تمرُّ وزارة التعليم بتجارب كثيرة لتوظيف حراس المدارس للبنين والبنات، وكم سمعنا وقرأنا عن مئات الحوادث المأساوية داخل أو خارج المدارس بسبب عدم وجود الحراس المؤهلين والحارسات المؤهلات أمنياً لمجابهة مثل هذه الحوادث، أو الحيلولة دون وقوعها. ما يجعل مدارسنا بحاجة لمنظومة أمنية كبيرة، كتغطيتها بكاميرات مراقبة، واختيار الحراس الأكفاء من الجنسين. ولكن حتى الآن لم تفلح وزارة التعليم في اختيار الأصلح والأنفع خصوصاً في تعيين الحراس، لأن توجهها ينصب على تعيين كبار السن، غير المدربين، أو المستبعدين بسبب كبر سنهم، وعدم حصولهم على مؤهلات مناسبة. وهذه النوعية من الحراس لن يستفاد منهم بالشكل المطلوب. ولكن ماذا لو تم الاستفادة من توظيف العسكريين المتقاعدين من الجنسين في حراسة المدارس، خصوصاً من تقل أعمارهم عن 55 عاماً، ممن كانوا يعملون في مجال الحراسات الأمنية الحكومية، والذين تدربوا وامتهنوا هذا العمل بالذات لسنوات طوال، ولو تمت الاستفادة منهم لتحقق المطلوب، فهم مؤهلون ومدربون جاهزون، ولديهم خبرات لاتقل عن 20 عاماً في المجال الأمني. "جهود لم تفلح" والكل يدرك أن وزارة التعليم مطالبة بتوفير الأمن والسلامة لما يقارب 40 ألف منشأة تعليمية في المملكة، تضم أكثر من 7 ملايين طالب وطالبة في مختلف المراحل التعليمية، وآلاف المعلمين والمعلمات، والإداريين والإداريات يعملون في هذه المنشآت، فضلاً عن إشكالية التباين الواضح في المنشآت التعليمية، بين مبانٍ تعليمية مجهزة وحديثة، وأخرى مستأجرة تعاني من مشكلات فنية كثيرة. إلا أن جهودها لم تفلح حتى الآن بالوصول لآلية محددة، تنهي معاناة الحراسات الأمنية بالمدارس. مسؤول في وزارة التعليم، سبق وأن صرح قبل 7 سنوات أن الوزراة أنهت دراسة متكاملة حول حراسات المدارس، وأوصت بإسناد مهمة الحراسات للشركات الأمنية المتخصصة، مضيفاً: إنّ تلك الدراسات المتعددة حول أوضاع حراس المدارس خلصت إلى أهمية وضرورة توكيل مهام الحراسة الكاملة للمنشآت التعليمية لشركات أمنية، بحيث يتم توفير حراس أمن على مدار ال 24 ساعة بدلاً من حراس كبار السن يعانون عدة مصاعب كبطء الحركة وقصر النظر وثقل السمع، وعدم وجودهم بعد الدوام الرسمي ونهاية الأسبوع، وإيكال ذلك للشركات الأمنية المتخصصة، وأشار المسؤول في حديثه إلى تعرض العديد من المدارس على مستوى المملكة باستمرار لعمليات العبث والسرقة والنهب للأجهزة الكهربائية ولمبالغ مالية خاصة أيام نهاية الأسبوع وفترة الاختبارات وأيام الإجازات الرسمية، ما يستدعي سرعة التدخل بإيجاد شركات متخصصة بحراسة تلك المدارس على مدار الساعة وبشكل دوري ودائم. مصادر أكدت أن الوزارة قد أقرت من شروطها لشغل حراس المدارس، ألا يكونوا متقاعدين من وظيفة حكومية أو تأمينات اجتماعية، وهذا بالتأكيد لن يفسح المجال لإلحاق العسكريين المتقاعدين في العمل في حراسة المدارس حتى ولو كانت تقل أعمارهم عن 60 عاماً. "متقاعدو الأمن" السؤال.. ما الذي يمنع من الاستفادة من خبرات ومؤهلات العسكريين المتقاعدين الراغبين بالعمل بعد التقاعد، وتوظيفهم في حراسة أمن المدارس واستثنائهم من الشرط أعلاه؟. لماذا لم يتم حتى الآن تأسيس شركات حراسات أمنية تابعة لشركة تطوير؟، وإشراك حراس الأمن من العسكريين المتقاعدين من الجنسين، في أسهمها لتقوية ولائهم لهذه الشركة التي سيعملون بها وتعنى في حراسة كافة المنشآت التعليمية وخصوصاً مدارس البنين والبنات، إضافة لتعيين حراس وحارسات مدربين ومدربات داخل كل مدرسة بنين وبنات. "الرياض" اتصلت بمدير عام إدارة الأمن والسلامة المدرسية بوزارة التعليم د. ماجد الحربي، ووجهت له هذا السؤال.. هل تؤيد توظيف العسكريين المتقاعدين في حراسة المدارس؟ فقال: بلا شك من لديهم خبرات أمنية سابقة ستكون لديهم مهارات إضافية تساهم بنجاح عملهم في الحراسات الأمنية للمدارس. وأضاف: نعم الاهتمام ينصب في تعيين الأفضل والأقدر للقيام بهذه المهمة. وبين د. الحربي أن حراسة المدارس تحتاج لمواصفات محددة من حيث العمر والحالة الاجتماعية والقدرة على التعامل مع وسائل السلامة وحسن التعامل مع الطلاب والزائرين للمدرسة وخلوه من السوابق. وعدّد جهود وزارة التعليم لتعزيز معايير الأمن والسلامة في المدارس وقال: "هناك ما يسمى بالأمن المدرسي، وهو ما نجد فيه صعوبات كثيرة، وتحاول الوزارة حلها، على سبيل المثال، تحاول الوزارة تغيير المفهوم القائل: إن المدارس هي الحلقة الأضعف، التي يمكن لأي شخص أن يدخلها في أي وقت، وسعت الوزارة للقضاء على هذا المفهوم، بتخصيص مكاتب أمامية، تقضي حاجات أولياء الأمور، دون أن يدخلوا إلى المدارس، كما تم استحداث آلاف الوظائف لحراس الأمن، وتوزيعهم على المدارس، وهؤلاء الحراس عملوا على إعادة الهيبة للمدرسة، كما توجد مبادرة تعليمية، تندرج ضمن برنامج التحول الوطني 2020، وتحتوي هذه المبادرة على ثلاثة مشروعات، تركّز جميعها على إنشاء شركة حراسة أمنية. وأوضح الدكتور ماجد الحربي أن مبادرة الحراسة في المدارس، مطبقة في عدد من المدارس وسيتم تطبيقها على آلاف المدارس مستقبلاً ليصل العدد الإجمالي إلى 9000 مدرسة في 2020"، مبيناً أن "المؤشرات الأولية لهذه المبادرة تشير إلى اكتساب المزيد من الخبرات في معالجة المشكلات". وقال: "هناك مشروع يختص بالحراسة الأمنية، سيكون له تأثير كبير على تعزيز جوانب الأمن في المدارس بإذن الله. "نقص الحراس" وكشفت وزارة التعليم قبل 6 سنوات أن الحاجة قائمة وملحة لإيجاد وظائف للحراس بسبب كثرة السرقات، ولكن حتى هذا اليوم لم يتحقق المنشود. وأظهر تقرير لها أن الأمر يستلزم إحداث 48 ألف وظيفة لحراسة المباني الإدارية بديوان الوزارة وبإدارات التعليم بالمناطق والمحافظات واحتياج المدارس. وقدَّرت الوزارة تكلفة الرواتب والبدلات لها بأكثر من (3،2) مليارات ريال إضافة إلى التكاليف المطلوبة لتحقيق الجوانب الأمنية من كاميرات وأجهزة مراقبة ورصد ما يتطلب توفير مبلغ مالي لا يقل عن 200 مليون ريال . وكشفت الوزارة أيضاً في أحد تقاريرها السنوية عن إدراج طلب إسناد الحراسات الأمنية إلى شركة أمنية متخصصة كبرنامج مستقل يتم تشغيله عن طريق القطاع الخاص للاستفادة من التقنية الحديثة لرفع كفاءة الأداء وتم تقدير التكلفة الكلية للمشروع من خلال التواصل مع الشركات المتخصصة بمبلغ(2) مليار و782 مليوناً و497 ألف ريال، ورأت أنه سيحقق وفراً مالياً يقدر بأكثر من 527 مليون ريال. وأوضحت الوزارة أنه من الممكن أن يبدأ البرنامج بشكل تدريجي وعلى مراحل، كما يمكن أن يشمل الأمن داخل المدرسة خصوصاً لمدارس تعليم البنات. مسؤول في وزارة التعليم اعترف أن هناك نقصاً كبيراً في حراس المدارس، مؤكداً: إذا تحدثنا عن العدد المثالي لحراس كل مدرسة، فيفترض أن يصل إلى ثلاثة حراس، ولكن في ظل النقص، لا يوجد إلا حارس واحد، ونحرص على تواجده طيلة فترة الدوام الدراسي، وقد وافق وزير التعليم على تغطية الأسوار الخارجية للمدارس بكاميرات للمراقبة"، مشيراً إلى أن "الحراس الذين يتم تأهليهم، تدربوا على الكثير من الأمور، مثل كيفية التعامل مع الطلاب، وكيفية التعامل مع كل الحالات التي يتعرضون لها". رجل مُسن يعمل حارس مدرسة د. ماجد الحربي