أظن أن أكثر الموضوعات نقاشا، بل أكثر المفردات تكرارا واستهلاكا، هو موضوع المنشآت الصغيرة والمتوسطة. لنا عدة سنوات ونحن نتحدث عن هذه المنشآت وأهميتها للاقتصاد الوطني وضرورة تطويرها، ولكن النتيجة النهائية لكل ذلك ليست في صالح هذه المنشآت. مازالت هذه المنشآت تعاني الكثير من المشاكل وبالذات في الأعوام الأخيرة. كثرة الملتقيات والمنتديات ليست كفيلة بحل المشكلات التي تواجه هذا النوع من المنشآت والأخذ بيد أصحابها إلى بر النجاح. هذه المنشآت بحاجة إلى أن ننزل لواقعها ونعيش ظروف أصحابها كي نتمكن من تقديم الحلول المناسبة لها. للأسف الشديد أن الحديث عن الإبداع والابتكار وإقامة فعاليات للمبدعين والمبتكرين أخذ جل وقت واهتمام الجهات المعنية بالمنشآت الصغيرة والمتوسطة، وكأن هذه المنشآت تتمثل فقط في هذا المجال وتنحصر فقط في هذه الفئة. صحيح أن هذا المجال بحاجة إلى الالتفاتة والدعم والتشجيع، كما هو الحال في شأن المبدعين والمبتكرين، ولكن نطاق ذلك النوع من المنشآت نطاق واسع وعريض ومتعدد ومنتشر جغرافيا على مساحة واسعة في كافة مناطق ومحافظات المملكة، مما يتطلب معه توسيع الدائرة للعناية بكل أشكال وأحجام وأنواع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، التقليدي منها والجديد الذي يحمل إبداعا وابتكارا. ان النزول لواقع تلك المنشآت ومعالجة ما تعانيه من قبل العديد من الجهات الحكومية نتيجة إجراءاتها ومتطلباتها المتعددة، والعمل على استثناء هذا النوع من المنشآت من بعض الرسوم الحكومية، على الأقل في سنوات التأسيس الأولى، ودعم وتشجيع، بل توعية وتثقيف وتوجيه أبناء مدن المملكة ومحافظاتها المختلفة بعيدا عن المدن الثلاث الرئيسة، بأهمية الدخول إلى عالم المال والأعمال، هو الأمر الذي يحتاج الاهتمام والمعالجة، ولعل تصريح معالي وزير التجارة والاستثمار الأخير الذي وعد فيه بإنهاء كافة الإجراءات المطلوبة لتأسيس تلك المنشآت في مكان واحد وفي مدة وجيزة لا تتعدى الشهر هو البداية الصحيحة لمعالجة الخلل.