في كل عام مالي تعلن فيه الميزانية العامة للدولة ينجذب الكثير من المواطنين ومن الإعلام العالمي لما سوف يظهر فيها من أساليب مالية رائدة ومبادرات بما يترجم رؤية المملكة 2030 الرامية لتنويع مصادر الدخل وإلى معالجة الأزمات التي تمر فيها البلاد ومنها أزمتا البطالة والسكن، وإلى البناء في شتى صوره، سواء ما يخص المواطن بما لا يمس معيشته أو تحمله أعباءً إضافية بعد أن التزم بذلك برنامج الدعم للمستحقين في صندوق المواطن، أو فيما يخص دعم القطاع الخاص الذي سيولد الفرص الوظيفية أو المضي في تشييد اقتصاد مُحَرر من الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للإيرادات. أجزم أن حجم الإرادة الفولاذية لقيادة المملكة في السعي نحو معالجة إدمان الاعتماد على النفط كدخل رئيس أظهرته الميزانية العامة للدولة المعلنة الثلاثاء الماضي، وذلك في طريق الإصلاحات المالية الرائدة والملفتة لأنظار العالم التي انتهجتها المملكة في الأشهر الماضية، وهي بالتأكيد معالجة مستمرة لن تنقطع كما أوضحته رؤية المملكة الطموحة 2030، ولتتحقق بالتالي الأهداف في تخليص المملكة من الاعتماد شبه الكلي على الدخل الواحد الذي كان يناهز 90 بالمئة في كل عام مالي تعلن فيه الميزانية في سنوات مضت. فالسعي إلى إيقاظ قنوات الدخل النائمة مستمر، فحجمها ضخم وقد يصل إلى أكثر من تريليون من الدولارات، ولا يتركز كما يظن البعض من قليلي الوعي في سياسة رفع الدعم عن أسعار الوقود والطاقة أو فرض الإصلاح الضريبي، وإنما في الكم الكبير من استثمار ما تحفل به المملكة من بيئة استثمارية وأرض خصبة للفرص الاستثمارية العملاقة وكان منها المشروع الاستثماري الضخم "نيوم". إن الرؤية العملاقة للمملكة 2030 قادت إلى نمو الإيرادات غير النفطية لتصل إلى نصف حجم الإيرادات الإجمالية المقدرة للعام القادم كما أفصح عنها البيان المالي للميزانية، ولتقفز إلى 130 بالمئة عن عام 2014 حسب ما أوضحه معالي وزير المالية محمد الجدعان في المؤتمر الإعلامي الذي أعقب إعلان الميزانية، ومن غير المستبعد حسب ما أتوقعه من أن يرتفع حجم الإيرادات إلى نحو 70 بالمئة في ميزانية العام المالي ما بعد القادم 2019م. المملكة بهذه الإرادة الفولاذية لقيادتها بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان - يحفظهما الله - وبما ينجز من رؤية المملكة 2030 في التنمية الشاملة للوطن والمواطن وتنويع مصادر الدخل في كل عام في طريقها لأن تكون قوة اقتصادية واستثمارية كبرى رغماً عن كل الأعداء والحاقدين.