تبدو آثار الزلزال المدمر الذي ضرب ايران، كمشهد خيالي يصعب تصديقه، ورغم مرور بعض الوقت ما زالت أبعاد الزلزال لا تعد ولا تحصى، ولكن في خضم هذه الكارثة هناك ما يلفت النظر في تصرف سلطات النظام إزاء هذه الكارثة، حيث وبغض النظر عما حدث هناك من ترك المصابين والمنكوبين والمشردين دون عون ليواجهوا مصيرهم في وجه البرد القارس والجوع، يحاول هذا النظام الاجرامي جاهدا التكتم على هذه الكارثة، وفي الوقت نفسه يسعى لعرقلة إيصال المساعدات إلى المنكوبين وإغلاق الطرق المنتهية بهذه المناطق بغية إعلان المساعدات من جانب الحكومة فقط هذا من جهة، ومن جهة اخرى منع تشكل الاحتجاجات الاجتماعية وبروز حالة الغضب الشعبية على الواجهة كما يبدو من مشاهد الحشد العسكري الصريح في المناطق المنكوبة عوض إرسال المساعدات وإعلان التعبئة لإغاثة وإنقاذ الأهالي المنكوبين، ناهيك عن أن هناك وجود فئة بعينها لا تقوم بشيء سوى نهب ممتلكات المنكوبين وممارسة القمع ضدهم. وعندما نسلط الضوء على التناقض بين ما يعلنه نظام الملالي حول انهيار 60 % - 100 % من المدن والقرى المنكوبة ودمار 12 ألفاً من الوحدات السكنية (وكالة تسنيم 14 نوفمبر 2017) وما أعلنته المصادر الحكومية بأن ضحايا الزلزال 530 مواطناً والكل يعرف أن مساعدات الحكومة لإنقاذ المنكوبين ليست شيئاً يُذكر كما أعلن النظام وبشكل مثير للاشمئزاز بعد يومين من وقوع الزلزال عن انتهاء عمليات الإنقاذ، حيث لا ينطلي هذا على أحد، كما أعلن "أحمد صفري" النائب في البرلمان من كرمانشاه يوم 15 نوفمبر بأن الوضع هنا مثير للهول، وأضاف بأن عدد الضحايا أكثر من 1000 مواطن من جراء الزلزال حيث سقط فقط في زقاق واحد 70 ضحية ولم تصل الى بعض قرى المنكوبة أية مساعدة نهائياً وربما لم يستلم الخيم أكثر من 10 قرى وهناك قرى تهدمت 90 % (وكالة إيلنا 15 نوفمبر2017). وحسب تقارير الوكالات الحكومية فقد تهدمت أكثر القرى في منطقة "باباجاني" بنسبة 100 % كما ان عدد الضحايا في إحدى القرى 35 عائلة مع 18 شخصاً وفي قرية أخرى 50 عائلة بقي منها شخصان فقط. هذا في الوقت الذي يحاول فيه الأهالي انقاذ المنكوبين من تحت الأنقاض بأيد فارغة حتى بدون رفش واحد أو مِعول. والكل يعرف أن هدف النظام من إعلان نهاية عمليات الإنقاذ القول بأن الاوضاع أصبحت عادية، وهذا لا يعني الا تخوف النظام الشديد من الاحتجاجات الاجتماعية، وبينما أعلن رئيس بلدية "أزكله" وهي مدينة في مركز الزلزال يوم 14 نوفمبر "هناك أطفال بأعمار سنة واحدة أو سنتين يبيتون في البرد القارس ليلاً ولم تصل أي خيمة إليهم إطلاقاً". كما روت فتاة من نفس المنطقة المنكوبة وهي تبكي وكانت قد جاءت لمساعدة البنات والأطفال ورعايتهم بأنه "ليس هناك خيمة ولا مأوى حيث إنهم عرضة لهجوم الذئاب ليلا". وبدا واضحا أن هاجس كبح الاحتجاجات الشعبية، كان أولوية عند نظام الملالي المتوحش، قبل إغاثة منكوبي الزلزال، هذا دون العروج على منع وصول المساعدات الشعبية ونهبها وهي في الطريق إلى المنكوبين، ويأتي في هذا الاطار تصريح محمد جواد ظريف وزير الخارجية الايراني عندما قال "نشكر المجتمع الدولي على مقترحاتهم لمساعدة المنكوبين لكن إيران قادرة على إدارة أزمة زلزال كرمانشاه بالمصادر الداخلية". ولا شك أن الهدف من هكذا تصريح من قبل "ظريف" ليس إلا منع دخول المساعدات والجهات الدولية لإغاثة المنكوبين خشية ظهور الصورة الحقيقية للوضع الكارثي في المناطق المنكوبة وتقاعس سلطات النظام في تقديم الدعم الفوري والملائم لإغاثة المتضررين، الامر الذي سيعيد مجدد الجدل الداخلي لدى الشعب الإيراني، حول الصورة المقلوبة لأولوية نظامهم، الذي بدلا من حل مشاكل ومعاناة الناس ومعالجة الأوضاع في المناطق المنكوبة ينفق ثروات البلد في تدخلاته الاجرامية بالمنطقة وتسليح عملائه في سورية واليمن والعراق ولبنان. 2- مأساة إنسانية خلفها زلزال كرمانشاه