أحسنت وزارة العمل والتنمية صنعاً في إلزام المنشآت الكبيرة بوثيقة استرشادية لأخلاقيات العمل، حيث إن حماية الاعتبارات المعنوية والأخلاقية أمر بالغ الأهمية، البعض وبكل أسف يمارس أساليب لا تمت إلى الأخلاق بصلة من تضييق إلى تهميش وانتقاص في حق الآخرين ناهيك عن سرقة الجهود، هذه الأنماط الاستفزازية لا تليق بسلوك المؤمن السوي وتفتقر إلى الأمانة وأبسط قواعد التعامل الحضاري الراقي، وقد تتخذ صيغ (الاستقعاد) -إن جاز التعبير- مسارات متعددة وتغلف بأساليب وقائية لا تتيح للإثبات مجالاً بقدر ما يمنحها الأسلوب الشفهي غطاءً كئيباً لممارسات قبيحة. إن تأثير هذه الممارسات السلبية يعوق مسار التنمية والتطور فضلاً عن تشكيل أرضية اجتماعية من الكراهية والإحباط والشعور بالمرارة، إن تحقيق أعلى درجات الانسجام بين الكوادر العاملة يجب أن يرتكز على القيمة الأخلاقية في المقام الأول، وبالتالي فإن الاستقرار النفسي سيضخ المزيد من الثقة وسيحضى التركيز على الجانب الأوفر في الذهن ما ينسحب بطبيعة الحال على الدقة في الأداء، إن أي نظام كفء لا يخلو من خلفية أخلاقية كمرتكز للتعامل وتقديم خدمة راقية من واقع الالتزام الأدبي والمهني وفي إطار الود والتكامل وحسن الظن، وقد يفضي غياب العدل في العلاقة وتفضيل طرف على آخر إلى بروز هذه الممارسات حينما يخضع الاجتهاد لاعتبارات تجعل القياسات مرتعاً للمحاباة والمحسوبية، حينئذ فإن الإبداع لا يعدو أن يكون تحصيل حاصل طالما أن النتيجة واحدة سواء جدّ واجتهد أو حقق الحد الأدنى من ذلك. إن تحري الإنصاف في قياس الجهود يحتم ضبط آلية التطبيق التي يجب أن تستند على معايير موضوعية منصفة فيقال للمحسن أحسنت، والأدهى والأمر حين يجد المرء جهوده معروضة في مزاد المتسلقين على أكتافه وأكتاف الآخرين لا لشيء سوى فراغ في محتوى القيمة الأخلاقية ومركب نقص تراكمت آثاره السلبية جراء ضعف التأسيس، لاسيما الجانب التربوي، لتنسحب على تعويض هذا النقص وكيفما اتفق، وكم من جهود ابتلعها جشع النفس وساقها نهم الغرور إلى الزوايا الداكنة لتزداد كآبة كلما برع بخس الأشياء في إقصاء مصدرها ليسهم التضليل في تغييب الحقائق، فتحقيق التوازن يرتقي بمستوى الأداء نحو آفاق تستلهم الحس المهني وتفعيله، وتنمية الحس الأخلاقي وتجسيده من واقع التكاتف بين الأفراد وعبر تحقيق التآلف بين الكوادر العاملة بصيغة تستثير البذل في العطاء، فبيئة العمل المستقرة تستعصي على استنبات بذور الإحباط، وحبذا لو يرفق مع كل عقد عمل ميثاق شرف أخلاقي صفحة واحدة تتضمن آيات قرآنية وأحاديث نبوية شريفة تحث على الأمانة وحفظ الحقوق.