تقرير الوكالة الدولية للطاقة (World Energy Outlook 2017) يجعل منتجي النفط والطاقة في العالم يضربون أخماساً في أسداس. فهذا التقرير يوضح ميزان الطاقة العالمي واللاعبين الرئيسين في هذا المجال حتى عام 2040. ورغم كل ما يقال فتقرير الوكالة يعتبر من المصادر الرئيسة التي تبني عليه الدول سياستها النفطية. ولذا نرى روسيا من بين أكثر الدول التي أثار هذا التقرير قلقها. فهي تعتبر أن هذا التقرير لم ينصفها ورفع بشكل مصطنع مكانة الولاياتالمتحدة، عندما توقع ارتفاع إنتاج الغاز الصخري فيها بحلول عام 2025 بمقدار 8 ملايين برميل يوميًا. وعلى هذا الأساس فإن إنتاج أمريكا سوف يصل إلى 16.8 مليون برميل في اليوم في العام المشار إليه - مما يجعلها أكبر منتج للطاقة في العالم. وتأتي بعدها المملكة التي سوف يصل إنتاجها عام 2025م، حسب توقعات التقرير، إلى 12.3 مليون برميل في اليوم. أما روسيا فإنها ترتيبها سوف يكون الثالث، وذلك لأن انتاجها سوف ينخفض من 11.3 مليون برميل عام 2016 إلى 10.5 عام 2025م. وهذا التوجه سوف يتواصل إلى أن يصل إلى 8.6 ملايين برميل عام 2040. وعلى أي حال فإن تقرير الوكالة ليس هو الوحيد في هذا الشأن، فهناك تقارير عديدة أهمها تقرير منظمة الأقطار المصدرة للنفط "أوبك" الذي لا تتطابق تصوراته تمامًا مع تقرير الوكالة الدولية للطاقة. ورغم ذلك فإن هناك أمراً تجمع عليه التقارير وهو أن أسعار الطاقة سوف ترتفع. وهذا أمر يهم كافة البلدان المصدرة أو المستوردة للطاقة. أما بالنسبة لنا فإنه يكتسب أهمية خاصة في ضوء التوجه، ضمن رؤية المملكة 2030، لإعادة هيكلة الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط. ونحن مثلما نعرف فإن رؤية 2030 كانت رد فعل المملكة على انخفاض أسعار النفط. ولذلك فإن التوقعات بارتفاع أسعار النفط إلى 83 دولاراً للبرميل عام 2025م و111 دولاراً بحلول عام 2040م، يفترض ألا تبرد عزيمتنا. بالعكس فإن هذه التوقعات يفترض أن تضاعف من إرادتنا. فالسيناريوهات السابقة كانت تتوقع أن يتم تحقيق رؤية 2030 في ظل ظروف صعبة وغير مؤاتية. ولكن هذه التوقعات الجديدة لأسعار النفط من شأنها أن تغير المعادلة. فهي بشرى سارة لأصحاب القرار والمخططين في المملكة ولنا جميعًا. لأن الارتفاعات المتوقعة لأسعار النفط سوف تحدث جلها خلال الفترة من عام 2020م وحتى 2030م. ففي خلال هذه الفترة إذا ما ارتفعت أسعار النفط إلى 90 دولارًا للبرميل فإن من شأن ذلك أن يدعم الإصلاحات الاقتصادية المراد تنفيذها بموارد مالية كافية.