غيّرت قنوات التواصل الاجتماعي توجهات بعض الشابات في امتهان نوع العمل الذي يرغبن الشروع به بشكل لم يكن موجوداً من قبل، حيث ظهرت مؤخراً وعبر "السناب شات" و"الإنستغرام" بعض الشابات يقمن بالترويج عن منتجات تتعلق بالجمال سواء من الماكياج أو أحدث صيحات عمليات التجميل والنقش بالحناء ونوع العباءة الموجودة في الأسواق فتظهر المرأة بمكياج بارز، وهي تنقش الحناء على يديها بطريقة ملفتة كنوع من الدعاية لمن نقشت الحناء، في حين ترتدي البعض منهن العباءة بألوان وأشكال مختلفة كنوع من الدعاية، وتظهر هذه السنابات مثل هؤلاء الشابات وهن يتجولن عبر المولات ليدخلن المحلات التجارية ويبدأن بالتسويق، وعادةً ما تطلب مثل تلك المحلات من هؤلاء المتسوقات التسويق لها بقدر مالي محدد بسبب امتلاكها لمتابعين عبر السناب شات يصل للملايين أو المئات. وعلى الرغم من أن هذا أسلوب جديد في التسويق الإلكتروني أصبح يطلبه العديد من المحلات التجارية لم يعتد عليه المجتمع، إلاّ أن الإشكالية ليست في الفكرة بل في العرض الذي أصبح يتقاطع مع تحول المرأة إلى عارضة إلكترونية عبر إبرازها لجمالها ومظهرها الخارجي بطريقة أشبه بالعارضات، وهي الحالة التي لم يعتد عليها المجتمع السعودي والتي يرفض تقبلها من منطلق الدين والعادات والتقاليد، في حين ينال هذا الأسلوب إعجاب الكثيرين من فئات المجتمع خاصةً الشباب والشابات، وهذا ما يبرر وصول عدد المتابعين لدى هؤلاء المسوقات إلى مئات الآلاف. والسؤال هنا: هل يخدم هذا النوع من التسويق المرأة بإظهارها بالصورة التي يضعها في مكانها الطبيعي ضمن السياق العام الذي يحترم فيه المجتمع المرأة؟، ولماذا ابتكرت بعض الشابات مثل هذا التسويق الذي يبرزها كأنثى في الوقت الذي هناك الكثير من الابتكارات النسائية الوظيفية التي تحتاج إلى الدعم في المجتمع؟، وهل يمثل هذا النوع من العمل خروجاً عن دائرة المجتمع أم رغبة في البروز والظهور؟. بضائع مخفضة من الجيد استغلال قنوات التواصل الاجتماعي في عمل تجاري يجني أرباحاً مالية جيدة ذلك ما أشارت إليه نرجس عبدالحفيظ -مسوقة- حيث تمتهن هذه المهنة منذ أكثر من سنة وتحاول أن تعرض الكثير من المنتجات التي تتبضعها من المحلات التجارية الشهيرة إلاّ أنها لا تقوم بالتسويق لتلك المنتجات من خلال استعراضها لنفسها في السناب شات والإنستغرام، وإنما من خلال صوتها الذي تتحدث من خلاله عن أهم المحلات والمعارض التجارية التي تقوم بالإعلان عن تخفيضات كبيرة تهم شريحة السيدات حتى يستغلها السيدات من خلال الذهاب لتلك العروض، وقد وجدت الكثير من الشهرة والمتابعة والفائدة من هذا النوع من التسويق، حتى أنها تلقت الكثير من العروض من قبل تلك المحلات التجارية من أجل الترويج لفترة التخفيضات التي يقومون بها بين الفترة والأخرى مقابل عرض مادي محدد، مبينةً أنها بدأت هذا التسويق في بداية الأمر من منطلق الرغبة والمحبة للتبضع وعرض تخفيضات المحلات التجارية إلاّ أنها لم تتوقع أن تجد تفاعلاً كبيراً يمكنها من الحصول على عروض كثيرة مقابل هذا التسويق. غير مقبول ورأت عزة الجبير -تعمل كمعلمة- أن هذا النوع من الأسلوب في العرض والذي تقدمه بعض السيدات عبر السناب شات وعبر الإنستغرام وقنوات التواصل الأخرى غير مقبول اجتماعياً، حتى إن وجدت هذه العارضة الكثير من المتابعين، فكثرة المتابعين لا يعكس رضا المجتمع وهو ليس شرطاً على أن ذلك محل استحسان لدى الجميع، فللأسف نحن اليوم أصبحنا نضيف ونتابع الكثيرين حتى إن كان حسابهم مسطح أو مدعاة للسخرية فقط لأن مقطع واحد انتشر له، ومن أسهم في انتشاره بعض المهتمين بذلك النوع من التسطيح، وللأسف أن هناك بعض السيدات يظهرن بطريقة غير لائقة فتستخدم جمالها واهتمامها بشكلها الخارجي من منطلق التسويق لمنتجات لم تدع إلى التسويق إليها، إنما قدمت نفسها بذلك الشكل فوجدت استحسان وقبول من البعض وهي الحالة الطبيعية لمثل هؤلاء السيدات، فالحقيقة أن هناك الكثير من الأشخاص ممن يتابعون أي سيدة ويتملكهم الفضول نحو ما تفعل وتقدم خاصةً إنها تبدأ بفعل شيء يتطلب جرأة عن غيرها، وهذا ما يحدث حينما تشتهر واحدة من هؤلاء إلاّ أن الإشكالية ليست في مبدأ التسويق إنما حينما تضع المرأة نفسها موضع العرض والطلب من منطلق جمالها. هوامش أرباح وبرزت سمرة كخبيرة في الماكياج وفن الميك أب من خلال عملها في المنزل، وقد بدأت في تلك الفترة بنشر مقاطع من صور لمكياجها وبعض الماركات التي تستخدمها في التلوين ورسم العينين إلاّ أن ذلك سرعان ما تغير بخروجها عن النسق بتصويرها للكثير من المنتجات عبر استعراضها لشكل بشرتها، ولنفخ الخدود الذي قامت به عند دكتور للتجميل فتصور نفسها في العيادة، وصولاً إلى التسويق لعباءات ترتديها في المحل الذي ترغب في التسويق له، حتى جنت أموالاً كثيرة جراء هذا العمل، في حين وصل عدد متابعيها عبر قنوات التواصل الاجتماعي إلى الآلاف، مبينةً أن هذا العمل يدخل ضمن العمل الشريف والمبتكر للمرأة وهو عمل ليس له علاقة بالأخلاق والسلوكيات، فالمشكلة في مجتمع يرفض الجديد، مؤكدةً على أن هناك الكثير من تعليقات الشتم تصل إليها عبر الإنستغرام، وهناك من دعاها إلى التوبة. عمل عن بُعد ومن الملاحظ للجميع التغير الكبير الذي يمر به المجتمع في جميع النواحي خاصةً في كثافة استخدام التقنية والأجهزة الذكية إلاّ أن عضو هيئة التدريس بكلية إدارة الأعمال د. سعاد المشعل ترى أن من الممارسات الإيجابية نتيجة لهذا التغيير توجه الكثير من الشابات السعوديات للدخول في السوق عن طريق استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة السناب شات للتسويق لمنتجات عديدة سواء كانت للماكياج أو الملابس أو الحلويات، وهذه الطريقة تتيح الفرصة للجميع لممارسة العمل عن بُعد بأقل التكاليف، ولكن من الجيد الإشارة إلى ما قد يتخلل هذه الأعمال من بعض الممارسات السلبية من إبراز المظهر أو جزء منه بحجة التسويق للمنتج، كما يلاحظ كذلك ازدياد عدد المستخدمين لوسائل التواصل الاجتماعي مما يسهل عملية الإعلان للمنتجات بدون أسس سليمة مما يفقدها الكثير من المصداقية، ونتيجة لذلك نلاحظ التغير في بعض العادات والقناعات في المجتمع وأصبح البعض يقتدي بشخصيات غير مناسبة أو لا تصلح لمجتمع محافظ، ففي الواقع التسويق علم وفن لا يتطلب القيام بأعمال تتنافى مع الدين والأخلاق لنجاح المنتج، كما من الجيد التوضيح أن التسويق الإلكتروني وسيلة سريعة ومنخفضة التكلفة وتلغي الحدود الجغرافية، ولكن لا تعني انعدام الخصوصية والاهتمام بالربح فقط على حساب الجودة. وأضافت: التسويق الإلكتروني ساهم في الكثير من التغييرات بسبب توفر قنوات التواصل في متناول الجميع، ولكن مما لا شك فيه أن قواعد التسويق ومبادئه واحدة ولا تتغير بتغير طريقة التسويق أو نوعه، وأخيراً يجب احترام الذوق العام والتقيد بالأخلاق في جميع ما نقوم به من أعمال، سواء كانت ربحية أم غير ربحية للوصول إلى مجتمع معرفي واعٍ ومتقدم.