أكد رئيس مجلس النواب العراقي د. سليم الجبوري أن الانتصار على تنظيم داعش الإرهابي في العراق يجب المحافظة عليه، والنصر الذي تحقق يتقاسمه الجميع وفي مقدمتهم ذوو الشهداء والنازحين، وتمنى أن يكون النصر درساً وعبرة ويجب أن يصان وأن لا يُستغل لتحقيق مكاسب سياسية، مشدداً في حوار أجرته "الرياض" خلال زيارتها للعاصمة بغداد على أن المملكة العربية السعودية لها دور كبير في مساعدة العراق في مواجهة الإرهاب والانتصار على تنظيم داعش الإرهابي، فهي دولة جارة ومهمة واستطاعت إعادة العراق لحضنه العربي دون المساس بشؤونه الداخلية، فإلى نص الحوار: بعد إعلان النصر على داعش لا مبرر لوجود حشود شعبية مسلحة * العراق انتصر على تنظيم داعش الإرهابي، كيف ترون هذا النصر؟ * الانتصار على تنظيم داعش الإرهابي الذي أنجز رغم المعاناة والجهد الكبير سواء من العراقيين أو ممن ساندهم في قناعتنا أنه يحتاج للمحافظة عليه، لأن ثمن ما قدم صعب وخلّف شهداءً وأيتاماً وأرامل، وفي ذات الوقت جعل العراقيين يعيشون فترة من الزمن لثلاث سنوات وأكثر حالة من الإرباك سُلبت فيها الأرض، ونشر الفكر الداعشي المتطرف والذي أراد أن يبني خلافته المزعومة، وللأسف اختار محافظة نينوى التي تمثل حالة من التعايش الاجتماعي بين أبناء المجتمع العراقي، وما تحقق من نصر مهم، لكن أيضاً لا بد أن يتم تقاسم مكاسب النصر من الجميع، ولا يمكن أن ينسب لفئة أو طرف أو شخص وإنما كل العراقيين يستحقون إنجاز النصر. لن نسمح بمصادرة قرار العراقيين.. وإيرانوتركيا تدخلتا في الشأن العراقي * ذكرت في تصاريح بأن مواجهة الإرهاب هي المواجهة السامية ومن يواجهه يجب أن لا يفكر بجني مكاسب سياسية؟ ماذا تقصد بذلك؟ * يجب أن لا يتبادر للفكر أن المعركة مع الإرهاب انتهت والمعركة مع الفكر الإرهابي لازالت قائمة وموجودة وستستمر، ولا بد أن تساهم فيها كل مؤسسات الدولة التعليمية والتربوية وحتى السياسية الغاية منها تحقيق الاستقرار المنشود، لكن حينما ساهم البعض بعملية التحرير الذي غايته الأرض والإنسان، أما أن يشعر أن وجوده في المناطق التي حررت يعطيه حق التدخل السياسي والضغط على إرادة الناس لمكاسب انتخابية في المرحلة القادمة هذا أمر لا يجوز، وبالتالي ندخل في المحظور الذي يجب أن نبتعد عنه ويجب أن تستخدم الدولة كل سياستها في عملية تخليص الناس من حملة السلاح خارج إطار الدولة، والذي قد يتصرفون احياناً بما لا يبتعد كثيراً عن سلوكيات وتصرفات تنظيم داعش الإرهابي. * كيف ترى انفتاح العراق مؤخراً مع المملكة، ووقوف المملكة لعودة العراق لحضنه العربي عن طريق بوابة المملكة؟ * هذه العلاقة ما كان يرتقبه العراق خلال فترة من الزمن، ونحن نستبشر خيراً خصوصاً باللقاءات والزيارات العديدة التي تمت ومجال التنسيق على البعد الاقتصادي والسياسي، وفعلاً كان للمملكة في هذا الجانب دور مشهود في عودة العراق إلى الوجود العربي كصانع قرار، وأن استمرارية هذا الدعم والإسناد والمساهمة في بناء الدولة العراقية، وخاصة بأن المملكة لا تتدخل بالشؤون الداخلية للعراق وهذا أمر مهم بالنسبة لنا، والعراق عانى خلال فترة مضت من دول كان لها حضور وتدخل في شأنه الداخلي، كما أن المملكة دولة داعمة للعراق في مواجهة تنظيم داعش الإرهابي وهذا لا يخفى على جميع العراقيين، فهي دولة تبني علاقاتها على الود والمحبة والمصالح العربية والإسلامية التي تخدم الشعوب. * مَن مِن دول الجوار تتدخلت في الشأن العراقي الداخلي؟ إيران أم دول الخليج أم غيرهما؟ * كانت هناك مواقف عديدة من دول الجوار ساهمت بجودها على مستويات متعددة، لكن حتى في التأثير لصناعة قرار مهم بهذا الخصوص تدخلت، ونحن نعتقد أن إيران كان لها الحضور في التدخل الداخلي، ومن جوانب أخرى دولة تركيا كان لها حضور معين، وبالتالي العراقيون يريدون دولة مستقرة آمنة ليس بها شد طائفي أو تجاذب دولي أو يكون العراق ساحة تصفية حسابات وهذا أمر مرفوض من جانبنا، وعليه نشجع بناء العلاقة ولكن على أسس المصالح المتبادلة من خلال التواصل المباشر. * زرتم الولاياتالمتحدة الأميركية مؤخراً، ما هي رسالة الزيارة؟ * لم التقِ الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بل التقيت على مستوى مستشار الأمن القومي وعلى مستوى مكتب نائب الرئيس والخارجية ورئيس مجلس النواب الأميركي، والرسالة كانت أن لا يتوقف دعم العراق حتى بعد الانتصار على تنظيم داعش الإرهابي، لأن الهدف المنشود هو الاستقرار والولاياتالمتحدة الأميركية تلعب دوراً مهماً بهذا الجانب. * هناك مخاوف من عودة الإرهاب في العراق بنسخة جديدة والاستقطاب الطائفي؟ كيف تواجهون الطائفية ومدى انتشارها في العراق؟ * كوامن الطائفية موجودة إذا ما أراد البعض تأجيجها سيجد لها أنصاراً، ونحن مقبلون على انتخابات وعملية استقطاب الناس تحت عنوان الميل المذهبي والطائفي أمر مستساغ عند البعض، وبالتالي يجب أن نتحرز أن نجعل الناس أدوات لأنهم تعبوا من سنوات مضت عليهم بسبب هذه السياسيات، وأعتقد الشد الطائفي تأجيج الصراع التركيز على المتشددين والإرهاب بصورة عامة سيقوض بناء الدولة بشكل صحيح. * الانتخابات العراقية حددت في الشهر الخامس من مايو عام 2018م؟ هل ستتم بموعدها أم يتم تأجيلها؟ * توجد صعوبات بإجرائها في مثل هذا التوقيت، بعضها مرتبط بالنازحين وبعضها مرتبط بحملة السلاح وبعضها مرتبط بإجراءات لوجستية مرتبط بمفوضية الانتخابات. * مجلس النواب العراقي يقر قانون قوات الحشد الشعبي بشكل سريع، فيما تم رفض قانون الحرس الوطني والمقدم من قوى المحافظات التي يسيطر عليها تنظيم داعش لمدة تجاوزت ثلاث سنوات؟ * قدمنا مشروع الحرس الوطني في حينه بأخطاء تفاوضية أي لم نصل للصيغة النهائية بهذا الخصوص، حتى قانون الحشد الشعبي الوقت الحالي لو يطبق سيضيق على من يحمل السلاح خارج إطار الدولة، أولاً لأنه يجعل مرجعيته القائد العام للقوات المسلحة، ثانياً لا يبيح له الاستخدام السياسي وهذا ما نتمناه بصراحة وندعو له، وقد دعونا قائد القوات المسلحة أن يطبق هذا القانون الذي وضع ويحجم من يحمل السلاح خارج إطار الدولة، وفي قناعتنا بعد القضاء على داعش وإعلان النصر ليست هناك مبررات من وجود قوى شعبية تحمل سلاح أو أذرع مسلحة تحمل سلاحاً خارج قوات إطار القوات المسلحة العراقية أو أجهزة الأمن الرسمية، لأن الدولة الحقيقية هي من تبني وتحترم الإنسان وليست دولة تدعم استقواءً لطرف على آخر. * ما هي رؤية رئيس مجلس النواب المستقبلية بعد إجراء الانتخابات العراقية القادمة؟ * الخارطة ستتبدل ممكن تصعد وجوه جديدة ممكن مزاج الناس ميال للمدنية أكثر من التركيز على الانتماء المذهبي أو الطائفي الذي كان في الفترة السابقة، وممكن نخلق حالة من المعارضة لم تكن موجودة، وممكن وجود تحالفات عابرة للطائفية ولا بد أن تكون. * رئيس مجلس النواب دعيتَ بعد الانتصار على داعش إلى أخذ عبرة ودرس من تنظيم داعش؟ * داعش جعل العراق يمر بسنوات قاسية وعليه لا بد أن نتحوط من تغلل الفكر المتشدد والإرهابي، وأن لا يستغل الشباب بالذات ويستثمرهم في لحظة غفلة الدولة عن توفير سبل استثمار طاقات الشباب بشكل إيجابي، وهذه النقطة الجوهرية الأساسية التي من المفروض أن نضيق على المنافذ التي يدخل منها داعش. * أبناء الحشد العشائري يغيب الدعم عنهم وخاصة في مناطق الأنبار ونينوى وغيرها ويعانون من تجاوزات بعض فصائل الحشد الشعبي؟ * أدعم تحالفات أبناء الحشد العشائري وأدعم الحماية الذاتية للمناطق، لأن هؤلاء أعرف بالمتغلغلين والانغماسيين وحملة الفكر المتشدد، ولا بد الاعتماد عليهم ولو بمرحلة مؤقتة إلى حين استتباب الأمن والاطمئنان وبعد ذلك يوسد للمؤسسة العسكرية، ولن نرضى بأي تجاوز يفسد النصر، وعلى الدولة دعم جميع القوى وعدم الميل لقوى على قوى أخرى، وكذلك تكوين خطاب يوحد النسيج الاجتماعي ويحافظ عليه ومكوناته. * النازحون وخاصة من هم من مناطق الحزام السُّني كما يسميه العراقيون يعانون منذ سنوات وأحوالهم متدهورة على الرغم من تحرير أراضيهم وإعلان النصر على داعش لم يعودوا لأرضهم؟ متى يعودون لأراضيهم ومنازلهم في صلاح الدين والمحافظات الأخرى؟ وماذا ستقدمون لهم بعد تدمير منازلهم من داعش، وكذلك جراء تجاوزات بعض الميليشيات المندسة داخل الحشد الشعبي؟ * بعض النازحين عادوا ولكن البعض الآخر يحتاج إلى جهد من الحكومة تقوم به حتى تزيل كل المسببات التي تحول دون عودتهم، حيث بلغ عدد النازحين ثلاثة ملايين خلال فترات سابقة، لكن بالوقت الحالي بلغ مليوناً ونصف المليون نسعى لعودتهم وإعادة الإعمار بدعم الدول الصديقة للعراق، كما أننا كعراقيين نعوِّل على وسائل الإعلام في مواجهة الإرهاب والمحافظة على النصر الذي تحقق بجهود القوات العراقية.