وضعت ماجدة الرومي أقدامها في تربة موسيقية عربية متوسطية، فالقارات الثلاث تطل بجذورها المتنوعة، إلا أن ناظمها الثقافي تراث المتوسط. حققت الماجدة في مسيرتها، لأكثر من أربعة عقود، مكانة جعلت منها التالية للسيدة فيروز ثم تلتهما جوليا بطرس، بينما يعدن الثلاثة إلى ما أركزتاه كل من الكبيرتين: أسمهان وليلى مراد، في الربع الثاني من القرن العشرين. تمكنت ماجدة من المشي على جسر العروبة الثقافية في أعمالها الغنائية من الورشة اللحنية اللبنانية والمصرية ثم الخليجية. واللافت في كل ما غنت أنها اعتمدت قواعد واضحة في أداء قالب القصيدة، وتعود إلى تجربة والدها الفنان الكبير حليم الرومي في ما غنته موزعاً في مجموعاتها الغنائية: أجمل الأمهات "1977"، عطر "1982"، سلونا، ولا تغضبي "1986"، مررت في خيالي "1994"، اليوم عاد حبيبي "1998"، بالإضافة إلى مختاراتها من قصائده وموشحاته في حفلاتها: ألا انهض، حسناء قرطاج، طاب وقتي، يرنو بطرف، وجب الشكر. فكل ما وضع لها من ألحان احتكم فيها إلى ذلك مع مراعاة القدرات الصوتية الفذة، وذوقها الجمالي والبلاغي -لا يغفل أنها شاعرة أيضاً- من إحسان المنذر، وجمال سلامة، وإيلي شويري، وعبده منذر، وجوزيف خليفة، وعبدالرب إدريس، وكاظم الساهر، ومروان خوري حتى لتكاد تتراجع شخصيات الملحنين في ألحانهم لها دون سواها. وقد تنوعت القصائد من شعراء عرب: سعيد عقل، ونزار قباني، وفؤاد سليمان، وجورج جرداق، ومحمود درويش، وأنسي الحاج، وسعاد الصباح، وأنور سلمان، وهنري زغيب، وحبيب يونس، وآخرون. ففي عملها المنفرد ختام هذا العام، أطلقت "متى يأتي المساء؟" "شعر طلال حيدر، لحن الموسيقار طلال"، وما حدث لولا نجاحات حققها الملحن في العقد الأخير، بأعمال مع حناجر عربية، وعناية الماجدة بتنويع أرشيفها الغنائي، وضعت في قالب القصيدة: المذهب - المقطع الأول: أسالُ الصُبحَ متى يأتي المساء/ وأَحيكُ الوردَ شالاً للقاء. الغصن الأول - المقطع الثاني: ومضى الليل بنا كيف نعيد. الغصن الثاني - المقطع الثالث: أيها الليل تعال يا نديم العاشقين. المقطع المتكرر: ها قد اشتاقَ لعينيكَ فؤادي فتعالَ نُشعِلُ الليلَ ضياء/ يا حبيبي هاتِ لي العودَ فقد عاد المساء. حقق الملحن أكثر من أمر: الأول، الأخذ بالاعتبار إلى مزايا صوت وشخصية ماجدة. الثاني، الاحتفاظ بشخصيته اللحنية المتطورة لعقود ثلاثة -ليست أول قصيدة يلحنها-. الثالث، حساسية النغم وتلويناته وتناسب الإيقاع وتنوعاته. الرابع، إنجاز عمل متميز لعناصره الأساسية الشاعر والحنجرة والملحن، ختاماً بالموزع ميشال فاضل. ضمخت تلك الحنجرة بعطور موسيقى طلالنا.