إن رفاهية المواطنين وتحسين مستوى معيشتهم يحدث من خلال تحسين مستوى أجورهم وتوظيف العاطلين منهم والباحثين عن عمل بما يتناغم مع أهداف رؤية 2030. وبهذا أصبح من الضروري وضع حد أدنى لأجور السعوديين الشهرية وكذلك لكل ساعة عمل لمن أراد أن يعمل جزئياً بما يتناسب مع تكلفة الحياة المعيشية حالياً ومستقبلياً. وهنا نقصد بتكلفة المعيشة توفير ما يكفي من غذاء وملبس ومأوى وأي خدمات ضرورية تمثل الحد الأدنى مما تحتاجه أي أسرة سعودية في المجتمع. إن وضع حد أدنى لأجور العاملين السعوديين سيمنع أصحاب العمل من استغلال هؤلاء العاملين الذين يعانون من أعباء الحياة ويرفع من روحهم المعنوية ومن إنتاجيتهم التي تزيد كلما زاد دخلهم. أما على مستوى المنشأة فإنه يرفع من كفاءة إنتاجية هؤلاء العاملين ويزيدها، مما يعزز قدرة المنشأة على المنافسة واختراق أسواق جديدة. كما أنه يحد من دوران وتسرب العمالة لديها والذي بدوره يحد من إعادة التدريب وزيادة التكاليف. إن معظم البلدان التي تطبق الحد الأدنى للأجور لا تسيطر العمالة الأجنبية على أسواقها كما هي الحال لدينا، فنحن أولى بتطبيقه على سوقنا الذي تجاوزت فيه العمالة الأجنبية 78 % من عمالة القطاع الخاص. وهذا يؤكد ضرورة تحديد الحد الأدنى لأجور السعوديين والذي تتفوق إيجابياته بكثير على سلبياته، حيث إنه يعكس متوسط أجور سوق العمل السائد. وهذا سيحفز النمو الاقتصادي مع ارتفاع القوة الشرائية للعاملين السعوديين بزيادة دخولهم وتوظيف العاطلين منهم، مما سيزيد الطلب على السلع والخدمات ويخلق بيئة أعمال داعمة لنمو المنشآت وتوسعها من خلال رفع كفاءة أعمالها التشغيلية وبالاستخدام الأفضل للتقنية بدلاً من رأس المال البشري الكثيف. كما أن المنشأة تستطيع تعويض ارتفاع الأجور بتقليص حجم العمالة الأجنبية أو ساعات العمل بما يخفض الزيادة في التكلفة دون أن يؤثر على أدائها. فقد أوضح تقرير المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية أن (493,066) مشتركاً سعودياً من إجمالي (1.670823) أو ما نسبته 30 % بلغ متوسط أجورهم أقل من 4 آلاف ريال ويلامس 3 آلاف ريال، بينما أوضحت المؤسسة العامة للإحصاء بأن متوسط أجور المشتغلين (6,195) شهرياً في نفس الفترة. وهذا يوضح الحد الأدنى للأجور من خلال التنسيق بين المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية ووزارة العمل لوضع حد أدنى لأجور السعوديين بما لا يقل عن (6000) ريال شهرياً أو (35) ريالاً للساعة وينمو سنوياً بنسبة التضخم من خلال برامج السعودة ونظام حماية الأجور، مما سيزيد دخل العامل السعودي ويرفع قيمة اشتراكه في التأمينات ليحد من عجزها الاكتواري.