسجيل الأهداف من كل مكان على أرض الملعب". وعنه يقول أيضا النجم السابق إيان راش "محمد مذهل فعلا، ومنح ليفربول بعدا مختلفا نظرا لسرعته وقدرته على تجاوز المدافعين". يضيف "قبل قدوم صلاح، كان منافسو ليفربول سعداء لمعرفتهم ان أي لاعب لن يكون قادرا (بسرعته) على تخطيهم". وعلى عكس غالبية اللاعبين المصريين الذين يخوضون تجارب في أوروبا، لم يمر صلاح ب "معقلي" كرة القدم المحلية، أي الأهلي والزمالك، بل انتقل من نادي المقاولين العرب الى بازل، في أعقاب توقف الدوري المصري على اثر "مذبحة بور سعيد" عام 2012. على الصعيد الدولي، شارك مع منتخب بلاده لما دون 20 عاما وما دون 23 عاما، وصولا الى المنتخب الأول الذي كان أفضل مسجل له في تصفيات كأس العالم مع خمسة أهداف، بينها هدفان في المباراة الحاسمة ضد الكونغو (2-1)، والتي ضمن المنتخب بنتيجتها التأهل. لدى تسلمه الجائزة في الحفل السنوي للاتحاد الافريقي الخميس في العاصمة الغانية أكرا، بدا صلاح متأثرا، على رغم ان الترجيحات كانت تميل لصالحه بشكل كبير، على حساب منافسيه زميله في ليفربول السنغالي ساديو مانيه، والغابوني بيار-إيمريك أوباميانغ لاعب بوروسيا دورتموند الالماني، أفضل لاعب افريقي 2015. وقال اللاعب المصري "الفوز بالجائزة حلم يتحقق". أضاف "2017 كان عاما لا يصدق بالنسبة إلي. صعب جدا ان أشرح (شعور) التأهل الى كأس العالم بعد 28 عاما". ولم ينس صلاح ان يوجه رسالة الى "الجذور"، الى أطفال مصر وافريقيا الحالمين دائما باللعب على أعلى مستوى في أوروبا والعالم. وقال لهم "لا تتوقفوا أبدا عن الحلم، لا تتوقفوا أبدا عن الايمان". Your browser does not support the video tag.