قال محمد محسن أبو النور، الباحث المصري المتخصص في العلاقات الدولية والخبير في الشؤون الإيرانية، إن إيران تستخدم المذهب الشيعي كواجهة وستار للطموح الجيواستراتيجي والطموح السياسي وكأداة لتحقيق المكاسب الاقتصادية، وهي وسيلة إيران منذ أيام الشاه للسيطرة على الشعوب الأخرى، مشيراً أن إيران وحزب الله ليس لديهم توجهات شيعية، فحزب الله ينتهج مذهباً مرفوضاً من جمهور الفقهاء الشيعة وهو مذهب «ولاية الفقيه» أي أن كل الشيعة في العالم يدينون إلى عاصمة الخلافة الإسلامية الموجودة في طهران، وأن الولي الفقيه هو الخميني ومن بعده خامنئي. وأكد أبو النور في حوار خاص ل»الرياض» أن قطر يحكمها ثلاثة أشخاص هم: محمد علي جعفري قائد الحرس الثوري الإيراني، وحسين طائب رئيس دائرة استخبارات الحرس الثوري الإيراني، وقاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني. * كيف رأيت موقف الجامعة العربية الأخير بعد اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب بخصوص التهديد الإيراني للمنطقة؟ * القرار كان تاريخياً ومهماً جداً، وأول قرار يصدر من نوعه في تاريخ الجامعة العربية بالكامل يدين بشكل صريح وواضح الموقف الإيراني في الإقليم في السنوات الأخيرة، هذا القرار كان بمثابة إعلان أن حالة الرخاوة في المنطقة العربية انتهت، لأن إيران استغلت كل حالات الرخاوة في السنوات الماضية وتدخلت في سورية والعراق واليمن والآن في ليبيا، ولها علاقات محكومة الوفاق في معظم الملفات السائلة بعد الربيع العربي، ولكن نظراً لقرار الجامعة بهذا الشكل فهذا إشارة بأن حالة السيولة انتهت وأن هناك حائط صد قوياً يبنيه العرب بشكل موحد ضد إيران، لا سيما وأنه لا توجد أي حكومة تقف مع إيران حالياً باستثناء حكومة العراق لأسباب معقدة وجزء من حكومة لبنان لأسباب معقدة أيضاً، ومعنى ذلك أن 20 حكومة عربية ضد إيران شكلاً وموضوعاً. * وهل ترى أن الجامعة العربية عليها اللجوء لمجلس الأمن في المراحل المقبلة؟ * هذا سيكون الخيار الوحيد، لا سيما ونحن رأينا الرئيس حسن روحاني لا يريد اللجوء لحل سياسي، فقال إن الحرس الثوري من حقه تطوير برنامج الصاروخ الباليستي ومن حقه الدخول في العمليات الخارجية مثل الملف السوري واليمني والعراقي، وكل هذه الأمور تشير إلى أن القرار المقبل سيكون دعوة عربية للذهاب إلى مجلس الأمن أو الأممالمتحدة. * كيف ترى مساعي إيران في الشرق الأوسط؟ * إيران تريد أن تحصل على مكاسب سياسية واقتصادية وجيواستراتيجة في الإقليم، ومن خلال هذه المكاسب تحقيق المد الشيعي عن طريق تحويل أكبر قدر ممكن من الكتل السنية في العالم الإسلامي إلى كتل شيعية، وتفعل ذلك حتى في أفريقيا ونيجيريا وأوغندا ومؤخراً مع الروهينغا في معسكرات "كوكس بزار" على الحدود مع بنغلاديش، فتريد أن تستخدم المذهب الشيعي كواجهة وستار للطموح الجيواستراتيجي والطموح السياسي وكأداة لتحقيق المكاسب الاقتصادية، وليس المذهب الشيعي هو الهدف، هو وسيلة تستخدمها إيران منذ أيام الشاه للسيطرة على الشعوب الأخرى. * ماذا لو استمر الدعم الإيراني بالسلاح والمال للحوثيين؟ * لو استمر الدعم الإيراني للحوثيين بهذه الوتيرة فإن الصواريخ التي تمد بها إيران الحوثيين لن تضر المملكة فقط بل ستضطر كل الدول العربية وسيطال الخطر الجميع بلا استثناء، لأن صاروخ "بركان H2" الذي تطوره إيران وتعطيه للحوثيين مداه 900 كيلو تقريباً، فمن صعدة إلى الرياض، ومن صعدة إلى دبي، ومن صعدة إلى كل ممرات الملاحة في البحر الأحمر أقل من 900 كيلو، ومعنى ذلك أن هذه الصواريخ قادرة على تهديد كل الأمن القومي العربي، ورأيي أن تقف كل الدول الكبرى في المنطقة العربية تقف موقفاً حازماً تجاه إيران في تلك النقطة بالتحديد. * وكيف تواجه لبنان هيمنة وتهديد حزب الله؟ * الموضوع في لبنان معقد جداً منذ عام 1989م عند توقيع اتفاقية الطائف في المملكة وانتهاء الحرب الأهلية اللبنانية في 1990م، وهذه الحرب التي بدأت منذ عام 1975م كان الفضل لله ثم للمملكة أنها أنهت هذه الحرب؛ لأنها استضافت كل الأطياف اللبنانية وفي الطائف اتفقوا على تسوية ومحاصصة سياسية، ولكن ما الذي يمكن عمله حتى يكف حزب الله عن تلك الممارسات العدائية خارج لبنان؟ على حزب الله أن يعمل بمبدأ النأي بالنفس الذي قال عنه رئيس الوزراء سعد الحريري، ولا يتدخل حزب الله في الدول العربية ولا يرسل مستشارين وخبراء عسكريين لتركيب الصواريخ في صعدة ثم يطلقونها على الرياض والدول العربية، وثانياً على حزب الله أن يتخلى عن مذهب ولاية الفقيه، نحن لسنا ضد الشيعة لكن حزب الله لا ينتهج المنهج الشيعي أو الاثني عشري، فهو ينتهج مذهباً مرفوضاً من جمهور الفقهاء الشيعة وهو مذهب "ولاية الفقيه" أي أن كل الشيعة في العالم يدينون إلى عاصمة الخلافة الإسلامية الموجودة في طهران، وأن الولي الفقيه هو الخميني ومن بعده خامنئي. فالآن حسن نصر الله ليس مواطناً لبنانياً، بل هو مواطن يتبع إيران. * هل ترى أن إيران ستستأنف السعي إلى امتلاك سلاح نووي في غضون 10 إلى 15 عاماً، بعد زوال القيود التي فرضها الاتفاق؟ * بالتأكيد، هناك بند "الغروب sunset" في الاتفاق النووي يقضي بمواصلة أو استمرار تخصيب اليورانيوم وفق عدد كبير من أجهزة الطرد المركزي تدريجياً بعد 10 سنوات، وهذا البند هو الذي يغضب الرئيس الأميركي دونالد ترمب الآن، وترمب يرى أن إيران سوف تعيد إنتاج الأسلحة النووية أو الرؤوس النووية التي تحملها تلك الصواريخ بعد تقريباً 10 سنوات، وبالتالي إيران إذا كانت ملتزمة بالفعل بمخرجات الاتفاق النووي وليس لديها مفاعلات سرية في موقع بارشين العسكري على سبيل المثال وموقع فوردو المحصن، كل هذه المفاعلات هناك بها أجزاء سرية لا يعرف عنها أحد شيئاً، فإذا كانت لا تطور في هذه المفاعلات وهي تعمل فيها حتى هذه اللحظة فإنها سوف تمتلك السلاح النووي بعد 10 سنوات، هناك قاعدة في العلوم النووية تسمى "حافة الامتلاك النووي"، وإيران الآن عند هذه الحافة مثل اليابان على سبيل المثال في أي لحظة تستطيع أن تنتج سلاحاً نووياً ولديها كل المعارف، فعلى الغرب أن لا يعمل على أن تكون إيران لا تنتج سلاحاً نووياً، ولكن على أن يحصل على المعارف التي لدى إيران التي بمقتضاها يمكن لها أن تنتج سلاحاً نووياً. *اتفاق "عرسال" بين حزب الله والنصرة هل يعيد الاتصال بين القاعدة وإيران؟ * موضوع جرود "عرسال" مهم جداً يشي بثلاثة أمور؛ الأول أن هذه الحرب سياسية للحصول على مكاسب سياسية واستراتيجية وليست حرباً عقائدية بين سنة "جبهة النصرة" وشيعة "حزب الله"، الأمر الثاني هو أن حزب الله وإيران يفعلون ما في صالحهم بغض النظر عن العقيدة وهذا يثبت أن إيران وحزب الله ليس لديهم توجهات شيعية لكنها توجهات سياسية ويستخدمون المذهب الشيعي كواجهة، الأمر الثالث هو تعميق العلاقات الإيرانية بكل الجماعات الإرهابية، إيران لديها علاقة عميقة تاريخياً مع القاعدة، والآن لديها علاقات مع طالبان علانية، كما تأوي إيران معظم قادة الجماعات التكفيرية في العالم كأسرة "بن لادن" وأسرة "خالد الإسلامبولي"، وإيران لديها علاقات مع معظم قادة "جبهة النصرة" وهم الآن ينشقون لأسباب معقدة وسيكونون جماعة أخرى وهذه الجماعة الجديدة ستكون موالية لإيران وسيكون مقرها في إدلب بسورية، وبالتالي كل هذه العوامل تؤكد أن إيران لديها علاقات عميقة مع الجماعات الإرهابية. * كيف تقيم مواقف الولاياتالمتحدة في عهد ترمب تجاه إيران؟ * ترمب لديه استراتيجية جديدة أبرز ما يميزها أنها حاسمة وواضحة، وليست كاستراتيجية أوباما، ترمب رجل صريح ويسمي الأشياء بمسمياتها ويقول إن إيران إرهابية وحزب الله إرهابي، وأعتقد أن ترمب لو واصل العمل بشكل أكثر فاعلية على الأرض مع الدول العربية سيؤدي إلى نجاح هذه الاستراتيجية. * قلت إن قائد الحرس الثوري الإيراني هو الحاكم الفعلي لقطر.. فكيف ترتب من يحكم قطر؟ * يحكم قطر 3 أشخاص، محمد علي جعفري قائد الحرس الثوري الإيراني، وحسين طائب رئيس دائرة استخبارات الحرس الثوري الإيراني وهذا أخطر رجل في إيران حالياً وهو الذي يضع كل الخطط الاستراتيجية لإرسال الجنود للدوحة وإرسال الأسلحة عبر القوارب الزجاجية الغاطسة من إريتريا إلى الحديدة في اليمن وهو صاحب فكرة إرسال جنود "فيلق القدس" إلى الدوحة بزي مدني وبجوازات سفر باكستانية، والشخص الثالث هو قاسم سليماني وهو يعامل في إيران كبطل قومي وخطورته أنه يستمد شرعية من المجتمع والدولة وهذا الرجل يدير بنفسه العمليات علنا في مدينة البوكمال السورية حتى يحافظ على الخط البري الواصل ما بين إيران وحزب الله، وفي كركوك قاد المعركة على أرض الواقع بنفسه، ويذهب إلى اليمن كل أسبوع مرة لمقابلة الحوثيين. * وكيف يمكن القضاء على أذرع إيران في المنطقة؟ * قطع هذه الأذرع يأتي عن طريق توعية الشعوب بأن إيران ليست حامية الشيعة وكل هذه شعارات يتم الترويج لها حتى تحقق إيران مكاسب سياسية، ودعوة الدول العربية والشعوب للتفكير في الدستور الإيراني وقراءة المواد 151 و154 وهي مواد تشير صراحة إلى أن إيران تحمي الشيعة على مستوى العالم، وهذا خطر جداً لأن هذه البنود معناها تدخل إيران بشكل صريح وسافر في شؤون الدول الأخرى. محمد محسن أبو النور يتحدث للزميل حسين البدوي