إن رغبة بعض الأسر في الانفتاح والتغيير تجعلها تتخلى عن قيم وأخلاق جوهرية فتجبر طفلها على الظهور أو تفتح أمامه مجال التأثر بالشهرة وتسمح له بالانصياع التام.. فمتى يكون للطفل حق الاختيار؟ ومتى ينعدم هذا الحق؟ بعض الخيارات لا يجب أن تكون متاحة أمام الأطفال، ناهيك عن الاختيار بالإجبار بوضع طفل رغمًا عنه في مكان ما. سوف يعايش في كلا الخيارين حياة مليئة بالضغوط النفسية وقد يلجأ لقراراتٍ أو يتعرض لظروف قد لا يمر بها الطفل العادي، ولربما يتعرّف على أمور ليست من حقه ويتقمص شخصية تختلف عن طبيعته أو تسيطر عليه الشهرة. إن تعود الطفل على إيصال فكرته بسهولة لأعداد كثيرة سينجم عنه حب ذات وغرور، فماذا لو فقد سحره كيف ستكون نهايته؟ حتى نتلافى هذه الظاهرة -التي يكون خلفها دائمًا قلة الوعي وهي السبب الأول والرئيس- لمَ لا يتم وضع بند في حقوق الطفل يتمثل بعدم تعريض الأطفال للأضواء بالشكل المؤدي إلى حرمانه من أبسط حقوقه كاللعب والاستمتاع في الأماكن العامة وممارسة حياته الطبيعية؟ فالشهرة ليست خطأً؛ لكن انتهاك براءة الطفل وحرمانه وتعرضه إلى التنافس والمقارنات والنقد السلبي في هذه السن قد يولد حجماً هائلاً من التوتر والانتكاس، وبالمقابل تتم محاسبة الأبوين في حالة التجاوز.. وفي ضوء ذلك يتم وضع لجنة رقابية فعالة على مواهب الأطفال المشاهير، فبروز موهبة معينة لدى الطفل تعني احتياجه إلى الاهتمام بها وتوجيهها بمسارٍ صحيح لا استغلالها، فضحكة جميلة، أو أداء بريء أو ذكاء أو قوة شخصية أو موهبة أخرى بوسعها التأثير سلبًا على شخصية الطفل إذا تم التعامل معها بشكل خاطئ. إضافة إلى ذلك تحديد مواعيد دورية مع أخصائي نفسي يتابع حالة الطفل ويتأكد من سلامته وخلو تفكيره من أي أفكار تؤذيه ويقرر ما إذا كان بوسع الطفل التحمل أو الابتعاد، ثم تصميم نظام تشغيل للأجهزة الذكية تتمتع بخاصية الرقابة الخضراء -الرقابة الأبوية- لتمنع وصول أي مفردات أو مواد غير لائقة لتحفظ براءته. تمنيت لو أن شهرة الأطفال اقتصرت على مواهبهم الجميلة إلا أنها مع الأسف تعدت حدود المشكلة وأصبحت آفة أصابت بعض أطفالنا، وظاهرة العصر التي تآكلت فيها براءتهم.. إن أحوج ما نحتاج إليه بعد التعديل في بنود حقوق الطفل هو برامج تثقف المجتمع بأهمية مرحلة الطفولة فنحن نطمح إلى مجتمع واع نبني فيه مستقبلاً باهراً، فلماذا لا نبدأ من أطفالنا؟